اضواء.. على تحرر المرأة



امال طعمه
2014 / 1 / 23

لقد قيل في هذا الموضوع الكثير من على هذا المنبر "الحوار المتمدن"وغيره، ربما لن اضيف بكتاباتي شيئا جديدا! ولكنها تأملاتي الخاصة احببت مشاركتكم بها..
احيانا هنالك بعض الكتابات التي تحاول اعطاء حلول او مسارات لدعم هذه القضية والخروج بالمرأة من دائرة القهر سواء كان السياسي او الاجتماعي! واحيانا اكثر الكتابات المطروحة تبقى مجرد تأملات فكرية تحاول ايضاح وبيان الواقع الذي نعيشه ككل و ينطبق بمشهده المظلم على المرأة بشكل اكثر مأساوية و اكثر اجحافا ..
فإن كلتي النظرتين تصبان في مصبين مختلفين رغم ان المجرى واحد!ان صح التعبير؟واحدة تعنى بالواقع والاخرى تعنى بفرض واقع مغاير!
فالاولى معنية بإيجاد حلول او وسائل خروج من الواقع المرير وهذا ليس سيئا بل على العكس انه يعتبر توضيح حقيقي لما نريد، ودعوة واقعية! اي تطبيق لرؤية بشكل عملي على ارض الواقع بدلا من الاسهاب في اللطم والنواح على وضع المراة ! ومن حقنا اللطم!
لكن المشكلة تبدأ وتكمن في امكانية تطبيق هذه الحلول حقا على ارض الواقع ونجاحها ان طبقت في تحقيق الهدف المرجو منها بشكل حقيقي وليس ظاهريا ،كما اعتقد هو الحال في معظم المظاهر التي نشاهدها الخاصة بتحرر المراة ومساواتها بالرجل في عالمنا العربي ، فوجود مثلا نائبات في البرلمان امر حسن ولكن وجودهن عن طريق كوتا يعكس فقر دعائم المراة السياسية او حتى الاجتماعية ولكن حتى الانتخابات البرلمانية اصلا لا تعكس مشاركة سياسية حقيقية اصلا في بعض البلدان ، حيث الانتخابات تعكس نفوذ عشائري ومصالح متبادلة!هذا الوضع الفاسد لابد له ان يؤثر على حال المرأة بشكل عام وتلك هي الفكرة ، حال المرأة من حال المجتمع!
اما الثانية التي تهتم بابراز مشاكل تواجهها المراة في مجتمعاتنا ،ودعوى لنبذ مظاهر التخلف والاستبداد الخاصة بوضع المرأة في عالمنا العربي ولكن تبقى هذه مجرد تأملات على ورق ،ربما تكون لدى الكثيرات او الكثيرين منا مثلها، فلا حلول مطروحة ولا منهجية واضحة فتبقى مجرد دعوات او( تنفيسات) عن واقع اليم رغم اهمية فضح وتعرية الجرم الحاصل بحق المرأة، الى انها تبقى محدودة التأثير ربما!
ان هاتين النظرتين تعملان في نفس الافق وهو حال المراة ولكن المشكلة تبقى في تغيير تلك الحال بشكل حقيقي!
فلا تعرية الجرم لوحده كفاية لحل القضية، ولا تبني حلول ليست بإرادة المجتمع اي انها ليست قائمة على تفهم الحاجة الى تغيير الواقع الخاص بالمرأة من ناحية مجتمعية لأن مجتمعاتنا - ورغم كل هذا الزخم الموجود حول الموضوع ،الندوات التي تعقد بخصوص المرأة،المؤتمرات ،المؤسسات الخاصة بحماية الاسرة والمراة، اعطاء حق التصويت للمراة في بعص الدول التي لم يكن فيها هذا جائزا!، تولي المراة لبعض المناصب التي كانت حكرا على الرجال - لا تستسيغ فكرة تحرر المرأة بشكل تام !
ورغم ارتفاع نسبة المثقفين(ان ربطنا الثقافة فقط بالعلم! ومااكثر جامعاتنا وما اقل ثقافتنا) في بلداننا والتي من المفروض ان يكون لهذا اتجاها ايجابيا في دعم قضية المراة الى اننا نجد ان هذه النخب الثقافية منفصلة عن واقعنا للاسف ولاتعنيها مشكلة المرأة او مشاكل المجتمع نفسه حتى،بقدر ما تعنيها مشاكل اخرى سياسية على الاخص ! بينما نجد العكس من ذلك في المجتمعات الاخرى المتقدمة.
للمظاهر الايجابية الحالية لصالح المرأة كلام اخر،،والتدقيق والتمحيص حول حقيقية مكاسب المرأة حاليا كلام اخر ايضا!
ما يهمني هنا ربط قضية المرأة بحال المجتمع ، فمجتمعاتنا اغلبيتها مازالت قبلية رعوية التفكير ذكورية ، التمييز فيها لصالح الذكر المسيطر والقيادة والاهمية للعشيرة التي يتبعها الرجل،(الفرد يذوب داخل الجماعة ،العشيرة، واهميته من اهمية العشيرة من هنا الخصوصية للفرد غير موجودة وبالتالي ينعكس هذا الامر سلبا على المرأة و بشكل اكبر من الرجل، المراة تابعة للرجل والرجل تابع لعشيرته!)
و هنا ارى اي ميزات تعطى للمراة نابعة من مستجدات اقتصادية او اجتماعية وليست من تغيير فعلي بنظرة المجتمع القبلي وعلى سبيل المثال تقبل فكرة عمل المرأة مرتبط بالوضع الاقتصادي مثلا وليس نابع من فكرة راسخة وايمان عميق بأهمية عمل المراة! أوتحقيق الذات بالنسبة للمرأة مثلها مثل الرجل! بل ان الدافع الوحيد ربما لذلك هو الدخل المتأتي من عمل المرأة الذي يدعم الرجل ماديا ولكنه لايعطيه قيمة اجتماعية! مثلا المرأة تفتخر بعمل زوجها وثروته ومركزه لكن لا احد يفتخر بعمل او مركز زوجته لان هذا يعتبر عيبا ومسا بكرامة الرجل الشرقي .. لذا نجد ان المرأة تعمل لكن لا قيمة لها حقا بعيدا عن دائرة الاسرة!فوجود المرأة وكينونتها ينحصران داخل اسرتها فقط، لهذا حديث اخر ايضا!

فكم من رجل زوجته تعمل ان سألته عن سبب قبوله لأن تعمل ، سيجيب أن هذا حقها!
ربما ستكون الاجابات على الاغلب مثل: ليس عيبا ان تعمل المرأة (وهذا مقبول نوعا ما)،او نحن بحاجة الى الدخل المتأتي من عملها لولا ذلك لم اكن لاسمح لها بان تعمل، او زوجتي تعمل معلمة في مدرسة للبنات ولا تختلط بالرجال!
لا احد ينكر اهمية بعض المكتسبات التي حصلت عليها المرأة كخطوة عملية نحو تغيير الواقع الفاسد، ولكن اعتقد ان تغيير مفاهيم مجتمعية راسخة منذ سنين وسنين .. امر صعب قد يحتاج لوقت طويل لتحقيقه،او بروز حاجة ملحة لتغيير شامل لنمط تفكير السائد !و ما احوجنا الى التغيير! النابع من انفسنا وليس مفروض علينا!
لابد من تغيير في الكثير من المفاهيم لدى المجتمع وتطوير النافع منها وابراز هوية ثقافية جديدة ان صح القول ،،تدعم الفردية(اهمية الفرد بشخصه) وتمايزها مثلا وامور اخرى مهمة! .. ومن هنا تدعم حقوق المرأة لان تطور حال المرأة من تطور حال المجتمع نفسه
مجتمع متطور منفتح... امرأة افضل حالا!

محاولة فرض امور لا توافق التطور المجتمعي قد تبوء بالفشل وقد يكون لها نتائج عكسية، انها مثل التكنولوجيا التي استوردناها ،نستورد يوميا احدث انواع السيارات ونقودها ،ولكن هل فعلا نحن بعقولنا تغيرنا حقا بمفاهيمنا من مجتمع لا يعرف سوى الحيوانات او المشي كوسيلة نقل الى مجتمع يعتمد على الالات في حركته!
ام من جانب اخر هل نحن بحاجة الى تغذية المجتمع بالكثير من الامور التي من شأنها تغيير الكثير من المفاهيم السائدة ومنها النظرة الى المرأة بدونية ؟فيكون التغيير ناتج عن التلقين المستمر !