لا لمشروع القانون الطائفي المهين لكرامة المرأة وحقوقها



شبكة النساء العراقيات
2014 / 3 / 1

في بداية كانون الأول 2013 ، سبق أن طرح للنقاش في ورشة العمل الموسعة الخاصة بمناقشة مسودة تقرير الظل لسيداو مشروع قانوني "الأحوال الشخصية الجعفرية" و "القضاء الشرعي الجعفري"، وأتفق الحضور على بيان يندد بهذا المشروع ويطالب بإلغائه، لعواقبه الكارثية على وضع المرأة من خلال سحق كرامتها وامتهان حقوقها في الزواج والطلاق والحضانة والميراث، بالضد تماماً من أحكام الدستور في مجال الحقوق والحريات، ويتعارض تماماً مع التزامات العراق باحترام الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها، ولا سيما اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. إضافة إلى ما ينجم عنه من تمزيق لوحدة التشريع الوطني، التي تعززت على مدار عقود من الزمن، تمثلت بقانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، الذي كان له تأثيره الإيجابي في تعزيز سلطة القضاء والعدالة ومؤسسات تنفيذ القانون، وتوطيد السلم الأهلي وتمتين وحدة النسيج الاجتماعي من خلال الزواج المختلط بين المذاهب، بل وحتى بين الأديان ومختلف الأقوام، وكذلك حمايته للعديد من حقوق المرأة مستنداً إلى مبادئ الشريعة الاسلامية الأكثر ملاءمة لروح العصر، وأغلب أحكامه مستقاة من الفقه الجعفري.
ورغم قرار الحكومة أنذاك بتأجيل البت بالمشروع إلى ما بعد الانتخابات، تحت ضغط مواقف الرفض التي عبر عنها العديد من المختصين في القضاء والقانون وقوى سياسية وأعضاء في مجلس النواب ورجال دين وشخصيات ثقافية واجتماعية، فقد اكدت منظمات المجتمع المدني على مواصلتها حملات المدافعة والضغط في المطالبة بإلغاء مشروع القانونين، والتوعية بالأضرار الجسيمة لمثل هذا المشروع على استقرار العلاقات الأسرية والمجتمعية، وانعكاساته السلبية للغاية على أوضاع النساء والأطفال.
واليوم حيث يحنث مجلس الوزراء بوعده السابق ويعلن موافقته على مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفرية، واحالته إلى مجلس النواب لمواكبة تشريعه، في توقيت مثير للتساؤل والاستهجان بُعيد مناقشة تقرير العراق أمام لجنة اتفاقية سيداو في جنيف في 18 شباط، حيث حظيت المادة 41 من الدستور ومشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفرية بتحفظات اللجنة لتكريسهما التمييز ضد النساء وتعارضهما مع مبدأ المساواة وعدم التمييز الوارد في المادة 14 من دستور العراق. كما يؤشر توقيت اعلانه المتزامن مع احتفالية يوم المرأة العالمي غياب الإرادة السياسية في الاعتراف بحقوق المرأة ومشاركتها في صنع القرار.
ان قرار مجلس الوزراء يتعارض تماماً مع اتفاقات جميع الكتل السياسية في مجلس النواب على ان المادة 41 من الدستور المتعلقة بقضايا الأحوال الشخصية التي استند اليها هذا المشروع هي لا تزال قيد التعديل الدستوري التي لم يتم حسمها حتى اليوم، وهي تتناقض تماماً مع المادة 14 من الدستور التي تنص على ان العراقيون متساوين امام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي.
إن منظمات المجتمع المدني تجدد رفضها لهذا المشروع الطائفي من منطلق المصلحة الوطنية العليا للحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي لشعبنا وبناء الدولة المدنية الديمقراطية، والدفاع عن مبدأ المواطنة والمساواة في الحقوق للنساء والرجال، والقضاء على كافة أشكال العنف والتمييز ضد النساء، وبالأخص منع زواج الصغيرات والزيجات المؤقتة وتقييد تعدد الزوجات والطلاق التعسفي، وفرض تسجيل عقود الزواج والطلاق في المحاكم.
وتؤكد، في الوقت نفسه، ان احترام كرامة المرأة وحقها في اختيار شريك حياتها بدون اكراه، وبناء حياة أسرية قائمة على المودة والتفاهم والشراكة هي المنطلقات الأساسية في توجهات منظمات المجتمع المدني وفي برامجها من خلال رفع الوعي الفردي والمجتمعي وتطوير العلاقات الاجتماعية واصلاح منظومة التشريعات ومؤسسات انفاذ القانون على أسس المساواة والعدالة، لضمان بناء النظام الديمقراطي وتحقيق التنمية المستدامة في العراق.
شبكة النساء العراقيات
بغداد في أذار 2014