تقرير «بيت الحرية» حول المرأة العربية



منيرة فخرو
2005 / 6 / 8


بقلم :د. منيرة فخرو

التقرير الذي أطلقته هذا الأسبوع المؤسسة الأميركية الشهيرة فريدوم هاوس (بيت الحرية) كان بعنوان «حقوق المرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: المواطنة والعدالة» سوف يثير جدلاً حول موضوع لم يحسم أمره بعد في المنطقة العربية، وأعني هنا موضوع المرأة.


التقرير قام بدراسة مستفيضة لأوضاع المرأة في 17 بلداً عربياً من بينها دول الخليج الست. وقد اعتمد التقرير الذي استغرق إنجازه عشرين شهراً وقام به فريق يتألف من 40 محللاً وخبيراً وسلسلة من المشاورات مع مجموعات حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، اعتمد دراسة مقارنة من المنظور العالمي حيث تحصل كل دولة على درجة في كل من الفئات الخمس التي قسمها التقرير حسب التالي:


1) عدم التمييز وتحقيق العدالة.


2) استقلالية وأمن وحرية الفرد.


3) الحقوق الاقتصادية وتكافؤ الفرص.


4) الحقوق السياسية وصوت المواطن.


5) الحقوق الاجتماعية والثقافية.


عند تقييم أداء الدولة، تم استخدام معيار عالمي هو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتقيس الدراسة كل من الوضع القانوني والوضع الفعلي لحقوق المرأة في جميع المجالات الخاضعة للتقييم- كما يتم التعبير عن ذلك التقييم من خلال نقاط من واحد إلى خمسة (1-5) حيث يشير رقم واحد إلى الأدوار الأضعف ويعكس رقم خمسة الأداء الأكثر قوة، وتغطي الدراسة التطورات حتى عام 2003 وربما بعض ما حصل عام 2004.


وقد حصلت تونس والمغرب والجزائر على أفضل النقاط تلتها مصر ثم البحرين بينما جاءت المملكة العربية السعودية في نهاية القائمة خاصة بالنسبة للحقوق السياسية وصوت المواطن، علماً بأن الحصول على 3 نقاط من أصل 5 نقاط في أي فئة من الفئات الخمس التي ذكرتها يمثل تقييد قدرة المرأة على ممارسة حقوقها.


حيث تكون القوانين التي توفر الحماية اللازمة للمرأة سارية دون أن يتم تنفيذها بالصورة الملائمة، وحيث تعاني المرأة من التمييز في بعض المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وقد اهتم مؤلفو الدراسة اهتماماً خاصاً بالقضايا التالية: المنزلة الأدنى نتيجة للتمييز القانوني؛ التمييز في قانون الجنسية والمواطنة؛ والعنف المنزلي؛ الافتقار إلى المعلومات، غياب الصوت؛ منزلة المرأة الأدنى في قوانين الأسرة؛ الافتقار إلى آليات الشكوى، وأخيراً التعليم.


وتتضمن كل فئة من الفئات الخمس لكل تقرير قطري سلسلة من التوصيات الخاصة بالإصلاح والموجهة إلى حكومة الدولة. أما أهم التوصيات فهي قيام الحكومات بمراجعة وتنقيح القوانين الوطنية وآليات التنفيذ حتى يمكن إلغاء أحكام التمييز وضمانة مكانة المرأة المساوية لمكانة الرجل.


وأن يتم تنقيح قوانين الأسرة لضمان المساواة في الحقوق بين الزوجين داخل نطاق الأسرة وأن تمنح الحكومات الأولوية لتعيين المرأة كمحامية وقاضية في محاكم الأسرة. كذلك ينبغي النظر إلى العنف الأسري باعتباره جريمة خطيرة في جميع حالاته. وأن يزداد الإنفاق على التعليم..


ثمة سؤال يطرح بعد قراءة التقرير: هل يعني ذلك أن المرأة العربية لم تتقدم على مختلف الجبهات ؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال، لا بد من الاعتراف أن هناك تقدم واضح حصلت عليه المرأة العربية في ميادين التعليم والعمل والصحة والقوانين وغيرها خاصة في العقود الثلاثة الأخيرة، إلا أنه لم يصل إلى المستوى المطلوب عالمياً، بمعنى آخر المستوى الذي تنادي به منظمات حقوق الإنسان ومنظمات المرأة على مستوى العالم.


معنى ذلك ـ كما يذكر التقريرـ أننا بحاجة إلى دفعة قوية من جانب الحكومات بمراجعة وتنقيح القوانين الوطنية وآليات التنفيذ حتى يمكن إلغاء الحيف الواقع على المرأة العربية. ولكن كيف ستستقبل الحكومات العربية ومؤسسات المجتمع المدني نتائج التقرير؟ هل ستصرخ -كعادتها- وتستنجد بالتقاليد والقيم العربية الأصيلة.


وتعامل التقرير على أنه مؤامرة حيكت من الخارج بقصد هدم الأسرة العربية والمجتمع العربي؟ هذا ما ستفصح عنه الأيام المقبلة، ولكن المؤكد في الموضوع أن تلك العاصفة لن تمر بسهولة فالمجتمعات العربية في حالة تغيير على جميع المستويات خاصة على المستوى السياسي والتعليمي ولابد أن يمس التغيير الأسرة العربية.


والأفضل أن يتم بإرادتنا بدل فرضه من الخارج، خاصة وأن تلك السنة قد حسمت دولياً على كونها سنة المرأة وستتوالى تقارير أخرى في الصدور خاصة تقرير التنمية العربية الإنسانية القادم الذي سيركز على موضوع المرأة العربية.


وباختصار سوف يتم نشرتقريربيت الحرية بشكل موسع باللغتين العربية والإنجليزية في المنطقة وجميع أنحاء العالم كما ستقام الندوات لدراسته وتحليله في بعض دول المنطقة ولا بد من الاستعداد له وتقييمه من وجهة نظر حيادية خالصة.


كاتبة من البحرين