مَاذَا لَوْ حَكَمَتِ الْمَرْأَةُ الْعَالَمَ؟



محمّد نجيب قاسمي
2014 / 2 / 15

مَاذَا لَوْ حَكَمَتِ الْمَرْأَةُ الْعَالَمَ؟
يتفرّد الإنسان عن سائر الكائنات بالعقل والذّكاء .وهذا ما يمنحه ميزةَ قيادة التطوّر في المجتمعات الّتي يعيش فيها وفي العالم كلّه.ولعلّ أبرزَ وجوه تلك القيادة التحكّمُ والسّيطرة والقدرة على إدارة الشؤون الخاصّة والعامّة عبر تحليل المشكلات وإيجاد الحلول المناسبة لها بصفة مستمرّة. وفي هذا التميّز للكائن البشري عن غيره لم يتميّز الذّكر عن الأنثى ولا الأنثى عن الذّكر بميزات ذهنيّة خاصّة تؤهّل أحدهما لقيادة التّطّور على الآخر .أمّا ما يوجد من فُوَيْرِقَاتٍ جسديّة طفيفة لدى كلّ منهما فهي لا تؤهّل أيَّ طرف ليكون أفضل بل تجعلهما يتكاملان .
ولمّا كانت الغلبةُ للأقوى بدنيًّا وللأشرس قتاليّا وراء كلّ نفوذ سلطويّ في معظم العروش عبر التّاريخ كانت السّلطة بيد الرّجال في أغلب الأحوال ..وهذا النّوع من القوّة لا يشكّل في الأصل قاعدةً وجيهة لجعل السّلطة ذُكوريّةً في المطلق لأنّها شائعةٌ كذلك في عالم الحيوان حيث النفوذ والسّيطرة للذّكر القويّ دائما .وبما أنّ الأمر غريزيٌّ عند الحيوان فسيظل كذلك أبد الدّهر فلا حضارة ولا ثقافة تنتجها البهائم العجم لتتراكم فيها الخبرات وتتغيّر معها الوضعيات.بيد أنّ الأمر ،في عالم النّاس ، يجب أن تتبدّل فيه الأحوال والأوضاع ولا تظلّ ثابتة على حال واحدة فمن طبيعة الإنسان الخضوع للتغيّر المستمر الذي يطوّر به واقعه دوما إلى الأفضل .ولْتَكُن قيادة المرأة للشّأن العام من الوضعيّات التي على المجتمعات القبول بها عسى يتطوّر حالها الذي ظل متقلّبا وهو بيد الرّجال.
ولعلّ المتأمّل في تاريخ السّلطة وهي لدى الرّجال يلحظ بيسر الخيبات المتتالية التي عرفتها البشرية من نزوات الذّكور واندفاعهم الوحشي لاستعمال القوّة المادّية بالدخول في حروب مدمّرة وصراعات دمويّة أزهقت ملايين الأرواح وخرّبت العمران ..ثمّ إنّ بعض التجارب النّادرة لحكم النّساء برهنت على حسن تدبيرهنّ وبراعتهنّ في التسيير والإدارة والتّنظيم .
ولهذا كلّه من حقّ المرأة أن تعتلي سدّة الحكم وقد آن أوان ذلك و لا مفرّ منه .فهي تتصدّر قوائم المتفوّقين بالمدارس والمعاهد والكلّيات وتسجّل نسب المتخرجات في أرقى الجامعات تفوّقا كاسحا على الذّكور. أمّا إدارتهنّ للمؤسسات العامّة والخاصّة فقد كشفت عن حكم رشيد ورأي سديد ومردود يزيد ولا خلاف في أنّ حضور المرأة في سجلات قوائم الفساد لا يكاد يُلحظ . وإذا كانت السياسة تعرّف بأنّها فنّ قضاء شؤون النّاس فالمرأة جديرة بأنّ تكون من أرباب هذا الفنّ أمّا إذا كانت تُحَدُّ بأنّها فنّ عدم قضاء شؤون النّاس فلْنَأْمَل بأنّ أمّنا وأختنا وابنتنا وزوجتنا وحبيبتنا وجارتنا لن تخذلنا كما خذلنا الرّجال.
وإن نُصبحْ تحت اِمْرة المرأة يوما - ونأمل أن يكون ذلك قريبا – فلْنَحْلم بمجتمع متآلف متضامن متماسك كما تحضن الأمّهات أسرنا وتصبغها برونق خاص لا يقدر عليه معظم الرّجال ولْننتظر انتشار الرقّة والجمال والنّعومة والوداعة والنّظافة في كلّ فضاءاتنا الداخلية والخارجيّة كما تنشرها معظم نسائنا وبناتنا في أفنيتنا وبيوتنا ...
وإنّ غدا لناظره لقريب..