أي عيد للمرأة ، في عالم يغتصب المرأة؟!



فلورنس غزلان
2014 / 3 / 6

هذا يوم أطلقوه من أجل """المرأة ...."""! أطلقه من يقولون أنهم ينتصرون لها ...لمساواتها وحقوقها المرهونة في جيوب عقولهم ، المخفية تحت أجنحة مصالحهم ..والمُجَيَّرة لخدمة أغراضهم السياسية والاقتصادية...يستخدمونها على النحو الذي يُمَكِّنهم من خلاله تحقيق مآربهم في قمع شعوب أخرى، أو سحق أقوام لاتشكل على خارطتهم السياسية رقماً، إلا مادون الصفر في حسابات أسواقهم المُتخَمة بعمليات البلع المُستدام....هي عبدة هنا وسيدة هناك ...لكن لمساتهم التلميعية تُظهر للعيون الزائغة أو المتعبة ..أو المسحوقة أنها تحفظ لها جنسها وتحمي نساءها!! فكيف يؤتمن الذئب على الأغنام ياسادة العالم ..أو ياذئابه الشرهة لابتلاع حقوق المستضعفين؟!..فأي النساء اليوم أبارك؟ وكم من النساء قضين تحت نعال ذكورتكم الخرقاء وسياستكم العمياء؟ وحروبكم المباشرة أو الموكلة لأرقاء يعملون بأجورتضمن لهم البقاء وحق الاصطياد المَرَضي في ساحاتٍ ترفض عبوديتكم وعبودية رعاياكم ، حروب تدور رحاها وأنتم تسترِقون السمع وتغضون البصر عن اغتصاب النساء فيها ،عن اعتقالهن واستباحة أعراضهن وبيوتهن وحرمانهن من حق الأمومة في درء غوائل الحياة عن صغارها؟!.
أأتحدث عمن تذر الرماد في عيونها وتبلع الهواء في زنزانتها ...ومَن هي ؟ أهي رزان زيتونة؟ أم سميرة الخليل؟ أأحاور ابنة أختي " تغريد" المُغيَبة منذ عام عن خمسة أبناء ..أم عن رنيم معتوق ابنة خليل معتوق التي ألحقوها بوالدها كي يكتمل نصاب الألم ونصاب الظلم؟ أم عن المحامية جيهان ؟ وان استمر العد والتسميات ..فيحتاج الأمر لصفحات وأساطير...تسجل ماتعانيه المرأة السورية في معتقلات الأسد من جهة ،ومعتقلات مَن يتبادلوا معه الأدوار فوق أرض سوريا كوكلاء للرب ووكلاء عن الشعب!...هذا عن المرأة وحدها ، فمابالكم عن شعب يُنَكل به منذ ثلاثة أعوام ...ويُستبَاح تحت سمع وبصر بشرية غُسِلت من الأخلاق ومن حق الإنسان في أبسط شروط الحياة والإنسانية...هؤلاء دعاة " الحق ودعاة العدل ودعاة الديمقراطية "! ، التي تميل موازينها فترتفع حين يطال إنسانهم وتنخفض إلى أسفل درجات النسيان والتَغافُل والتعامي حين يطال إنساناً ..شاءت الصُدَف الجغرافية والتاريخية أن يجاور بلده شرطي المرور الأمريكي وشرطي المنطقة " إسرائيل" الدولة المختارة والمفروضة " ربانياً وغربياً" لتفرض مصالحها وأجنداتها على حساب شعب حلم بالحرية وحلم بحقه في إقامة دولة عادلة تصون كرامته المهدورة منذ نصف قرن على أيدي مَن لايعرفون من الحياة والعدالة سوى امتصاص الدماء وحرق كل من يقف بطريق ..غطرستهم وتسلطهم ..
إليك يابنتي تغريد ولكل من تقارع نظاماً يكن العداوة لشعبه ، نظام َالقتل والجريمة..إليكن يانساء بلدي ...الثكالى ،المحرومات واللاجئات في خيام التشرد...إليك يابنة الياسمين البارحة وابنة الجوع اليوم ..أقول: ..ستمر عرباتهم وتعبر مدرعاتهم أشواك مقابرنا ، وبقايا دروبنا المتربة والمحترقة.....ستمر سفن القراصنة أمام خيمتك أو تعبر مخيلتك في زنزانتك...وستختلج مفاصلك وتشرقين بدمعك ..سترين اكتناز قوافلهم وامتلاء جيوبهم وشبع معدتهم...وأنت تتضورين..وأنت ..تحلمين بهواء الحرية...كوني واثقة أنها مُلكٌ لكِ ..وأنهم يخشونك وأنت بين أيديهم...يخشونك وأنت خلف قضبانهم...أترين إذن مقدار عظمتك؟..أتعرفين أنك تمتلكين الماء كله ..وتتحكمين بمساره في حياتنا..لأنك مصدر الحياة يابنة الشام...لأنك صانعة المعجزات في عصر الديناصورات العابرة للمحيطات..
رغم كونك ياقوتة الوطن وأيقونة الحرية..فأنت كذلك الرقم الصعب ..أنت الصلابة والقوة المكنوزة في أعماق مشاعرك وايمانك بسوريتك...رغم كونك زعفران الحقل وفراشاته، زهرة الرمان واللوز...ونضارة الربيع في تاريخنا...رغم أنك إليسار وعشتار ...ورغم أنك الندى فوق قمح حوران ، تبكين أقحوان الفرات وبردى...فأنتِ أيضاً السيف والنصل والخنجر..أنت الحجر والصخرة الصلبة الواقفة بدرب حوافر خيولهم العاجزة عن اكتشاف دروبك الوعرة ، أنت الصارية التي لاتكسرها ريح الظلم والقهر..أنت تعويذة لاتقرأها شياطين الموت والقتلة ..أنت طلسم لاتفك أُحجيته عقول لاتمتلك من الحياة سوى غباء السلطنة ،غباء العصا وصولجان مُلك انتهت صلاحيته.
يامن تملكين أسرار الوجود وخفايا الكلمة...يامن وقفتِ في وجه من يريد أن يخطف الضوء من عيون الصغار...أنت حواء دون غواية...أنت الأم والمرأة والأخت...دون حماية..لأنك من يحمي ..من يحرس البداية وينتصر في النهاية..أنت الفرس والفارس..أنت الطريدة اليوم والصقر غداً...أنت الغيمة الماطرة اليوم والشمس المشرقة ربيعاً...هم يهتكون ويقتلون ...ويديك تعمر وتبني.. وتحفظ ذُرية غسان والزباء ...كوني طيناً للحقول الجافة المنتظرة..كوني تربة لاتموت وبذرة تجدد الخلايا..كوني سورية وريثة ماري وأوغاريت...كوني كما أردت وكما نحلم بك ونراك..قديسة في زمن العهر بكل جوانبه المستباحة..فأنت ..ووحدك مصدر إلهامنا ونبع حلمنا ..فلن ينضب ولن يموت مادام فينا تغريد ، رزان ، سميرة ، رنيم ، وجيهان.
ـ باريس 6/3/2014