تجربة مقاومة النساء ببلدان حوض البحر الأبيض المتوسط



نجية أسيف
2005 / 6 / 30

إنعقدت ورش عديدة بالمنتدى الإجتماعي المتوسطي الأول ببرشلونة أيام 16 و17 و18 و19 يونيو 2005 تناولت هموم المرأة في البلدان المتاخمة لحوض البحر الأبيض المتوسط، وقد حضيت هذه الأوراش بإقبال كبير عليها، كما شكلت ورشة تجربة مقاومة النساء ببلدان المتوسط احدى أهم هذه الورشات، حيث تناولت بالنقاش أوضاع النساء بهذه البلدان وخاصة في دول معينة كالجزائر وفلسطين والعراق. كما تطرقت الورشة إلى الدور الخطير الذي تلعبه النيوليبرالية المتوحشة في الإجهاز على مكتسبات المرأة خلال مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وزمن الامتداد الشيوعي.
وقد شكلت الورشة مناسبة لطرح العديد من التوصيات واقتراح أشكال مختلفة لإنخراط النساء في مقاومة الليبرالية المتوحشة واستعادة هوامش الحقوق التي تطالب بها.

أولا: مظاهر العنف المسلط على نساء بلدان المتوسط
تناولت الورشة أسباب العنف الممارس على النساء في بلدان المتوسط، وقد اعترف الجميع بأن هناك فرق من حيث الدرجة بين وضعية النساء في الضفة الشمالية للمتوسط ووضعية النساء في بلدان الضفة الجنوبية. لكن الطابع العام الذي يقف خلف العنف ضد النساء في كل مكان يتمثل في استفحال العقلية الأبوية والذكورية وكذا اسقاطات السياسات النيوليبرالية المتوحشة اضافة إلى النزاعات والأنظمة القانونية حول الهجرة ... إلخ.
فلا زالت دول الجنوب تعاني من تسلط الفكر الديني الذي يمحي شخصية المرأة ويحرمها من حقوق وحريات عديد من أهمها الحقوق الإقتصادية كالحق في المساواة في الإرث مع الرجل مثلا. وقد أشارت احدى المتدخلات إلى معاناة المرأة الجزائرية نتيجة الحرب الأهلية التي اشعلتها التيارات الاسلامية والتي كانت موجهة أساسا ضد حقوق النساء وحرياتهن. كما أن الجميع يصفق في المغرب لمدونة الأسرة بينما هي في الواقع تشرعن لتعدد الزيجات وتكرس الحيف في الإرث.
كما تطرقت المداخلات إلى أن هناك ملايين من النساء يعشن في فقر مدقع خاصة عقب تطبيق سياسات التقويم الهيكلي الأداة الهجومية لليبرالية المتوحشة. وقد أشارت التدخلات إلى أشكال تأثير السياسات الليبرالية والعولمة في حوض المتوسط ومن بين هذه الآثار هناك ما يلي:
1 – تحرير الأسواق التي أثرت على الطبقات الكادحة وخاصة منهم النساء، وقد كان التأثير بشكل ملحوظ على المرأة جنوب الصحراء حيث تراجعت المساعدات وتقلصت الخدمات الصحية وارتفعت كلفة التمدرس التي تم تحويلها إلى القطاع الخاص؛
2 – كما أدى البحث عن تقليص العجز في الميزانية إلى تقليص الاعتمادات الإجتماعية في مجال التعليم والصحة والسكن والنقل والتي تعاني منها المرأة بالدرجة الأولى؛
3 – انتشار استغلال المرأة في العمل خصوصا منه العمل السري والذي زعزع مكانة المرأة؛
4 – انتشار القطاع غير المنظم الذي لا يحتوى على أدنى الضمانات الصحية وفي غياب الضمان الإجتماعي؛
5 – عودة ممارسات العبودية حيث أن 80 % من الفتيات يعملن 19 ساعة يوميا وفي اطار جحيم الاستغلال الاقتصادي والتحرش الجنسي؛
6 – في الوقت الذي فرضت فيه العولمة الليبرالية حرية انتقال رؤوس الأموال والخيرات الاقتصادية وضعت حدودا على انتقال الأشخاص بحيث قاد ذلك إلى المزيد من استغلال اليد العاملة المهاجرة سرا:
أ – 66 % من المهاجرات من النساء وتعتبر نسبة عالية جدا؛
ب – ارتفاع هجرة النساء تميزت بالسرية وقد انطلقت في عقد الثمانينات دون الاهتمام بها في الوقت الذي تم الاهتمام بالهجرة الرجالية؛
ج – غالبا ما تكون المهاجرة في وضعية ضعيفة وهشة وتقبع في المنزل فهي ضحية تحتاج إلى حماية؛
د – غالبية النساء المهاجرات يعملن في قطاع الخدمات في غياب عقود العمل وفي ظروف سيئة جدا؛
ه – صعوبة حصول المرأة على عقد عمل مقارنة مع الرجل مع غياب الضمان وزيادة المخاطر واستغلال المرأة من طرف المافيات.
7 – تم تحديد أسباب الهجرة في غياب التعليم والبحث عن موارد اقتصادية كالبحث عن عمل، والتهرب من زواج مقرر مسبقا.
وقد تطرقت الورشة إلى معاناة النساء في كل من العراق وفلسطين حيث سلبت الحرب منهن الاحساس بالأمان والإستقرار وأبسط الحقوق الانسانية كالتعليم والصحة والكرامة.

ثانيا: استراتيجية المقاومة وفرض حقوق وحريات النساء
تناولت العديد من التدخلات مسألة مقاومة الليبرالية المتوحشة وسيادة العقلية الأبوية والذكورية وجرأة طرح المطالب النسائية الأساسية سواء تلك المتعلقة بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية أو المتعلقة بالحقوق الجسدية.
وفي هذا الصدد تم التأكيد على الاستمرار في دعم:
- المطالب الواردة في المسيرة العالمية للنساء خاصة منها المطالب الاقتصادية ومقاربة النوع؛
- مناهضة النيوليبرالية؛
- تحسين السياسات الضريبية لفائدة النساء ؛
- الغاء الديون الخارجية؛
- الوقوف ضد خوصصة المرافق العمومية؛
- اعتماد سياسات منصفة للنساء؛
- اعتبار التمييز الجنسي أفظع أشكال الاعتداء على حقوق الإنسان؛
- إدماج الحقوق الإنجابية في إطار الصحة؛
- اعتماد الدساتير للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمرأة؛
- تحسين صورة المرأة المهاجرة.

خاتمـــــــــة:
خلصت الورشة عند اختتام أشغالها إلى ضرورة بناء شبكة متوسطية بين التنظيمات النسائية المناضلة من أجل مقاومة العولمة الليبرالية والعقلية الأبوية والذكورية والمطالبة بالحقوق الأساسية للنساء.
وتنخرط هذه المبادرة في إطار الرغبة في تكريس آفاق التعاون والنضال المشترك بين مختلف التنظيمات النسائية بالمتوسط وتبادل التجارب والخبرات.