المرأة ومشكلة الإبداع الشعري



سعادة عودة أبو عراق
2013 / 11 / 9


لا يذكر في تاريخنا الشعري إلا أعداد متواضعة من الشاعرات بجانب الآلاف من الشعراء الفحول ، ولم ترتفع النسبة إلا قليلا في مجتمع الأندلس المتحضر نسبيا وبعيدا عن البداوة التي كان يغط بها الشرق ، وعلى قلة هذا العدد كان المستوى الفني أيضا متواضعا ، وهذه الظاهرة التي لم تأخذ عند الدارسين بكثير من الجدية والتحليل المعمق ، لذلك فإنها من ناحيتي ، أرى في الأمور التالية مسببات وجيهة لهذه الظاهرة وهي كما يلي :
1- الموروث البدوي: وهو ما ورثه العرب من وضع للمرأة لم يتغير ، في العصور اللاحقة ، وحتى بعدما أنشئت الحواضر في البصرة والكوفة ودمشق والقاهرة ، ظلت على وضعها تابعة للرجل يتحكم بها كيفما شاء ، وإنها ليس إلا وعاءا جنسيا لإنجاب الأطفال ورعايتهم وتنظيف البيت وإعداد الطعام ،وهذه الوظيفة جعلها جارية أو في مستوى الجارية ،رهينة العمل المتواصل الذي لا يترك لها فسحة للتأمل وإنشاد الشعر، ومن المعروف أن كل الإبداعات الأدبية والفنية بحاجة إلى تفرغ شبه تام ، لذلك وجدنا شعر المديح مسيطرا على الشعر العربي ، والسبب هو أن الشاعر كان بحاجة لوقت لكي يتخمر الشعر في ذهنه ، فلم يكن بالإمكان العمل وقرض الشعر معا، لذلك راح يبحث عن ممول ليبيع له المديح الكاذب ويقبض الثمن لعله يستغني به عن العمل الذي يستهلك وقته.
2- طبيعة الشعر : الشعر بطبيعته يتكلم عن الأشواق والحب والإعجاب والحزن والخوف وغيرها من المشاعر الدفينة ، ولذلك فإنها لا تستطيع بشعرها أن تكشف عن مشاعرها الداخلية ، وخاصة أن كثيرا لا يفرق عن المشاعر الذاتية والمشاعر الإنسانية ، فيظن المتلقي أنها تتكلم عن حبها هي وغرامها هي ، ولم تشتهر الخنساء إلا لأن شعرها كان في الرثاء فقط ،فيرى الرجال في رثائها لأخيها رثاء لهم .
3- الثقافة الشعرية : لقد كانت رواية الشعر والاستماع إليه في مجالس خاصة يعقدها الرجال ، ومحظور على النساء حضورها ، ومن هنا بقيت المرأة الشاعرة بعيدة عن التفاعل مع الشعراء والاستماع إليهم والتعلم منهم وتبادل الخبرات معهم ، او الرواية عنها إن كانت قد قالت شعرا .
4- وتعتبر الأمية التي تكاد أن تبلغ 100% من النساء عائقا مضافا في جعلها غير قادرة على الإطلاع على منتج الآخرين المسطور في الكتب .
5- لم تسفر دراسة واحدة تقول أو تؤكد أن المرأة عاجزة بفطرتها عن قول الشعر او بقية الفنون الأدبية او الفنون التشكيلية او الغنائية
6- في أيامنا هذه نجد نصيب المرأة في مجال القصة القصيرة والرواية ما يقارب نصيب الرجل ، وجودة إنتاجها لا يقل عن جودة إنتاج الرجل ، وفي هذا ما يدحض المقولة التي ترى في المرأة عجزا بيولوجيا عن قول الشعر.