في ذكرى يوم المرأة العالمي



عامر الدلوي
2014 / 3 / 7

في درب الآلام والدموع ... أمضت ملايين النساء أعمارهن منذ فجر التاريخ و حتى يومنا هذا .. في مجتمعات أقل ما يمكن قوله فيها , إنها لا تمثل إلا بؤرة للتخلف وإنعدام العدالة والإنصاف في هيمنة واضحة لسلطة المجتمع الذكوري المدعومة منذ الأزل بسلطة الكهنوت الذي أرتضى لنفسه أن يكون مطية للحكام و نزواتهم وشهواتهم , بدلا ً من العمل على أصلاح الفساد القائم وإحقاق الحق , في تطبيق صحيح لما جاء به المصلحين من الأنبياء و الرسل على مدى التاريخ و ما بشروا به ولم يتمكن ولا واحد منهم من إرساء دعائمه , إذ إنهم سرعان ما أنصاعوا هم أيضا ً لتلك السلطة , فجاءت معظم تشريعاتهم لصالح الذكور على حساب مصالح الإناث .
إن الإنتفاضة التي أنطلقت في نهايات القرن التاسع عشر وبالتحديد عام 1886 في الولايات المتحدة الأمريكية وكانت بطلاتها عاملات النسيج في تظاهراتهن المجيدة المطالبة بالخبز و الحرية وحق التصويت مستشردات فيها بما جاءت به الثورة الفرنسية من نظرية العقد الإجتماعي و طروحات ( جان جاك روسو ) واستمرار تلك التحركات حتى مطالع القرن العشرين وبالضبط في العام 1908 حيث جرى الإحتفال بيوم الثامن من آذار كيومٍ للمرأة على أثر ما تحقق لهن من إنجازات .
هذه الإنتفاضة الجبارة وجدت صداها في شوارع أوربا و بالتحديد في ألمانيا وشوارعها حيث قادت المناضلة ( روزا لوكسمبرغ ) تظاهرات لنساء من شتى بقاع العالم تطالب بإعتبار هذا اليوم يوما ً عالميا ً للمرأة , وقد قمعت السلطات المجرمة تلك التظاهرات , وعندما أندلعت ثورة أكتوبر الأشتراكية العظمى في روسيا عام 1917 كانت مشاركة النساء فيها واضحة وحملت دلالات بارزة الأمرول وزيرة للثقافة في العالم السيدة ( الكساندرا كولنتاي ) لأعتبار هذا اليوم عيدا وطنيا ً للنساء السوفيتيات , و في العام 1947 وبعد إنتقال العديد من دول أوربا للإشتراكية وإحتفالها رسميا ً بهذا اليوم , أعترفت به الأمم المتحدة كيوم عالمي للمرأة .
و منذ ذلك الحين أبتدأت سلسلة من الإنجازات تتوالى من أجل إنقاذ ملايين النساء في العالم مما لحق بهن من حيف , فصدرت العديد من القرارات والإتفاقيات التي تنصف النساء و التي توجت عام 1979 بإتفاقية مناهضة العنف ضد المرأة المسماة إختصارا ً بإتفاقية ( سيداو ) و التي حصدت أكبر إعتراف من قبل الموقعين عليها من الدول المختلفة بالنسبة لكل قرارات و إتفاقيات الأمم المتحدة .
إلا أن المرأة في المنطقة العربية ظلت و منذ أقدم الأزمان تعاني من الظلم و المقترن حاليا ً بالإخلال بتطبيق بنود تلت المعاهدة على الرغم من توقيع معظم دولها عليها , وشهدت تحركات ما سمي بالربيع العربي بعض بوادر الإنفراج التي سرعان ما وأدها صعود مشبوه لقوى السلام السياسي للسلطة , والذي اقترن بنضال مستمر في تونس و مصر من أجل أسقاط مخططاتهم التي باءت بالفشل على يد جماهير ذينك الشعبين الحية , و مما يؤسف له إن التغيير الذي حصل في بلادنا وسبق تحركات الربيع العربي قد قاد أيضا ً لصعود أحزاب الإسلام السياسي للسطة عبر العملية السياسية الجارية في البلد .
هذه القوى التي سارعت في زعامتها الدورية لمجلس الحكم لأصدار القرار 138 السيء الصيت الذي اراد نسف منجزات القانون التقدمي للأحوال الشخصية المرقم 188 لعام 1959 و المشرع من قبل حكومة الزعيم الوطني الشهيد عبد الكريم قاسم والمعتبر في وقته على أنه جاء متقدما على عصره , ولقد تم إجهاض هذا القرار بفعل نضال المنظمات المدنية النسوية ومشاركة قطاعات واسعة من المثقفين , واليوم تعاود هذه الجهات وبعد تسع سنوات كاملة شهدت دورتين أنتخابيتين رسخت سلطة هذه الأحزاب التي لم تزرع في البلاد سوى الفرقة و الخراب عبر إيقاظ الفتنة الطائفية المقيتة , يعاود بعض أزلام هذه التيارات تمرير قانون ما يسمى بالأحوال الشخصية الجعفري والذي جوبه ايضا ً بحملة أستنكار شديدة من قبل كل قطاعات الشعب عدا المضللة منها بدعاوى هؤلاء السخيفة لما يحمله من أسافين فرقة وإنحراف عن مبادئ القانون النافذ .
إننا إذ ندين هذه التوجهات الطائفية البغيضة المتمثلة في شخوص البعض من اقطاب هذه التيارات , ندعو مجلس النواب لأتخاذ موقفا ً حازما ً من الموافقة عليه , ولتبيان وجهه الحقيقي كممثل حقيقي لمن أنتخبوه , وعدم الخضوع لمشيئة هذه التيارات المنقادة للأجنبي في تلك المحاولات , وندعو جماهير الشعب للعمل بجد ونضال دؤوب من أجل أسقاط هذا المشروع كما أفلحوا في أسقاط سابقه و هذه ليست مسؤولية الجماهير لوحدها بل إنها أمانة في عنق كل الأحزاب و القوى التحررية وقياداتها من أجل التصدي لمهمة قيادة الجماهير نحو هذا الهدف النبيل , وإن اي تقاعس في هذا المجال سواء منها أو من البرلمان سيدخل في نطاق الخيانة الوطنية لتطلعات و آمال هذه الجماهير .
عاش اليوم العالمي للمرأة .
عاش النضال المستمر الرعيل الأول من مناضلات رابطة المرأة العراقية الرامي لتحرير المرأة العراقية من الظلم .
المجد والخلود لشهيدات الحركة النسوية العراقية .
و كل آذار و المرأة العراقية في ربيع دائم رغم محاولات قوى التخلف للعودة إلى وراء .