حقوق المرأة السياسية بين الأفق الفكرية .



محمد العلي
2005 / 6 / 7

بعد إقرار ما يسمى بحقوق المرأة السياسة في الكويت ، توالت التبريكات والتصريحات من الشرق والغرب وكثر الحديث عن دور المرأة السياسي ومستقبل المنطقة العربية والإسلامية .

نعم . إن للمرأة حقوق ، وعليها واجبات اجتماعية وسياسية ، ولكنها ليست بالصورة الهزيلة المغلوطة الخاطئة التي تقدم للناس ، فما يقدم من فكر وتصور وتطبيق للوضع الاجتماعي والسياسي الذي يجب أن تكون عليه المرأة ما هو إلا التفاف على حقوق المجتمع وحقوق المرأة السياسية وواجباتها الاجتماعية ، وما هي إلا عملية خلق وضع بديل خاطئ تُحَيد به المرأة وتبعد عن دورها الرئيس والأساس ويحرم به ( الإنسان ) بشكل خاص و ( المجتمع ) بشكل عام من قدرات وإمكانات المرأة الحقيقية العظيمة ، فالأمر لا يقتصر على دخول النساء في صراع بين بعضهن البعض وبين الرجال من أجل الحصول على مقعد في مجلس النواب ، فدور المرأة السياسي أكبر من ذلك ، فهي من يصنع المجتمع وهي من يصنع الحياة .

وأحد أهم أسباب تعميم التصور والتطبيق " العلماني " الغربي لمشاركة المرأة السياسية وإبقاء العقول في الأفق الفكرية " العلمانية " المحدودة الضيقة ، هو فساد تصور من قبلوا الدخول في اللعبة " الديمقراطية " باسم الإسلام ، الإسلام الذي من المفترض أن يُقَدِم الحلول للمجتمعات الإنسانية ويقودها خارج أزمتها القائمة وينقلها إلى الأفق الفكرية والحياتية الفسيحة الرحبة ، فموقف من قبل الدخول في اللعبة " الديمقراطية " باسم الإسلام - فيما يخص دور المرأة السياسي وبشكل عام - لم يخرج من الآتي : 1 – مؤيد للتصور الغربي ويتوهم إمكانية إلباسه لباس إسلامي شرعي – مثل ما يحدث في إيران - 2 – رافض للتصور الغربي ولكنه لا يقدم البديل وسيبذل جهده في المشاغبة – مثل بعض السلفيين والقبليين في الكويت - وسيصب همه على عرقلة المشروع الغربي للمرأة دون طرح المشروع الإسلامي البديل الصحيح المقنع المناسب ، فهو مثلما أنشغل من قبل في المسائل الهامشية والشكلية والمظهرية عن المسائل الجوهرية سيستمر على نفس المنوال ، ولن تكون له القدرة على مواجهة زخم الهجمة " العلمانية " الشرسة الجديدة التي ستغير الأوضاع الاجتماعية والساحة السياسية إذا ما استمر في السير على نفس الحال وبنفس التصور للمسألة ، بل إن موقفه المشاغب وطرحه الهزيل سيكون عامل دعم للمشروع " العلماني " الغربي الذي سيجد الفراغ الكبير لكي يملأه ، وذلك من طبيعة الأشياء .

الغلبة للأقوى .

إن صورة ( القوي يأكل الضعيف ) صورة تظهر في كل زمان تسود به حياة الغاب والكهوف و المغارات ، وهي صورة تتكرر في زمن كل جاهلية ، ولكن بصور وبأشكال مختلفة

فها هي السلطة التنفيذية في الكويت وبواسطة الترغيب والترهيب - ولأنها الأقوى - استطاعت فرض رؤية الغرب وتوصياته وتصوره الخاطئ لوضع المرأة ودورها في المجتمع ، فهي كما فرضت " العلمانية " من قبل وتطبيقاتها في التربية والتعليم والاقتصاد والإعلام ... الخ وصاغت الدولة بها وجعلت الناس تعيش في الأفق الفكرية للمغضوب عليهم والضالين - إلا من رحم الله - ستفرض الرؤية الغربية " العلمانية " لمشاركة المرأة السياسية بعد طلاء تلك التطبيقات بطلاء إسلامي يزيف حقيقة الوضع القائم .

ومواد الطلاء كثيرة ومتنوعة ومتعددة ، محاضرات – خطب - دروس – برامج – صور وأشكال ومظاهر وشخوص وأشخاص ...الخ دون ( تطبيق فعلي للإسلام ) ، إلا في بعض الجوانب المحدودة الشكلية والمظهرية التي تستخدم في الطلاء والتزييف والتمويه وكما تقدم ، وهذا هو ( الدجل ) بعينه ، فالدجل هو تمويه الشيء وتزييف حقيقته بعد طلائه بمادة تختلف عن المادة المكونة للشيء المراد تزييفه وتمويهه ، مثل طلاء الحديد بماء الذهب ، " فالعلمانية " تطلى وتموه ببعض مظاهر وأشكال وصور الدين ، وهذا هو دور علماء السلاطين ومن قَبِل الدخول في لعبة " الديمقراطية " من الذين يمثلون العمل الإسلامي وهم لا يعون أبعاد وعمق الصراع ، فالسلطة " العلمانية " تستخدمهم في عملية الدجل والتزييف والتمويه ، وفي تضليل الناس عن الحقيقة ، فحالهم – وبالنسبة للناس الذين يثقون بهم وبوعيهم - حال ماء الذهب الذي تطلى به الأشياء وتزيف وتموه به المواد ، وهذا ينطبق على الوطنيين من أصحاب النوايا الطيبة والأخلاق الفاضلة ، فالطاغوت يجيد الاختباء ورائهم مستغلا غفلتهم وطيبتهم وحسن خلقهم ونواياهم ، كما يجيد الاختباء وراء علماء السلطة والمشيخة الرسمية .

إن الوضع " العلماني " القائم أوجده من لا يريد للمرأة القيام بمهمتها الطبيعية والحقيقية نحو ( الإنسان والأسرة والمجتمع ) ، لأن ذلك - حتما - سيفسد عليه مخططاته الشريرة نحو البشرية ، فالساسة " العلمانيين " والماديين الذين ربطوا مصالحهم مع ( الشيطان ) ستتهاوى مصالحهم أمام مجتمع يكون للمرأة فيه دور حيوي ومحوري ووضع عادل صحيح غير منقوص .

فمن أجل تصحيح هذا الوضع الخاطئ يجب على الذين يؤمنون بدور المرأة السياسي الحقيقي نحو ( الإنسان والأسرة والمجتمع ) الاتحاد والتلاحم أمام هذه الهجمة الشيطانية " العلمانية " الشرسة ، لقد جاء الوقت لكي يعرف الذين يحملون هم الأمة بأن الأمور لا تصلح ولا تتغير من خلال الآليات السياسية الفاسدة ، ومن المحال ذلك ، فهي آليات سياسية تتجه بالبشرية إلى الهاوية السحيقة وتنحدر بها ما لم يتم مواجهتها بآليات سياسية إسلامية أصيلة تعمل على بقاء وارتقاء الجنس البشري ، فكيف أواجه وأعالج نتائج آلية سياسية فاسدة مفسدة وأنا أركب فيها وأغذيها بروحي وحركتي وهمتي وأمدها بطاقتي ؟ ‍! ، ألا يجب أن أعمل على إيجاد وتكوين آليتي السياسية الخاصة الصالحة المصلحة التي سأواجه بها الآلية السياسية الفاسدة المفسدة ونتائجها ؟ ، فلا يصح إلا الصحيح ، فالعمل لا يكفي أن يكون ( عمل صالح ) ، بل يجب أن يكون ( عمل صحيح ) أيضا حتى يكون ( عمل مصلح ) ومثمر ، والعمل لا يكون عمل صحيح بموافقة الأهواء المريضة والآراء السقيمة ، فهو لا يكون عمل صحيح إلا إذا وافق السنن والقوانين التي أنزلها الخالق للخلق .

قال تعالى { أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين (109) } ( التوبة )

الكاتب - محمد العلي