على ضوء فضيحة كاميرا الحمام !



مها التميمي
2013 / 11 / 16

انتشر خبر تركيب كاميرات في حمام النساء في احدى المؤسسات الرسمية ، وكان الخبر صاعقا حيث ترافق مع فضيحة التجسس الامريكي على هاتف الرئيسة الالمانية ميركل. كان الحادث مثيرا للسخرية المرة وسابقة تستحق النقاش. فقد فوجئت موظفة بشيئ يلمع في سقف الحمام، وعندما حاولت التحقق من الامر، كانت المفاجأة، سقطت الكاميرا الصغيرة على الارض ،وبدا واضحا السلك الذي يوصلها باكثرمن جهاز كمبيوتر في المؤسسة المعنية. انفجرت الموظفة بالبكاء من هول المفاجـأة ولم تتوقف عن البكاء. انهارت ثقتها بهذه المؤسسة دفعة واحدة. تم بعدها ضبط الحالة واحيل المتهم للتحقيق، وتشكلت لجنة للتحقيق في هذا الانتهاك الفظ لابسط حقوق وخصوصيات النساء أثناء مزاولتهن العمل.
ساد الغموض في انتظار نتائج التحقيق الرسمية. وانهمرت الاسئلة : لماذا يضع هذا المتهم الكاميرا في حمام النساء ؟ هل هو مريض؟ هل هو وحده ام ان هناك شبكة ؟ ماهي اهداف هذا الفعل الخسيس؟ ؟ ماذا يمكن تسمية ما حدث ؟ هل هي جريمة انتهاك لخصوصية النساء في اكثر الاماكن حساسية -الحمام الخاص بهن- ؟ الامر يتطلب معالجة جذرية ورادعة لامثال هؤلاء الاشخاص الفاسدين. نعم انه فاسد حيث دلت المعلومات الاولية غير الرسمية انه عين مراسلا لهذه المؤسسة وبعدها بفترة قصيرة صعد السلم الوظيفي وصار مديرا ؟ تحول الى مسؤول دون اية مؤهلات علمية ومهنية. ما هي المهمات الوظيفية المنوطة به داخل المؤسسة ؟ يبدو انه متفرغ لاشياء أخرى غير العمل. ومن المسؤول عن هذه الحالة المريضة في مؤسساتنا الرسمية؟ تقول لنا التجارب ان الفساد كانتهاك يقود الى انتهاكات لا حصر لها. فالفاسد الذي يجعل المؤسسة العامة وكرا لتحقيق أغراضه الشخصية بدءا بامتيازات ومكاسب وانتهاء بانتهاك حرمة العاملات. الفاسد هو ذلك الشخص الذي لا يتورع عن استباحة الخصوصيات وبخاصة لدى النساء بعد ان استباح الوظيفة العمومية. لقد ألحق هذا الفعل الشائن أذى نفسيا ومعنويا للنساء العاملات. وفي مقدمة ذلك اهتزاز الثقة بين المؤسسة والعاملات فيها. واذا كانت المؤسسة لا توفر الحماية والكرامة للنساء فكيف يمكن ان نتحدث عن رفع نسبة المرأة العاملة في مثل هذا النوع من المؤسسات العامة . بدأنا ندفع ثمن غياب المرجعية التي تسائل وتحاسب المؤسسة. وندفع ثمن عدم إخضاع الموظفين والموظفات للمعايير المهنية المعمول بها لدى كل المؤسسات التي تحترم المواطن وحقوقه. نعم، في غياب المرجعيات والمعايير وفي ظل الواسطة والمحسوبية والفساد الاداري علينا ان نتوقع الكثير من المصائب والاحباطات .
منذ دخول الانترنت الى المجتمعات الحديثة وانتشار التقنيات ووسائل الاتصال الحديثة انتشرت ما تسمي بجرائم الانترنت. كجرائم القتل وأعمال ابتزاز مالي اوسياسي او اجتماعي. وتشهد فلسطين كغيرها انتشارا لهذا النوع الجديد من الجرائم الذي لا ينطبق عليه مواصفات الجرائم الكلاسيكية او التقليدية، فهناك صعوبة في تحديد مكان الجريمة مثلا ، كما يصعب تحديد الاضرار المادية والنفسية نظرا الى حالة التكتم التي تحيط بالضحايا. وتشير المعلومات والتجارب الى ان الضحايا ينتمون الى العناصر الاضعف في المجتمع وهم الاطفال والنساء. واذا كان حجم جرائم الانترنت عندنا غير معروفة بسبب عدم ايلاء الاهتمام الكافي بأمان المواطنين رغم ان النسبة الاكبر من موازنة السلطة تذهب لاجهزة الامن والشرطة. فاننا نلمس اتساعها نظرا لدخول وسائل الاتصال الحديثة الى كل بيت. بل ان مقاهي الانترنت المنتشرة في القرى والمخيمات توفر هذه الخدمة للجميع تقريبا. وتصبح هذه الوسيلة هي الاسهل للتواصل خاصة بين المراهقين. ثمة اطفال ومراهقين من الجنسين عرضة للتحرش الجنسي والابتزاز والاغتصاب كما حدث منذ اشهر لمراهقة من بيرزيت، التي استدرجت عن طريق الانترنت واغتصبت من قبل مجموعة من الشباب .
ان الاستفادة من وسائل الاتصال الحديثة هو أمر جيد وضروري في كل المجتمعات ، لكن من جهة أخرى يلزمنا تطوير تشريعات قانونية للحماية الاجتماعية. كما ان تطبيق العقوبات على مرتكبي الجرائم الالكترونية يجعل مرتكبيها يفكرون مائة مرة قبل الاقدام عليها. ولكن وفي حالتنا ، سنظل مشدودين الى نتائج التحقيق والمحاسبة على ذلك الانتهاك الشنيع لابسط حقوق العاملات. غير ان اية معالجة جدية تبدأ بإعادة النظر في بنية المؤسسة المشوهة.