تقدير المرأة هو التقدير الحقيقي للاِنسانية



بروين زين العابدين
2014 / 3 / 8

تقدير المرأة هو التقدير الحقيقي للاِنسانية

لنجعل من يومها ، يوم تحريرها من كل الإنتهاكات بحقها وفي جميع مجالات الحياة ، وغني عن البيان والتعريف بأن معظم الأمراض الإجتماعية وبمختلف أشكالها والتي تفتك بالمجتمعات هي المفاتيح إلى الدهايز المظلمة وعتبات التخلف بوجه التقدم الحضاري والرقي المدني ، ومن جل أسبابها هي تدني المستوى الثقافي وتفشي الأُمية وسيادة الأنظمة الشمولية والعقول الغبية التي لا تفكر بغير السيطرة وإدامتها على حساب حقوق وحريات الخاضعين لهم من الذين كُتب عليهم القدر هذا المصير المجهول ، فمسألة الحقوق والحريات وتأمين أبسط مستويات الحياة العادية للمواطنين وتقديم الخدمات الأساسية لهم هي من اولى واجبات الأنظمة والحكومات التي تسيطر على دفة الحكم في البلد بشكل او بآخر ، ومن ضمن أهم الخدمات الأساسية تأمين الرعاية الصحية ورعاية المسنين بشكل تليق بالإنسانية وبهؤلاء كآباء وأمهات ومربين أعطوا وأفنوا زهرة عمرهم في التربية والعطاء والتضحية من أجل كل القيم الإنسانية ، حيث لا مفر من المرور بالشيخوخة لمن كتب له عمراً مديداً .
من هنا حيث يسبق الوالدان هؤلاء الاولاد وبشكل عام بالوصول الى مرحلة الترهل والشيخوخة والتي تحتاج الى رعاية من قبل الدولة ومؤسساتها بصورة عامة وبشكل خاص من قبل الأولاد بحق الأبوين وخاصة الام والتي هي مَن وضعت الأُسس الأُولى في بناء المجتمع ليدلوا بجمال القول وما يليق بمقامها بدءاً من خالق الكون وإنتهاءً بالأنبياء والحكماء والفلاسفة والشعراء ، ولكننا ومع الأسف نرى الصور النقيضة والممارسات الوضيعة لكل ذلك ، فكم هناك من الأُمهات قد تعرضن ويتعرضن على مدار الساعة للإنتهاكات اللامسؤولة في مجال حقوقهن يصل البعض منها إلى الضرب عدا الشتائم ؟؟ حيث الأبناء الراشدون الذين تجاوزوا الأربعين من العمر ينهبون حقوق الأُم المعاقة والمسكينة التي لا حول لها ولا قوة متناسين قال الشاعر الكبير أحمد شوقي : (الأُم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق ) ، ثم أليس بطنها كان الوعاء الأول والسكن وصدرها ينابيع من اللبن الصافي للرضاعة وحنانها الأمان والطمأنية ؟ ثم اليست هي مَن تكلف بنشأة الأجيال من ساعة الولادة الى أن يصبحوا معتمدين على أنفسهم ببلوغ سن الرشد ؟ وهي الحريصة كل الحرص على أبنائها ومن كافة الجوانب سواء كان الأب موجوداً أو غائباً!؟
إن تقديس دور المرأة في المجتمع دليل على درجة الرقي الحضاري لذلك المجتمع الذي يقدير ويثمن جهودها المضنية من أجل تربية الأجيال ، وعليه لا يمكن وإنطلاقاً من رد الجميل إلا أن تكون موضع كل التقدير والرعاية من قبل الأبناء وجميع أفراد المجتمع ، وإن قلبي يتفطر ويقطر دماً عندما أرى وأسمع بإنتهاكات تحصل بحقها أولاً كأُم ، وأنا الأُم لا أُفكر بغير الإحسان لأولادي وتعظيم شأنهم وتأمين مستقبلهم ، ويكون الواجب الإنساني هو رد الجميل على دورها في المجتمع . هنا في مملكة السويد هناك قوانينن بخصوص رعاية المسنين ، حيث يكلف برعايتهم من قبل أولادهم ومنحهم احياناً الحقوق الإضافية والإمتيازات وراتب شهري مقابل خدمته لوالدته مثلاً ، ولكن ما يؤسف له هناك من يحصل على تلك الإمتيازات مع عدم القيام بواجباته تجاهها حيث هو في وادِ والأُم المسكينة في وادِ آخر ، ومثال على ذلك ما نراه في مملكة السويد مما يحصل للأم ، وكم أتمنى أن تراعي الأنظمة في مجتمعاتنا حقوق الأُم وحريتها وتأمين سبل حياتها عندما تصل الى المراحل المستوجبة رعايتها وبشكل يليق بها كشمعة إحترقت شبابها في السهر على تربية الأجيال وتحملت مصائب الدهر ومختلف الظروف من أجل بناء أُسرة متكاملة متجانسة العلاقات العضوية والروحية والوطنية كلبنة أساية في بناء المجتمع إذا أردنا أن نبني مجتمعاً نغلق أبواب الأمراض الإجتماعية فيه من خضم المشاكل التي تعترض رعايتها من قبل فلذات كبدها ولأسباب مختلفة .
وفي هذه المناسبة حيث الإحتفال باليوم العالمي للمرأة كم تألمت وأنا أرى صورة إمرأة تصورت للوهلة الأولى بأنها دخلت في رياضة الملاكمة مع متسابق آخر حيث على وجهها الملائكي آثار لكمات إحترق قلبي بلهيب النار تعاطفاً معها ويا للعجب ، حيث ما حصل لها من تلك اللكمات والضرب من إبنها ، سحقاً لمن يرفع يده على الينبوع الصافي لإدامة الحياة ، فوجودها هي وجود الأُم والأخت والزوجة ثم الإبنة ، وتباً لكل مجتمع ومحيط ما زال ينظر فيه إلى المرأة في أدنى الدرجات ؟
وبهذه المناسبة الجليلة والسعيدة لابد من القول بأنه قليل بحق المرأة أن يخصص لها في كل عام يوم واحد للذكرى ، فالمرأة تمثل نصف الحياة وهي التي تربي النصف الآخر من الحياة وعليه يجب أن تكون كل الأيام عيداً للمرأة مملوءاً بالحب على عتبة وجودها وممزوجاً بالتقدير لإخلاصها وكل تضحياتها .