صوف حقوقنا ينجرف مع أمواج التخلف



سرفراز نقشبندي
2005 / 6 / 9

ما حدث وما سمعته ذكرني بحكاية كانت أمي تحكيها عن اليهودي الذي ضرب أبنه قبل أن يبدأ بغسل الصوف على حافة النهر ، فسأله رجل عابر " لماذا تضرب الصبي "..؟ فقال اليهودي" إذا غسل الصوف سيتركه للأمواج ويجرفه النهر وسأخسر"..! فقال الرجل لكنه لم يبدأ بالغسل والصوف لم يجرفه النهر، فلماذا تضربه الآن..؟" فأبتسم اليهودي وقال" وما نفع الضرب ياصديقي بعد أن ينجرف الصوف مع الأمواج ؟.. !!

هذا ماحدث لنا ياسادة بعد الإنتخابات البرلمانية.. فحقوق النساء العراقيات بدأت تنجرف مع أمواج التصريحات اللامسؤولة من قبل بعض عضوات البرلمان العراقي ، ليس هذا فقط بل إن هذه الإجهاضات قد تحولت الى مطاليب يطالبن تنفيذها.. والأسوأ هو أن هذا يحدث أمام مرأىْ ومسمع عضوات البرلمان اللواتي ترشحن على حساب القوائم العلمانية..!!

لقد تناقلت الصحافة العالمية والمحلية تصريحات وأقوال بعض البرلمانيات حيث دافعن عن سلوك الرجال في النقاط الحساسة التي تناضل المرأة من أجل إزالتها ، فهن يبررن ضرب المرأة وإستخدام العنف ضدها كذريعة لتأديبها والأنكى انهن ينصحن الرجال بأن يكون الضرب بشكل لايترك الأثر على جسدها..!! كما يطالبن بإعطاء الشرعية لإمتلاك الرجل أكثر من زوجة ويتحججن بأن ذلك يضمن عدم إرتكاب الرجل للمعاصي والزنا ويؤيدن عدم مساواة المرأة بالرجل ونقاط أخرى كل واحدة أكثر تشويها للحقوق الانسانية من الأخرى .

نعم ياسادة هذه أقوال سيدات ترشحن ليمثلن المرأة العراقية التي ناضلت دهرا ولاقت الويلات.. حيث ذاقت الإعدام والأنفال والتعذيب والإغتصاب على يد أزلام الحكم البائد .

المرأة التي كانت في صفوف الثورة وحملت السلاح أسوة بالرجل وتحملت أعباء الأسرة في غياب الرجل .. .

أقوال سيدات وليسوا رجال..!! سيدات انزلقن فوق جليد عبودية القرون الوسطى وانسلخت أعماقهن بسكاكين التخلف التي جعلت من المرأة كائنا ناقص العقل وقاصر الوعي ويجب ان يكون العصى فوق رأسها كي تقدر أن تسير.

أنا هنا لا أناقش هؤلاء السيدات المدعيات تمثيل المرأة العراقية وحقوقها، فلي معهن لقاء كتابي آخر يليق بإبداعاتهن في تعميق حالة القمع والإضطهاد ضد المرأة ، انما أعود للحديث عن التشدق الذي لازم بعضنا قبل الإنتخابات كون نسبة النساء في البرلمان كذا عدداً ..!! آنذاك كتبنا وتناقشنا في الكونفرانسات حول كيفية الترشيح وأسس الإختيار السليمة ، وقلنا للوصول الى النخبة علينا اختيارالنوعية، وتسألنا ما هو نفع ترشيح سرب من النساء يصبحن ثقلاً إضافياً على أكتاف قضية المرأة ، وقلنا أيضاً كفوا عن جعل المرأة تمثالاً يعلق على هامتها الشعارات البراقة تحت ذريعة الديمقراطية الجوفاء والمساواة الكسيحة، وقلنا أيضاً كفوا عن إستخدام قضية المرأة ووجودها كبطاقة دخول الى المحافل الدولية وشعاراً يتحلى به المرشحون للدعاية الإنتخابية قلنا رأفة بالمرأة وحقوقها .. الا ان الأمر سار بشكلياته وأصبح عدد عضوات البرمان العراقي 89 عضوة من القوائم المختلفة .. انها نسبة جيدة وفق معطيات المرحلة ، لقد كسح الخبر واجهات الصحف وتناقلتها وسائل الاعلام الداخلية والخارجية كصبغة جديدة لعراق جديد وحالة فريدة في المنطقة .. !! وأنتهى الأمر!! نعم انتهى، بالنسبة للمعادلات السياسية والاعلامية.

أما بالنسبة للمرأة وحقوقها فالأمر لم ينتهي ، بل بدأت حقبة جديدة من الإذلال والتعسف ، هذه المرة من عضوات البرلمان اللواتي صرن مرشدات في كيفية استخدام العنف ضد المرأة.

فما قلناه قبل الإنتخابات ومانادينا به كان حفاظاً على صوف حقوقنا من أن ينجرف مع أمواج التخلف العمياء ، وما نفع القول ياسادة بعد إنجراف الصوف وضياعه بين هلاهل هؤلاء السيدات اللواتي صرن يحمين اوكار العبودية ويضعن التاج على رؤوس الرجال المتعسفين؟!

وهل يعتقدن بان المرأة العراقية عامة والكردية بشكل خاص ستصمت أمام هذه المهاترات والاقوال البائدة.. وهل سترضى بأن تمثلها من تضع حبل العبودية في عنقها، خاصة بعد رحيل الدكتاتور وبدأ شروق شمس الحرية في الوطن؟!!