النساء وهول الحق في الاستفادة من الأرض السلالية بإقليم الرشيدية



لحسن ايت الفقيه
2014 / 3 / 9

ليس يضير المرأة إن أقدمت على الاحتجاج من أجل تحقيق وضع إيجابي سمته الاستفادة من الأرض السلالية بدون ميز قائم على النوع، بإقليم الرشيدية. ذلك أن هناك توتر بين كل الحقوق الطبيعية والثقافية غير العالمة، وأن الثقافي يلتهم كل شيء، ولا يفتح المجال لتطبيق القانون. ومعنى ذلك، أن تحقيق المساواة عامة والمساواة في الولوج إلى الأرض خاصة، مشروع يحتاج إلى أمد بعيد، ونقاش مستفيض، لأنه متصل بالقيم.
ولا غرو الصراع في الأساس هو صراع القيم، وحقوق الإنسان في الأصل مجموعة من القيم المصنفة في شكل قوانين، ويجب الحذر درءا للتداخل بين القيم المصنفة كقوانين والقيم التي تغشاها الثقافة، وإن ما للهوية الثقافية، للهوية الثقافية، وما لحقوق الإنسان، بمفهومها الشامل، لحقوق الإنسان، ووفق مضامين الاتفاقيات الدولية، لحقوق الإنسان، قياسا على كلام عيسى بن مريم ما لهق لهة، وما لقيصر لقيصر. ولا مجال لتصور برودني [نسبة إلى الاشتراكي الفرنسي الفوضوي برودون]، يقضي تدمير كل شيء طمعا في بناء صرح جديد. وقبل ذلك، فالانتقال بواسطة الدفعات، في عالم البشر، أوثق من الانتقال عن طريق الطفرة كما في عالم الطبيعة.
نقف في هذا المقال عند التوتر الذي يواجه النساء دافعهن [بدل مطابق] إلى الاستفادة من الأرض السلالية وتحقيق المساواة مع الرجال في هذا الشأن في موضعين اثنين أولهما موضع أغبالو نكردوس والثاني مدغرة. كلا الموضعين بإقليم الرشيدية بجنوب شرق المغرب.
اشتكت ثلة من سكان قصر «دوار» أزقال بجماعة أغبالو نكردوس من توتر طال توزيع الأرض السلالية. ويرجع التوتر حسب مضمون شكاية وردت على اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرشيدية ورزازات إلى الدور السيء لجماعة أغبالو نكردوس بتنسيق مع عون السلطة هناك. ذلك أن أهل الرأي العرفيين لا يفتأون يمنحون الأرض لمن أرادوا ويحرمون من الاستفادة المستضعفين من الرجال والنساء. ولقد حصل توزيع غير منصف يوم 14 من شهر يونيو 2011 لذلك شكى المتضررون قضيتهم السيد وزير الداخلية. ومما يعاب على التقسيم المذكور استفادة أطفال، ما دون الثانية عشرة سنة، وحرمان البالغين من الاستفادة من أرض ممتدة قرب دار الطالب. ولم تنف الشكاية أن السلطة المحلية تدخلت فأوقفت التلاعبات منذ يوم 06 من شهر نونبر 2011، لكن الهدوء لم يدم بعيدا حيث عاد الوضع إلى ما هو عليه. وقد ثبت أن الجماعة الترابية كانت تبتغي إحداث تجزئة، يستشف ذلك لما شرعت في وضع إشارات وعلامات بالميدان لتمديد الشبكة الكهربائية.
وتضمنت الشكوى حرمان النساء من الاستفادة من التعويضات المادية والعينية التي تحصل عليها الجماعة الترابية أغبالو نكردوس، وفق ما ورد في مذكرة السيد وزير الداخلية، عدد 06 بتاريخ 25 من شهر أكتوبر من عام 2011.
والمطلوب في الشكاية إدراج العنصر النسوي ضمن لوائح ذوي الحقوق المستفيدين من التعويضات المادية والعينية الناتجة عن تقسيم العقار المذكور. والملفت بشكل إيجابي موقف السيد القائد رئيس الملحقة الذي أقر في مراسلة موجهة إلى السادة نواب أرض الجموع العرفيين ، بمنطقة أغبالو نكردوس، تحت عدد 88 بتاريخ 14 من شهر مارس من عام 2011 أن «أي توزيع لهذه التعويضات لن يحصل دون الأخذ بعين العناية حق المرأة في أرض الجموع». لكن موقف السيد القائد لم يُحترم، فبعد أقل من سنتين، وفي يوم 08 من مارس من عام 2013 عاد وضع العلامات بهذه الأرض يجري، وعادت الشاحنات تفرغ حمولتها من الرمل والحجر هناك، استعدادا للبناء وإعلانا لنصرة الميز القائم على النوع على المساواة وتكافؤ الفرص.
والمطلوب، بعد نقل مضمون المراسلة المذيلة بلائحة من البصمات تضاهي 81 بصمة، ضمان تكافؤ الفرص واعتماد المساواة في كل استفادة من الأرض، واستحضار الحق المنظم بالقانون.
ووجهت ثلاث نساء شكاية إلى من يحق لهم التدخل، وضمنهم اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، وهي في الشكل كتاب سمته «الطعن في لوائح الاستفادة من التوسع السكني لقصر «دوار» تاغزوت»، جماعة الخنك، قيادة مدغرة والخنك بإقليم الرشيدية، لما حصل إقصاؤهن «بدون وجه حق وضد ما هو معمول في مجال التوسع السكني، وخاصة حق المرأة السلالية في الانتفاع من الأرض الجماعية، موضوع تقسيمات جديدة» في الأيام الأخيرة.
ذلك أن النسوة المشتكيات ينتمين إلى قصر تاغزوت ولهن «أملاك من أراضي فلاحية وسكن» هي في الأصل إرث. والقبيح في الوضع، أن هناك من يضاهيهن من النساء لكنهن تمتعن بالاستفادة من التوسع الجاري في وقت متأخر.
إن الإقصاء الذي تعرضن له «يتنافى ومقتضيات الفصل 19 من الدستور الذي يكرس مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة» حسب تعبيرهن، ولا يتنافى «مع قرارات مجلس الوصاية الذي كرس استفادة المرأة السلالية من حقها في أرض الجموع، ويتنافى مع رأي المجلس العلمي الأعلى الذي أقر على المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في الاستفادة من أرض الجموع بحكم الشريعة الإسلامية في البيان الصادر عنه في 18 مايو 2010».
ويبدو أن الإقصاء المذكور مخالف لروح «الدورية الوزارية عدد 60 بتاريخ 25 أكتوبر من عام 2010، والدورية الوزارية عدد 17 بتاريخ 30 مارس 2012 الخاصة بإعطاء حق الانتفاع للنساء السلاليات في الأرض الجماعية».
وخالت النسوة الإقصاء «إخلالا لما جسدته المملكة المغربية من التزامات بتطبيق مقتضيات الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمناهضة كل أشكال التمييز ضد النساء».
وكانت نساء قصر «دوار» تيمزوغين بالنقطة العمرانية المدعوة الخنك الجديد بالرشيدية، قد وجهن شكاية إلى القائد رئيس ملحقة شرفاء مدغرة والخنك يوم 23 من شهر أكتوبر من عام 2012 حول إقصائهن وحرمانهن «من الاستفادة من التوسع السكني لقصر تيمزوغين، بالخنك الجديد بالرشيدية، من لدن أعضاء الجماعة السلالية واللجنة المكلفة بتسجيل المستفيدين من هذا التوسع السكني المزمع إنجازه على غرار باقي القصور[الدواوير] المجاورة الأخرى». وأفصحن أن المسؤولين العرفيين قاموا «بإقصاء العنصر النسوي بصفة نهائية متجاهلين بذلك كونهن من ذوي الحقوق بانتمائهن لهذا القصر أبا عن جد، وكذا المذكرة الوزارية التي تشترط إدماج العنصر النسوي مع اعتبار الوضعية الاجتماعية لهن، والمتمثلة في عامل السن، عن كل من تجاوزت 30 سنة وهي عازبة أو المطلقات والأرامل حيث لم تستفد أي فئة منها من هذا التوزيع، وحصل إقصاء الجميع بطريقة تعسفية».
وطالبن بتوجيه «أعضاء الجماعة السلالية على تطبيق المذكرة الوزارية بهذا الخصوص، ومن أجل اعتبار الوضعية الاجتماعية لجميع النساء الموقعات باللائحة المرفقية [بالشكاية] وهي لائحة الموقعين من ذوي الحقوق». ويستفاد من مطالب النساء اعتمادها على مرجعية قانونية تتمثل في الظهير المنظمِ الاستفادةَ من أرض الجموع والدوريات الوزارية والمذكرة، والمواثيق الدولية ومن النساء من يدرين تسامح الدين الإسلامي مع وضعهن إذ لا تعارض في فتوى المجلس العلمي مع حق المرأة في الاستفادة من الأرض الجماعية. ولم ترد أي إشارة حول الثقافة غير العالمة التي تعد أهم عرقلة وعقبة أمام النساء في الاستفادة من الأرض.
رغم المذكرات الوزارية والتحول الذي عرفه المغرب، والمستصحب الانفتاح الحداثي، وإعمال الديموقراطية وحقوق الإنسان، لا يزال الثقافي يلتهم قيم المساواة وتكافؤ الفرص بين الرجال والنساء.