سيدتي .. لا أملكُ غير كلمات



امين يونس
2014 / 3 / 8

قُبيلَ الإحتفال بالمُناسبات المُهمة ، تجري التحضيرات اللازمة ، عادةً ، قبل الموعد بمُدةٍ معقولة ، وتُهيأ الأجواء ، لكي يكون الإحتفاء ، لائقاً وقشيباً . هذا يحدث ، في البُلدان التي تحترم شعوبها ، وتُقّدِر موضوع إستذكار المُناسبة ، بصورةٍ جدية .. أما ما يحدث عندنا ، في العراق .. فبالعكس من ذلك تماماً ! . وأكبر دليلٍ .. هو [ يوم المرأة العالمي ] الذي يُصادف السبت 8/3 .. فما الذي حّضرناهُ ، كي نحتفي بالمرأة : الأم / الزوجة / الإبنة / الحبيبة / الصديقة ... الخ . المرأة ، عصب الحياة ، أكثر من نصف المُجتمع ، ومن الناحية العملِية .. فأنَ بيوتنا ، مشلولة من دون المرأة .. بل ان حياتنا كُلّها ، ليس لها معنى ، إذا لم تكنْ فيها المرأة ..
إذن ، ماذا فعلنا خلال الأشهُر الماضية ، لكي نَفي المرأة جزءاً بسيطاً ، من حّقها علينا ؟ .. أيها السادة .. لقد فعلنا الكثير في الحقيقة .. ولم نقعد خاملين ، فلقد تفّتقتْ عبقرية قادتنا الأفذاذ ، ولا سيما من الإسلام السياسي الحاكم ، عن إبتداع ( مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفرية ) قبل أشهُر .. على لسان وزير العدل من حزب الفضيلة الإسلامي " حسن الشمري " . وفي البداية ، إعتقدَ الكثيرون ، بأن مشروع القانون هذا ، الذي فيه فقراتٍ مُهينة للمرأة بشكلٍ صارخ ، عدا عن كونه يُكّرس الطائفية المذهبية ويُقّننها .. إعتقد الكثيرون ، بأنها مُجّرَد مُزايدات تحت باب المنافسات الداخلية الشيعية ، وليس من المعقول ، أن يُوافِق عليها ، مجلس الوزراء .. لكن الذي حدث ، هو انه في جلسة مجلس الوزراء المُرَقمة 8 في 25/2/2014 ، تمتْ الموافقة على مشروع القانون ، وبالتالي اُرسِلَ الى مجلس النواب ، من اجل مناقشته وإقراره ! .
* مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفرية ، يُبيح الزواج من الطفلة التي أكملت تسعة سنوات من عُمرها ! . حيث تنُص المادة [ 16 ] من المشروع ، على : " البالغ ، مَنْ أكملَ 9 سنوات هلالية ، للإناث . وأكملَ 15 سنة هلالية للذكور ، أو تَحّقُق أحد العلامات البدنية المُعتمدة لدى فُقهاء المُسلمين في إثبات بلوغ الذكَر " .
* مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفرية ، يُتيح للزَوج ، ان يتحّكم بصورةٍ كُلية ، بزوجتهِ ، وان يمنعها من الخروج من البيت . حيث تنص المادة [ 101 ] ، على انه : " .. من حَق الزوج على زوجتهِ ، الإستمتاع بها في أي وقتٍ يشاء ، وان لاتخرج من بيت الزوجية ، إلا بإذنهِ " .
المادة [ 16 ] إنتهاكٌ سافر لحقوق الطفولة ، وإمتهانٌ لإنسانية المرأة . المادة [ 101 ] تراجُعٌ خطير في الحقوق التي إنتزَعتْها المرأة العراقية ، طيلة نضالها الطويل في العقود الماضية . وفي مواد أخرى أيضاً ، هنالك نصوص تبيح وتُسهل تعدد الزوجات وتنتهك حقوق المرأة في الميراث والوصاية على الأطفال .. الخ . هذه المواد ، تعني ببساطة ، انه يمكن إنتزاع طفلةٍ في الصف الثالث من مدرستِها الإبتدائية ، وتزويجها ، لأنها حسب الشرع الجعفري ، قد أتمتْ تسعة سنوات ! . وحتى لللواتي في سنٍ أكبر ، ولو كانتْ ذو شهادةٍ جامعية ، فيحق للزوج ، أن يمنعها من الخروج من بيت الزوجية ، أي يمنعها من العَمل .. لأنَها مُجّرَد " وعاء " لتلبية رغباتهِ الجنسية ، وقت ما يشاء ! . إنها عبودية بإمتياز .
مشروع العار هذا ، هو ما قَدمتهُ الحكومة العراقية الرشيدة ، الى مجلس النواب ، لإقراره ، قبل إسبوعٍ فقط ، من عيد المرأة ، يوم المرأة العالمي ! .
* وقبل إسبوعٍ فقط ، من عيد المرأة العالمي .. وفي " سيد صادق " ، وُجِدتْ جثتا شقيقتَين ماتتا غرقاً .. الكبرى عمرها 18 سنة والأخرى 16 سنة .. والجاني كالعادة ، مجهول . قبل أسبوعٍ أيضاً ، قامتْ إمرأة في دهوك ، بإشعال النار في نفسها وإبنها الصغير ، وفارقا الحياة .. والسبب كالعادة ، مجهول . قبل يومَين فقط ، أطلق شابٌ النار على والدتهِ وأرداها قتيلة .. والسبب كالعادة ، مجهول .
* في حكومات علاوي والجعفري والفترة الأولى من حُكم المالكي ، كان هنالك بعض " الوزيرات " .. لكن التشكيلة الحالية ومنذ أربعة سنين ، خالية من أي وزيرة ، عدا عن واحدة بدون حقيبة .
* حتى في أقليم كردستان .. فعلى الرغم ، من الأزمة الحالية ، متعددة الأوجُه .. ورغم الإجتماعات والمفاوضات ، المكوكية ، بين جميع الأحزاب ، حول تشكيل الحكومة الجديدة ، منذ أكثر من خمسة أشهر ، ولحد اليوم .. فلم نرَ ولو إمرأةً واحدة ، في الوفد المفاوض ، لأي طرفٍ من الأطراف ! . وذلك لعمري .. خللٌ خطير .. وتجاهُلٌ مُتعمد لأكثر من نصف المجتمع . فالقائمين على الأمور ، من كُل الأطراف ، التي في الحُكم ، والتي خارج الحُكم ، الذين يتناقشون ويتفاوضون ويخططون .. كلهم ذكور ، وكأنه لاتوجد نساء ، تستحقنَ التواجد في هذه المنتديات ! . أنه في الواقع ، تهميشٌ سافر للمرأة .
.........................
أخجلُ حقاً .. ياسيدتي .. يا أُمي .. يا زوجتي .. يا إبنتي .. ياحفيدتي .. يا كُل النساء . أخجلُ من كَوني ، شِئتُ أم أبيت ، جُزءاً من الآلة الذكورية ، الآلة الأبوية .. التي تستعبدك وتمتهن كرامتك ، تحت يافطات الدين والمذهب والعادات والأعراف والتقاليد .
تستحقين في عيدك ، أكثر .. لكني ، لا أملكُ غير كلمات .