المرأة بين حق الوجود وحق الوجوب



عباس علي العلي
2014 / 3 / 3

من أشد المرارات التي تعاني منها المرأة والتي أشك في صدق نوايا متزعميها حملات المطالبة بحقوق المرأة والدعوة لها من قبل الرجل بعيدا عن كون الداع مؤمن بها أو مجرد شعار يريد من وراءه العبور نحو هدف ما, المرارة أن حق المرأة هذا ذو جانبين أولهما الوجودي المتصل بها كذات لإنسان قد سلبت منه حقوقه تحت عناوين كثيرة وبالتالي فالمطالبة هنا أخلاقية أولا بمعنى استرداد حق وليس منح حق غير موجود , ومن سلبت حقوقه عليه أن يبادر بكل الوسائل لأستردها كي تمضي حركية الوجود وفق العنوان الأول أن لكل مخلوق وجود ولكل وجود شروط ولكل شرط دور في الانتظام الوجودي.
أما الحق الثاني وهو الحق الوجوبي وهو حق متأت من أداء المرأة واجبها الطبيعي هذا الواجب بالمقابل يرتب حق مقابل ملزم للمجتمع طالما أننا نؤمن أن الحياة الإنسانية بين المرأة والرجل شراكة قائمة على مبدأ التكامل,هذا التكامل حتى يكون حقيقيا على كل طرف أن يعترف للأخر بحقه طالما نفذ الالتزام المناط به, وأيضا هذا الحق ليس منحه ولا أختيار فردي بل هو ترتيبي طبيعي وحتمي.
من الصورتين أرى أن مفهوم حقوق المرأة يتعدى التفضل والمنح والتكريم بل هو حق رغم إنكار الطرف الأخر له لكنه وبكل ما فعل لا يمكن أن ينكره أو يتجاوزه وبالتالي الصيغة الحقيقية هي حملات استرداد الحق الوجودي والوجوبي المستلب دون أن نمارس الرجولة والفروسية والنبل تجاه صاحبة الحق إنه إذعان المجتمع لكسر حالة اللا توازن وأعادة تصحيح السيرورة الاجتماعية فقط.
الدعوات والأصوات التي تطالب اليوم بمنح المرأة حقوقها الدستورية والقانونية هي بالوجه الأخر نشاط غير متوجه أصلا نحو الهدف المطلوب منه, الدعوة يجب أن تتضمن تفصيلات وأوصاف وحدود ما سلب من المرأة من حقوق ثم المطالبة بردها مع التعويض المناسب الذي يناسب ما خلفه الرجل من شرخ حقيقي في أنا المرأة الأنا المتصدعة من خطيئة الرجل وقسوة أحكامه,الدعوة ليست إخلال بالموازين الطبيعية وإعادة استعباد للرجل بقدر ما هي تصحيح لوضع مختل وتصحيح لمسار علاقة مشوهة ينقصها الجرأة ان نعترف بلا أخلاقية ممارستها .
المطلوب اليوم ان نعيد الأعتبار لنصف المجتمع أو بالاعتذار التأريخي لها ولشخصية المرأة بكل ما تمثله من حقب ظلامية وظلم متراكم ثم سن القوانين التي تمنع انتهاك حق المرأة وعدم المساس بما أستردت تحت أي دعوى أو زعم ثم التثقيف على أن انتهاك حقوق المرأة بالنتيجة انتهاك لحقوق المجتمع ودعوة الى العودة لعصر الظلام فلا بد من وضع قاعدة فكرية تستند إلى أن حرية المجتمع وتحرره مركون اساسا الى الباعث الأول والركيزة الأهم وهي المرأة,هنا يمكننا أن نطمئن ان المسيرة التحررية قادرة على التواصل وتصويب السيرورة الإنسانية