زيارةٌ إلى فلسطين السّليبة تنغّص فرحة وزيرة جديدة



محمّد نجيب قاسمي
2014 / 1 / 30

زيارةٌ إلى فلسطين السّليبة تنغّص فرحة وزيرة جديدة

أثار تعيين وزيرة شابّة تحذق اللغات الأجنبية وذات تكوين أكاديمي صلب وتجربة ميدانية ثريّة في الحكومة التونسية الجديدة موجة من الانتقادات العارمة رسمية وشعبية وكانت الانطلاقة الحادّة لذلك أثناء عرض الحكومة على المصادقة بالمجلس التأسيسي وتواصلت على صفحات التواصل الاجتماعي والصّحف السيارة وفي أحاديث المقاهي الكثيرة..أمّا موضوع الانتقاد فكان زيارة أدتها السيد آمال كربول إلى فلسطين المغتصبة ذات يوم سنة 2006.
ولم يكن موضوع الانتقاد وحده مثار اللّغط بل طريقة الانتقاد وأبطاله أيضا..فإذا كان من البديهي محاسبة من زار دولة الكيان الصهيوني أيّا كان في بلد عربي مسلم لا يعترف بذلك الكيان الغاصب فإنّ السؤال المطروح:من يحاسب؟ وكيف يحاسب؟
إنّ المجلس التأسيسي الموقّر كسلطة أصلية أساسية رفض التّنصيص عل تجريم " التطبيع " في الدستور الجديد رغم مطالبات عديدة ومتواصلة بدعوى عدم الرغبة في استجلاب ضغوطات دولية قاهرة ولهذا فليحاسب نفسه أولا قبل محاسبة الآخرين.
ثمّ إنّ الكثير ممن عارضوا التنصيص على منع التطبيع ثاروا اليوم فأرغوا وأزبدوا وكان الأولى الثورة على أنفسهم لا على غيرهم
و بعض من عارض شتم وأقذع وصاح وصخب وخرج عن حدود اللياقة والأدب وبدا هستيريا في حركاته وعباراته ..وكان من اليسير التوجّه بالنقد بكل هدوء وبالاحترام واللياقة الذين يليقان بمجلس هو من وضع القاعدة القانونية العليا للاختلاف وللمحاسبة ولكل كبيرة وصغيرة تنظم الشأن العام.
وكان معظم المنتقدين والغاضبين والثارين على آمال كربول من الرجال ويندر أن نجد امرأة .فهل هي ثورة " الرجال" البائسة على النساء ...هل رفضُ تولّي امرأة حقيبة الوزارة هو وراء ذاك الصّخب المتلحّف برداء مقاومة الصهيونية ؟ وهل دعم النساء هو الرغبة المحقّة في جعل مشاركة المرأة في المناصب العليا أمرا واقعا بعيدا عن انشائيات النصوص لا سيما وأن عدد الوزيرات ظلّ دوما يعدّ على أصابع اليد الواحدة في بلد معظم خريجي جامعاته من البنات ومعظم المتفوقين في مدراسه ومعاهده وجامعاته من البنات؟
يحقّ لنا جميعا أن نغضب لفلسطين السّليبة بل من واجبنا أن نثور. ولكن هل حرّرنا نحن القدس وباعتها السيدة آمال؟ علينا جلد أنفسنا صباحا مساء على ضعفنا وهواننا واستكانتنا بل علينا بناء قوتنا وتنمية أوطاننا واسترداد حقوقنا وتوجيه معاولنا نحو الحقول و البساتين وليس نحو بيوتنا لهدمها وتخريبها ، علينا توجيه بنادقنا نحو أعدائنا لا نحو صدورنا .
ها نحن أبدينا شراسة وبسالة في مواجهة شابة منّا وأظهرنا رغبة مكبوتة في تحطيم معنوياتها فهل لنا القدرة على مجرد الصّراخ في وجه العتاة ؟
يحقّ لنا محاسبة السيدة الوزيرة ولكن بالحكمة والعقل و بالحجة والبرهان .وعوض القول "خذي ملابسك وارحلي " علينا القول " بنيّتي ..إن أخطأت فعليك تحمل مسؤولية خطئك ".ويقيني أنها ستتفهّم الأمور...وكان علينا إقناعها بأن الأمر يتجاوز شخصها إلى أمّة عظيمة وبأنّنا نريد أن يكون الأمر درسا لكل من يفكر في زيارة "دولة إسرائيل "الغاصبة ولو للحظات ولكل من يحلم بمشاركة الصهاينة في المؤتمرات والمباريات ..
وهذا بيان للنّاس عسى أن يعقله من يحارب المرأة والشباب والعلم ..فمن دواعي الهجوم على آمال كربول أنها أنثى وشابّة ومتعلّمة تعليما راقيا.