السيف البارق في عنق المارق



فرات إسبر
2005 / 6 / 6

لم تكن المرأة وعلى مر التاريخ هي التي تطالب بحقوقها ومساواتها مع الرجل في حقوقها الشرعية والقانونية .
كثير من النساء خابت آمالهن في تحقيق جزء بسيط من حقوقهن الشرعية ، حيث تقضي المرأة حياتها معلقة كما يصفها الرجال كبيت الوقف فلا هي مطلقة ولا هي معلقة والمحاكم على سعة أروقتها وغموض قوانينها وإجحافها حافلة بما نحن في غنى عنه من موضوعنا الآن .
لم تكن المرأة هي التي تقف في خندق الدفاع عن نفسها وحقوقها مع بنات جنسها ، بل كان هناك الكثير من الأسماء العظيمة التي وقفت إلى جانب تحرر المرأة وتعلمها وتشجيعها على رفض الحجاب ، ومساواتها بالرجل مستندا إلى قوله تعالى " ولهن مثل الذي عليهن "
وكما تتعرض المرأة لضغوط وانتقادات من قبل البعض الذين ما زالوا ينظرون إليها كضلع قاصر وأنها من أثاث البيت ملك للرجل ويحركها كما يشاء، أيضا هناك من الرجال من تعرض لمضايقات شديدة في دفاعه عن المرأة وخير مثال على ذلك الشاعر العراقي " جميل صدقي الزهاوي" الذي تعرض لاشد الإهانات والمضايقات ،وهدد بالقتل فيما إذا أستمر في دفاعه ومناصرته للمرأة بسبب إحدى المقالات التي كتبها الزهاوي وعنوانها " المرأة والدفاع عنها "والتي ذكر فيها مضار الحجاب وأورد فيها بعض المظالم التي تتعرض لها المرأة .
وهنا أسرد نبذة من مقال الزهاوي ،والمصدر كتاب" تاريخ العراق الحديث" للدكتور علي الوردي
يقول الزهاوي :
"أجاز المسلمون أن يقسو الرجل فيطلق المرأة ويستبدلها بغيرها كسقط المتاع رادا إلى حضنها أطفالها الذين هم نتائج شهوته غير راحم لدموعها ولا مصغ لنشيجها …….لماذا لم يجز المسلمون أن تطلقه لتنجو من شراسته …..إلى بقية المقال والتي تدعو بكل ما فيها إلى الوقوف بجانب المرأة ضد الرجل في ظلمه لها .
ولكن الزهاوي لم ينج من الانتقاد ووصف بالمارق على الدين وأنه من المفسدين للشريعة الغراء ،إذ دفع الزهاوي ثمن مقالته بأن أقيل من وظيفته وقامت كثير من الردود عليه وتحرض ضده ، ومثال ذلك كتاب محمد سعيد النقشبندي بعنوان "السيف البارق في عنق المارق "ورغم تظلم الزهاوي وكتبه التي أرسلها إلى ناظم الحكومة لكنها لم تجد نفعا .
ولكن حدة رجال الدين ووقوفهم في وجه الزهاوي ،والذي كان بمقاله الاجتماعي يسعى إلى تنوير العقول وصلاح الأمة لم ينته عند هذا الحد بل أرسلوا للزهاوي بعض "الأشقياء" يهددونه بالقتل بالخناجر أن عاد إلى مثل هذه الأقوال الفاسدة ولم ينصرفوا عنه إلا بعد أن وعدهم أنه سوف يسمع قولهم ويتأدب بأدبهم .
أن هذه الحادثة التي ذكرها الدكتور علي الوردي في كتابه المذكور أعلاه تترك وراءها الكثير .. الكثير من الأسئلة التي لا جواب لها مع اختلاف الزمن والتجربة ..
هل هذا جمود في القوانين والأنظمة ؟
أم هو جمود في عقول واضعيها ؟
أم في العقلية المتوارثة التي نكتسبها من خلال حياتنا التي نعيشها في مجتمعات هي أقرب إلى البداوة والأيمان بالغيب والمحافظة على ما نرثه ما أجدادنا من عادات وتقاليد لا تلائم العصر ولا تطوره .
أن دعوة الزهاوي للمرأة للتخلص من الحجاب والتطلع صوب الغرب بما وصل إليه من تقدم علمي هو دعوة صادقة وجريئة نحتاج إليها اليوم أكثر من أي وقت مضى ونحن نرى المرأة في اشد حالات الضعف والعجز بما تسمعه وتقرأه وتعيشه وممن يملأ رأسها بمساوئ الفتنه والضلال وسأترك هذه الأبيات لهذا الشاعر العظيم يعبر فيها عن رأيه في الحجاب .
يقول الزهاوي :
كان الحجــاب يسومها خسفا ويرهقهـا عـذابــا
إن الأٌلى قد أذنبــــــــــوا
هـم صيـروه لها عقـــابـا
وسيطلب التاريخ من ناس لها ظلمـوا الحسـابا
ويضيـف في قصيـدة أخرى:
مـزقـي يا ابنة العــراق الحجــابا
وأسفري فالحيـاة تبغـي انقــلابـا
مـزقيــــــــــه واحرقـيه بلا ريــث
فقــد كـــــــــان حـارسـاً كـــــذابـا

أن التاريخ لم يخل من العقول النيرة وبالرغم من الفارق التاريخي والزمني مازال حتى هذه اللحظة من هو ضد المرأة لأنه بدعوته لحجب المرأة عن المجتمع وانزوائها في بيته ،و خروجها إلى مجتمع الرجال مسبب للفتنة فهو بذلك يكون عدوا وضدها في أن تكون ذو شخصية مستقلة .
والرجل بتصرفاته العملية مع المرأة فيما أذا حدث شجار أو خلاف بسيط ، وبالرغم مما بينهم من عشرة ومودة ولكن في لحظة من اللحظات تصبح العدو اللدود وتعيش كل عمرها تحت رحمته كبيت الوقف فلا يطلقها طوال حياتها لان العصمة بيده وأي يد خانقة هذه يشد من أزرها القانون والتشريع.
أن حقوق المرأة تحتاج إلى "تسونامي" في أحوالها الشخصية كي لا تبقى كبيت الوقف هذا ..
أن العلاقة بين الرجل والمرأة غابة متشابكة بأطر الزواج والقوانين والتشريع يسيطر فيها القوي الذي يسنده القانون على الضعيف الذي لا يسنده القانون .
رحم الله جميل صدقي الزهاوي وأتمنى أن يكون في نعيم السماوات بملاحها وحسانها لأنه لاقى هذا العذاب بسببنا .
والسؤال لو كان الزهاوي ما زال يعيش حتى يومنا هذا فأنه ولعمري سوف يساء فهمه وسيجد من يرد عليه باسم الدين والتشريع والقوانين والأنظمة والعادات والأعراف والتقاليد والوصاية والقوامة
أن ما يفرض على المرأة فرضا لن يفضي بها إلا إلى طريق مسدود مع نفسها ومجتمعها وستكون النتائج معكوسة على المجتمع بأثره ، فالفتنة ليست بالحجاب أو عدمه أو منعها من الخروج وممارسة حياتها الطبيعة .
أن الفتنة تأتي من الكبت والقمع المتزايدين بحق المرأة.
ومع هذا ما زلت أومن بأن المرأة لا تكتمل إلا بالرجل وهو لا يكتمل إلا بها ،هذا الكمال الذي يزينه البلا ء
الأجمل وهو حب أحدهما للأخر وكره أحدهما للأخر ..