نساء .. في مهب الريح (6 ) الدراسات ُ النسوية ُ في العراق



نادية فارس
2005 / 6 / 15

لست ُ من هؤلاء الذين يخاطبون القادة َ -- فالعملية ُ ليست سهلة ًحين تخاطب ُ الحكومة َ أو أحد َ أعضائها -- أو قائدا ً حزبيا ً أو أحد أعضاء ِ حزبه
يجب عليك أن تتعلم المسح على الأكتاف وإتقان ِ فن تمثيل ِ العبد ِ المطيع --أو المتذلل الخانع الخاشع في حضرة ِ سيادته أو عظمته ِ أو جلالته
وحين تراسلهم فعليك التأكد َ من أن ّ ذلك القائد لايملك ُ مجسّات ٍ لكشف الكذب والرياء ِ والنفاق وعليك التأكد َ أنك تحمل ُ معك جوعا ً متأصلا ً للتقرب من هالة ِ الذي تخاطبه ُ --والعيش في دائرته ِ مهما تعدّدت أدرانها--والتهام ِ بقايا مائدته ِ--وتحمل ِ صولاته ِ وجولاته ِ للنيل ِ من كرامتك والضحك على ذقنك
أعرف ُ أني لست ُ بقادرة ٍ على هذا --ولذا فأني لم أخاطب أحدهم ولم أوجه نداءا ً --لكنني خاطبت ُ الله َ يوما ً أعاتبه - بس!! - فقامت الدنيا ولم تقعد --وانبرى مدّاحوا السلاطين لنهش تلك التي تجرأت على مخاطبته وكأن ّ الله لايستطيع ُ حماية نفسه إلاّ بوجودهم --وبوجود خطوط ٍ من الحرس الخاص
وعلى أية ِ حال --فأني سأتوكل ُ من أتوكل ُ عليه --وأحاول مخاطبة َ الحكومة العراقية في عليائها وعزلتها عن الشعب



أيتها الحكومة ُ التي عكست للعالم مدى تخلفنا
أيها السادة وأيتها السيدات -الرجال قبل النساء إرضاء ً للحكوميين والحكوميات

في كل جامعات ِ العالم توجد ُ أقسام ٌ لتدريس ِ علوم الجندر والعلاقات الجندرية--تعتمد ُ التحليل المنطقي والبحوث الأجتماعية ودراسات ُ الحالات الأجتماعية على قدر ِ تعلقها بالسياسة ِ والدين والأقتصاد والمجتمع
في العراق --- لم تحصل النساء ُ العراقيات على مثل هذه الفرصة--حيث ُ كان لدينا معهد ٌ يتيم للفنون ِ البيتية --تتعلم ُ فيه الشابات العراقيات فنون الطبخ والخدمة ِ المنزلية ومهارات ِ الأنصياع للرجال والخضوع للأدوار الجندرية المتوارثة أمّا ً عن جدّة
إن الأوضاع َ الحالية تؤكد ُ بالدليل القاطع غياب َ فهم ٍ واضح للمشكلة الجندرية في العراق --وأمية لاحدود لها متفشية بين أعضاء الحكومة المحكومين بالعقليات العشائرية
والقيود الدينية -- والأتفاقيات الأستعبادية السياسية في محاولة ٍ لحكم العراقيين .. بغسل أدمغتهم

أخاطبكم -- ليس من موقف العبد المواطن الذليل لكم
وليس من موقف المتملق في حضرتكم --كما عوّدكم المدّاحون

بل من موقفي كأمرأة ٍ عراقية -- تعلم ُ خفاياكم وبواطن ِ سياساتكم وسرقاتكم.. ومحاولات استغفالكم لها
أخاطبكم ومعي ملايين الأصوات العراقية النسوية --وحتى الرجالية ِ التقدمية
أن تمحوا أميتكم -- نساءا ً ورجالا
إفتحوا قسما ً لعلوم المرأة -وليدخل أول الداخلين --أعضاء الحكومةوعلى رأسهم وزير العدل
افتحوا مثل هذا القسم ِ في كل ّ جامعة ٍ عراقية
أدخلوا علوم َ المرأة ِ في كل ّ أقسام العلوم الأنسانية --من اللّغات ِ الى التاريخ
أدخلوا علوم المرأة ِ في أقسام العلوم السياسية والأقتصاد
أزيحوا هؤلاء النسوان المتخلفات من حكومة العراق
واخلقوا جيلا ً من القياديات ِ اللواتي يفهمن في ميكانيكيات التغيير والبحث ِ الجندري المنهجي

رغم َ علمي بأنكم لستم قدر مسؤولية إدارة العراق بعد أن دمره ُ الحكم الديكتاتوري الصدامي -- لكنكم متشبثون بكراسيكم --ولقد أكملتم ما بدأه ُ صدام.. بتحطيم ِ ماتبقى
?فهل تُنكرون هذا
أنتم لستم رجال َ سياسة ٍ وإدارة بلدان وتنمية ُ مجتمعات ٍ مدنية -- اعترفوا بهذا

المعمّون فيكم يؤلبون لوبّيات ٍ وتجمعات ٍ نسوية لحماية ِ مصالحكم
إنّكم تقودونهن ّ كما الخراف ِ دون وعي منهن بحجم الجريمة ِ التي ترتكبونها ضد ّ العراق سياسة ً ومجتمعا ً واقتصادا
ولقد ورطتم من تورط معكم
ولقد وضعتم الشيعة والنساء َ في موقف ٍ لايُحسدون َ عليه
ولقد أوهمتم العراقيين بفتنة ٍ طائفية ٍ سيتحدث ُ عنها التاريخ
ولقد تسترتم على سرقات ٍ بليونية ٍ من خبز الشعب ِ من أجل كراسيكم
ولقد سرقتم .. وتبخترتم .. وتراقصتم بين دول ِ الجوار بحثا ً عن تحالفات ٍ ضد ّ أبناء ِ شعبكم
ولقد تبرعتم بنفط ِ العراق --حتى قبل َ عودتكم إليه
ولقد خطّطتم لعراق ٍ تمتلكونه --لا تخدمونه

كونوا شجعانا ً --ولو قليلا ً --وحقّقوا ديموقراطية َ التعليم ِ والتوعية
إفتحوا أبواب َ التعليم ِ على مصراعيها --وقلّلوا من صفحات ِ كتاب الدين --وأزيدوا في
صفحات ِ كتب السياسة والأقتصاد والمجتمع
حوّلوا المساجد َ والحسينيات الى مدارس َ يتعلّم فيها الناس أن يبدأوا حياتهم بفهم ٍ واضح لمعنى الحياة --ويتعلموا الإبداع َ في خلق ِ فرص ٍ لهم ولأطفالهم بعلمية ٍ وليس َ اعتمادا ً على الغيبيات ِ والتمنيات --وليفهموا معنى أن يعيش َ الأنسان ُ متساويا ً مع الأنسان
حولوا مسيرات الّلطم الى ماراثوناتٍ رياضية ٍ يشترك ُ فيها الجميع --نساءا ً ورجالا ً --بفرح ٍ وليس بحزن
علموا الناس َ أن يخرجوا من قوالب ِ الحزن ِ التي حشرتموهم فيها كجزء ٍ من البزنس الديني والطائفي الذي امتهنتموه أبا ً عن جد
أدخلوا لائحة َ حقوق الأنسان ِ وقوانين حماية المرأة ِ ومساواتها بالرجل في كل المراحل
الدراسية

عُذرا ً أيتها الحكومة
فديكتاتورية ُ رجال ِ الدين المصابين بشيزوفرينيا عجيبة ٍ غريبة ٍ-- لم يعد بالأمكان ِ السكوت ُ عليها
فمن جانب ٍ هو يحترم كَونداليزا رايس إمرأة ُ السياسة ِ الأمريكية-- ويبجلها
ومن جانب ٍ --هو يرفض ُ مصافحة َ برلمانية ٍ عراقية ٍ
أليست هذه شيزوفرانيا وتقلّب في المواقف ?--أليس َ هذا استصغار ٌ للمرأة ِ العراقية ِ مقارنة ً بالأمريكية ?--أليس هذا الموقف ُ يستحق ُّ أن تقف َ النساء ُ العلمانيات بوجه ِ هذا المريض النفساني الذي يغير مواقفه بتغيُّرِ من يتعامل ُ معه ?--أليست هذه مهزلة ٌ وجريمة تُرتكب ُ بحقِِّ من نالوا كراسيهم باسمها
ألأهم ُّ من هذا --ألا يعني هذا أن ّالمصلحة َ السياسية َ والمنصب َ السياسي هو أولوية ٌ وأن ّ الدين َ هو الوسيلة َ للوصول ِ للغايات ِ السياسية --فكيف يتحتّم ُ على النساء ِ إذن الخضوع الى الدين ِ الذي هو أداة ُ السياسي ووسيلته للوصول ِ الى غاياته ِ المادية ومتعة ِ دنياه
النساء ُ لهن َّ الآخرة -- حلم ٌ غائب لاندري إن كنا سنجد ُ شيئا ً في الآخرة ِ أم لا --ورجل ُ الدين ِ له الدنيا والآخرة

عذرا ً أيتها الحكومة
لايمكنني أن أخاطب َ الحكومة َ إلا ّ بهذه ِ الصدامية --فأنكم تعودتم مرأى دماء ِ الأبرياء حتى أنها لم تعد تشكّل ُ شيئا ً لديكم --وحتى أن ّ أعداد القتلى لم تعد تهمكم لطالما أن ّ هذه الأعداد لاتضم ُّإسم َ وزيرٍ أو رجل َ حكومة
إن كانت ِ النساء ُ في هذه الحكومة يستوعبن َ مدى تأثيرات ِ التخبط ِ السياسي على البرنامج الأجتماعي لما تجرأن َ أن يدعين َ تمثيلهن للنساء العراقيات
وشخصيا ً -- أنا أدعوهن أن يقتعدن الرصيف في سوق امريدي --كدلاّلات -- وهن ّ فعلاً دلاّلات وتجارتهن هي النساء والوطن ُ والأنسان