لماذا يتجوز الرجل على زوجته ؟



حمودة إسماعيلي
2013 / 11 / 7

أي شخص مقبل على الزواج كخطوة جديدة بحياته، فإنه يراه كصفحة جديدة سيكتب فيها مرحلة أخرى من حياته، وهي الصفحة التي يبدأ منها فصل الحياة التشاركية، بعد أن تعدى مرحلة العزوبية. الزواج يعتبر تكملة للشخص بإيجاد شريك حياته أو كما يسمى "بالنصف الآخر"، ومنه يصبح الإنسان مكتملا. لذلك يتم ارتداء خواتم بتلك المناسبة، كرمز لاكتمال القمر، وكرمز لقرص الشمس، فالدوائر منذ اقدم الحضارات كانت تُعبّر عن الاله، وبه فإن الإنسان في الزواج يكتمل ككائن فيتحول على إثره لكائن إلهي يمتلك خصائص الآلهة بالقدرة على الخلق والإنجاب والمساهمة في استمرار الحياة بتناسل الجنس البشري، هذا الجنس القادر على فهم الحياة وادراكها والمساهمة في رسم واقعها.

بعد الزواج، وبعد سنين من التكيف مع الحياة الجديدة، تأتي بعض الضيوف لزيارة الشريكين، كالرتابة والروتين والملل والمشاكل والخناقات. فيحس الرجل بأن الزمن يمضي والأيام نفسها تتكرر، والحياة التي كان يخطط لها ليست هي التي يعيشها، مايعني أن المتع والشباب والطاقة تضيع منه. لكن ماذا عن الزوجة ؟ يرى أغلب الرجال أنها ما إن تنجب أكثر من ولدين حتى تنشغل بهم، وبالتالي فهدفها من الحياة قد حُسِم وهذا كافٍ ليشغلها عن أي اهتمامات اخرى.

الحل طبعا هنا هو في اعادة كل شيء من البداية، غير أن الزمن لا يعود ! . لكن براعة العقل تكمن في أنه يجد حلا لأي شيء حتى لو كان على حساب التحايل على صاحب العقل. ماذا يعني هذا ؟ يعني أن سيتم قلب هذه الصفحة القديمة وبداية صفحة جديدة وذلك بأخد مبادرة زواج ثانية. يسهل تأكيد هذا الأمر ـ خاصة بمن مروا من التجربة (من النساء) ـ أن الزوجة تلاحظ بعض التصرفات الغريبة على زوجها، بزيادة بعض الاهتمام نحو نفسه ـ كأنه يسعى لأن يعود شابا ـ وذلك بالتكلف في التأنق وضخ المزيد من العطر وماسواه من أمور تدخل في الأناقة والسعي للظهور بمظهر جميل. وغالبا تشك المرأة أن زوجها على علاقة بأنثى أخرى.

الزواج الثاني يعتبر حيلة ذهنية لتجديد الحياة، فالمعني هنا قد لا يرغب في خسران زوجته ومع ذلك لا يود أن تتجمد حياته وتشيخ أطرافه في ظل حياته الاعتيادية معها. الزواج الثاني أو الثالث يعتبر حلا نسبيا يخلصه من المعضلة.

لطالما اعتُبِر الفنان "شخص ذا نظرة ثاقبة"، حتى أنه في بعض الحضارات القديمة كان تفسير ابداعه وأعماله على أنها تواصل مع الالهة (كوَحي) أو أن كائنات غيبية تسكن جسده، هي التي تدفعه لاستخراج تلك الطاقة. وهذا ما نجده في أغنية ـ ل"ملحم بركات" من كلمات "توفيق بركات" ـ تلمس الموضوع الذي نتطرق له هنا برؤية فنية عميقة، يقول فيها :

"بدي جيب عليها ضرة
العيشة معها صارت مرة
بدي جدد شبابي
واتجوز تاني مرة وثالث مرة ورابع مرة

لك مرتي ما بدي فارقها
وبنار الغيرة احرقها
بدا اتطلقني بطلقها
انا حر وهي حرة
بدي جدد شبابي
واتجوز تاني مرة وثالث مرة ورابع مرة

اللي مثلي بعدهن عِزابي
وبعدها عينيهن لبرا
بدي جدد شبابي
يا اخي بدد جدد شبابي
واتجوز ثاني مرة وثالث.. "(1).

وتعتبر النتيجة طبعا ضريبة لكل من تُقدّم حياتها وشبابها لسلطة الرجل، أي أنه يتجوز عليها ليتحول دورها لخادمة فقط أو مربية لأبنائه. لأن هذا هو الدور الذي عكسته لرجل يرى أن مؤسسة الزواج تتعلق فقط به هو، بإراحة باله وإسعاده ودور الزوجة لايتعدى توفير ما يلزم (لنشدان ذلك بالسهر على راحته) دون ذكر المتعة الجنسية طبعا.

المشكل هنا يتعلق بالرجل الذي يكشف عن أنانيته واهتمامه بذاته فقط، زيادة على أنه يلقي بمسؤولية الحدث ـ أي "فعلته" ـ على الزوجة كسبب لإهمالها أو لأنها لم تعد تصلح كزوجة تهتم بشؤون بيتها وبه وبأبنائها، يوافقه في ذلك ـ كما نعلم ـ باقي أفراد المجتمع، نظرا لتقديسهم للنزعة الذكورية، التي تحكمهم كنظام. لدى يسعى الرجال فيه (أي النظام) لكسب بعض الاحترام، وذلك بتعدد الزوجات. تماما مثل بعض أنواع القردة التي تَبُثُّ قنوات الحيوانات برامج تلفزية عنها وعن اسلوب حياتها ! .

أما بالنسبة لمن يبرر ذلك بأنه شرع إسلامي، فلماذا لا يقوم ببناء فرع حريمي يضع فيه الجاريات، كحيلة ذهنية للعودة لقرن الهجرة .. أوليست الجواري من الشرع كذلك ؟! . فمن الغريب أن يتحدث البعض عن تشريع بني العباس، بظل قانون اجتماعي يساوي بين الجنسين بكافة الحقوق والواجبات (نسبيا)، وهم يعلمون ذلك ! ماذا ؟! ـ يعلمون أن الوضع تغيّر عن وضع قريش ! .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش :

1 ـ ملحم بركات - أغنية بدي جيب عليها ضرة [1995].