يوم المرأة عنوان لحريتها



محمود فنون
2014 / 3 / 8

7/3/2014م
مع التباين الحضاري والثقافي بين شعوب الأرض إلا أن المرأة في كل مكان ترفع شعار الحرية وتطالب بحقوقها .
ومن الجدير بالذكر أن المجتمعات الأكثر تقدما هي التي سبقت برفع شعار حرية المرأة وتبعتها بقية شعوب الأرض وبرز المناضلون والمناضلات من أجل رفع الظلم والإضطاد عن المرأة باتجاه مساواتها بالرجل .
فالرجل هو رب الأسرة وصعودا هو رب المجتمع وهو النظام العام بل أن النظام المعام مصاغ على مقاسه بما فيه من تراكيب : فالنظام الحقوقي والقانوني والقيمي والثقافي والديني والإداري والسلوكي ، كله لخدمة الذكر بل هو نظام ذكوري مركب ومتواصل ومتوارث وعميق الأثر لدرجة أنه سائد بشكل تلقائي ومقبول إلى فترة ليست بالبعيدة بل إن النصف الثاني من القرن التاسع عشر في اوروبا كان يعج بكل هذا دفعة واحدة .
وكانت المرأة وإتحاداتها رأس الحربة في محاولة زحزحة هذا الإرث الثقيل الذي ترسخ على كاهل المرأة ( والمجتمع ) منذ ظهور الملكية الخاصة وترسخ الفوارق الطبقية في المجتمع الإنساني .
بل وقد ظل هذا النظام الذكوري يترسخ ويتعمق ويتجذر عبر القرون ويجد المسوغات في النظم الثقافية والدينية والحقوقية للمجتمع مما جعله حالة سائدة وكأن المجتمع الإنساني انبثق انبثاقا وبشكل ذكوري متعسف .
إن بزوغ النظام الرأسمالي قد مثل نقلة نوعية هائلة في حياة الشعوب وتحول المجتمعات تحولا جذريا، وكانت المأثرة الأكبر لهذا النظام قضاؤه على الإقطاع والقنانة ونمط الحياة الفلاحية الرتيب، ومساهمته الهائلة في إطلاق طاقات البشرية نحو الإنعتاق بما يلائم أو يتعارض مع حاجات ومصالح النظام الرأسمالي . ذلك أن طبيعة التطور والتحولات الإجتماعية قادت إلى ظهور الطبقة العاملة وأحزابها الطليعية المناضلة ضد النظام الراسمالي ، كما ظهرت طبقة البرجوازية الصغيرة ومعها جيش من المثقفين والمتنورين بميول متعددة ، وتحولت المرأة إلى العمل في أوجه الإقتصاد المختلفة .
مع التحولات العميقة التي صاحبت ظهور المجتمع الرأسمالي في أوروبا على أنقاض الإقطاع ومخلفات مرحلة العبودية، ظهر نضال الطبقة الكادحة من أجل حقوقها وتحسين شروط عملها وفي محاولة منها لتخفيف درجة الإستغلال التي كان العمال( والعاملات) ينوؤون تحت كلكلها ، وظهرت القوى المدافعة عن مصالح الطبقة العاملة من بين العمال والعاملات واتحاداتهم كما من المتنورين الإنسانيين من المثقفين والبرجوازية الصغيرة التي نقلت الوعي الطبقي لعموم الكادحين، وفي السياق طرحت المرأة مساواتها بالرجل في العمل ومن ثم في المكانة(في عام 1856م خرجت آلاف النساء في نيويورك يعبرن عن غضبهن من لظروف عملهن اللاإنسانية ويطالبن بتحسين شروط عملهن وتكرر الحال في بدايات القرن العشرين حيث أضفن إلى حقوقهن الأخرى المطالبة باتلمشاركة في الإنتخابات) وهكذا ظهرت نضالات المرأة من أجل حقوقها في بلاد الغرب ، وفي سياق التأثير الحضاري أنتقلت العدوى إلى بلادنا حيث بادر مثقفون من أنصار المرأة في مصر ولبنان وأخذوا يرفعون اللبواء وشيئا فشيئا كبرت كرة الثلج .
وجاء الإحتفال بيوم المرأة العالمي :"إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي والذي عقد في باريس عام 1945م .من المعروف أن اتحاد النساء الديمقراطي العالمي يتكون من المنظمات الرديفة للأحزاب الشيوعية، وكان أول احتفال عالمي بيوم المرأة العالمي رغم أن بعض الباحثين يرجح ان اليوم العالمي للمرأة كان على إثر بعض الإضرابات النسائية التي
حدثت في الولايات المتحدة".
إن المجتمع برمته مصاغ على أساس ذكوري في الأصل وقد أخذت المجتمعات الغربية تنحو منحا أقل إضطهادا للمرأة بالنسبة للمجتمعات في البلدان الأكثر تخلفا ، البلدان التي تسترجع ثقافات الماضي وتراثه المتخلف ، في البلدان التابعة وبالأخص في البلدان العربية .
وعلى الرغم من الأحاديث المتكررة عن حقوق المرأة وحرية المرأة ، إلا ان التمييز السلبي ضدها هو السائد.
إن حقب المد والنهوض والتقدم تؤثر على المجتمع وتسمح بفرص أكبر لنهوض المجتمع وتطوره مما يعطي فسحة أخرى للمرأة . أن النضال لتحرير المرأة في بلادنا يأتي ضمن حالة نضال شمولية للتحرير من الإستعمار الصهيوني ومخلفات العصور الوسطى . فتحرير المجتمع من الظلامية ومن الإستغلال عموما هو الضربة الرئيسية لتحرير المرأة حيث يكون تحرير الرجل من الإستعلاء الذكوري مترافقا مع تحرير المؤرأة من الدونية والظلم على أساس جنس الإنسان
إن تحرير الإنسان من إرث العبودية والإقطاع ومسوغات الظلم الرأسمالي الطبقي والوطني ، إن الثورة على التخلف الحضاري والثورة على استعباد الإنسان للإنسان والثورة على كل ظلم ، هي في ذات الوقت ثورة لتحرير المرأة .