اضطهاد المرأة



صليبا جبرا طويل
2013 / 12 / 18

دراما إنسانية ، تحكي كيف نشاء اضطهاد المرأة، وكيف أسقطت معظم عاهات وقضايا المجتمع عليها. العناصر الرئيسة في هذه القصة كما في كل الأساطير القديمة، حول العالم، تبدءا، وتنتهي بالنزاع بين الخير والشر، ودور كل من السلطة الحاكمة والدينية من جهة، وبقية الشعب من جهة أخرى. يزداد الوضع سؤ عندما يرتبط الإصلاح بالغيبيات، والفساد بالغيبيات. مما يشكل دليل قوي على ازدراء العقل، وتحقيره، وتعطيله.


تقول الحكاية... في قديم الزمان وسالف العصر والأوان ...
عاث البشر في الأرض فسادا، وساد بينهم الشر والكراهية.

البعض قال: "العيب في القوانين".
آخرون قالوا:" العيب في العقيدة".

كثرة القضايا أمام المحاكم المدنية، والدينية.
المنتفعون، والمسترزقون، والمستفيدون زادت ثروتهم.

تفاقم الوضع بؤسا، وفسدا
تأخرت إجراءات تنفيذ قرارات المحاكم.

علا صوت الشعب مطالبا بالتغير، والاستماع لمطالبهم، ورفع المظالم عنهم.
ومحاكمة كل مسئول تمادى على الشعب، ولعب بقدراته، وحرمه من حرياته.

خرجت مظاهرات، واعتصم الشعب، وسفكت دماء
واغتصبت نساء، واستخدم أطفال لتنفيذ المأرب، وكدروع بشرية...

أعلنت السلطة، عن عقد اجتماع عام، وطارئ، للبحث في أسباب الفساد.والخروج من الأزمة.
تجمعت الأحزاب السياسية، والدينية، وأصحاب الأفكار التصحيحية، وعموم الشعب...

تناقشوا، تحاوروا، تناوشوا، تصادموا، تلاكموا....
في النهاية، أجمعوا... ورفعوا توصيتهم ...

السبب وراء كل ما حدث هو الشيطان، المجرم الأخطر في الدولة...
تهمته، أنه يوسوس في صدور الناس، وعقولهم ويفتعل مشاكلهم... في أدبياتنا، دائما هو الشاطر

الشيطان المشتبه الوحيد... أصبح مطاردا، ملاحقا من قبل رجال الدين، والسياسية،والشعب، والعسكر...
أعلن عن جائزة قيمة لمن يدلي بمعلومات عن مكان وجوده، أو كل من جاء به حيى.

ليقدم للعدالة، ويحاكم لأفعاله الدنيئة...
كي يعود الوفاق، والسلام، والوئام، والأمان بين مواطني الدولة، وحكومتها.

ابتهج الناس، وسرّوا لسماعهم هذا النبأ
تراكضوا، مندفعين كي يقبضوا على الشيطان، ويحصلوا على الجائزة الثمينة.

شهور مضت دون إحراز أي تقدم...
كلّوا، وملّوا...وأحوال الدولة في اضطراب متسارع..

تأزم المجتمع، لا حلولا تظهر في الأفق..
الشيطان ما زال طليقا، يشعل الدنيا فسادا

صممت امرأة على الإيقاع به، والقبض عليه
عرفت بتمتعها بذكاء ،وعقل راجحين

جالت في الأسواق، والمساكن المهجورة، والمقابر...
تبكي تنوح على موت الشيطان...

إن صادفها أحد وسألها: ما بك يا امرأة تنوحي وتبكي ؟
كانت تجيب وتلطم على خديها: لقد مات الشيطان...لقد مات الشيطان... وتجهش بالبكاء

استمرت بعنادها، وأصرت أن تقبض علي أب الشر، والأشرار في العالم
في إحدى الأيام، ظهر لها الشيطان .

معاتبا، قال: أيتها المرأة... أنا حي لم أمت، فلماذا تبكينني؟
إجابته: أنت لست الشيطان، ابتعد عن طريقي، اغرب عن وجهي...الشيطان مات وانتهى.

مرارا حاول إقناعها... بآت جهوده بالفشل...
واستمرت في إصرارها، وعنادها أنه ليس الشيطان

قال لها: مستحيل إقناعك أيتها المرأة... أمنيتي أن اعرف كيف يمكن إقناعك؟
امرأة عاقلة، ذكية، كانت تنتظر هذه اللحظة... والفرصة أتتها على طبق من ذهب .

عليها التصرف بسرعة وإلا ذهبت جهودها هباء.
قالت، كشخص متيقن من قدراته: لو كنت أنت فعلا الشيطان اثبت لي ذلك؟

قال لها: كيف يمكنني أن اثبت ذلك، لم اترك حيلة إلا وجربتها معك... كلها فشلت.
قالت بصيغة الأمر : إن كنت أنت الشيطان فادخل في هذه القنينة...ثم اخرج منها

فقال: حسنا إن كان هذا يقنعك.
ما أن دخل، حتى أسرعت وأغلقت فوهة القنينة، وحبست الشيطان.... وانتهى أسيرا.

دخلت القاعة الكبرى في القصر ، حيث تواجد الملك، و حاشيته من حوله...
قالت: ها قد جئتك أيها الملك العظيم بالشيطان، ودفعت له بالقنينة...وحصلت على جائزتها الموعودة.

خبئ الملك القنينة في خزنة فولاذية، وضعت في سرداب تحت الأرض.
وأمر أن تحرس جيدا، ليل نهار...

تمر الأيام، والشهور، والسنين دون أي اضطرابات، أو مشاكل في الدولة

رجال الدين خسروا رزقهم، تركوا معابدهم، أغلقوها ..... مكاسبهم يجنونها نتيجة لأعمال الشيطان
كسدت تجارتهم... وهاموا على وجه الأرض يبحثون عن رزق لهم

أغلقت المحاكم، ومراكز الشرطة...
أما الملك وحاشيته، اطمئنوا للوضع، فأخذوا يتجبرون بالمواطنين، ويستغلونهم.

تذمر الشعب، نزلوا للشوارع يتظاهرون يعترضون ينددون يطالبون بالتغير، وبرحيل الملك.
أبىت السلطة الاستجابة لمطالبهم...

استغل رجال الدين، ومن لف لفيفهم الأزمة.. فرصة تاريخية لن تعوض...
اندفعوا للشوارع يحتجون يطالبون بالتغير....

خاف الملك على كرسيه....
خاف من اتحاد رجال الدين والشعب

خاف من أن يتحالفوا معا، ويقضوا عليه وينتهي ملكه
شهوة الحكم، والسلطة، قوية... من يتنازل عنها بملء إرادته !

بالخديعة، بالدسائس ، وبالتأمر يكمن الحل
فكر، وقرر أن يجتمع بعجلة، وخلسة بالزعماء الدينيين

تحاوروا، تعاهدوا على توقيع ميثاق شرف ينظم عملهم
ويناصر كلا منهم الأخر، ويتقاسموا الحكم

على أن تكون لرجال الدين، السلطة الدينية المطلقة
وأن يكون للملك ،السلطة المدنية المطلقة

طالب رجال الدين بإطلاق سراح الشيطان
وتقيد حرية امرأة...

ومحاصرة الناس بقوانين، وطقوس... ابعد من التعاليم الإلهية
فمن يقيد الحريات ويحاصر الناس بقوانينه، يهدف إلى تعطيل العقل.

هلل أقطاب التخلف لهذا الاتفاق...
تم أخيرا تحالف الملك، ورجال الدين

دعموا بعضهم البعض، بالسراء والضراء
بالحسنى، بالتكفير، وبالقوة إن لزم الأمر...

عاد الشر يقارع الخير
واحتسبت منذ ذلك الحين المرأة شرا، ارتبط اسمها بالشيطان

جردت من حريتها، من عقلها
من طفولتها، من براءتها...

من كونها كائن بشري
أصبحت متعة للجنس، ووعاء للإنجاب

ما كتبته نسج من الخيال . أما الأحداث المروية فهي حقيقية، للواقع الذي نعيشه.

بالرغم عما قيل،ويقال...
فقد حصلت المرأة على حريتها، وكرامتها، وحقوقها في دول عدت حول العالم...

السؤال الأهم: ما الذي يمنع، ويؤخر من أعطاء المرأة كافة حقوقها في عالمنا العربي؟
الجواب : لا يكمن الخطاء في الدين،أو العقيدة.

الدين انزله الله، وهو صنع الله، أما تفسيره فترك لعبيد الله، للبشر، للمؤمنين.
اتقوا الله يا عبيده في خلقه، وخاصة بنسائه...

الحرية، لا تعني الانحلال الخلقي، كما تروجون لها.
الكرامة، لا تعني عدم احترام الذات ، كما ترونها.
المساواة، لا تعني السيطرة، كما تفسرونها.

لرفع العتب، والمسئولة عن عيوبنا، ونقائصنا... نقول في أدبياتنا:" الشيطان شاطر".
ستزداد ألأمور سؤ ، إذا استمرت مجتمعاتنا بربط الإصلاح بالغيبيات، والفساد بالغيبيات.