المرأة بين النص الديني والقانون المدني الحديث. نظرة عامة!



رزاق عبود
2014 / 3 / 11

اجوبة مختصرة على اسئلة الحوار المتمدن.
المرأة بين النص الديني، والقانون المدني الحديث!
1 انه ليس فقط "احساس"! انه "واقع" مر تعيشه المرأة، وكل المجتمع، فالاديان بشكل عام عامل ضغط، واضطهاد، وتمييز، وامتهان للمرأة. فالافكار الدينية كلها نتاج فكر الرجال، وفحوليتهم، ونظرتهم الدونية للمرأة. لم تتحرر المراة في اي مكان، ولو نسبيا، اذا لم يفصل الدين عن السياسة، واذا لم تتحرر الدولة، والمجتمع من هيمنة السلطة الدينية. النصوص الدينية، لا تنصف المراة.
2 فالقوانين في كل المجتمعات، التي تضطهد المراة، وتنال من حقوقها تتعكز على النص الديني، والنظرة الدينية المتخلفة للمراة. فختان النساء، واغتصابهن، وامتهانهن، وتعدد الزوجات، وتزويج القاصرات، والتمتع الاحادي بجسد المراة ينطلق من نصوص دينية متحجرة، مهما كان مصدرها. ان النظام الراسمالي القائم على الاستغلال يتوافق دائما مع النظرة الدينية، والدونية للمرأة. عندما حوصر الرأسماليين في اوربا، وامريكا انتلقوا لاستغلال النساء في المستعمرات السابقة ودول العالم الثالث. ولا زالت المرأة في العالم الراسمالي تنال اجرا اقل من الرجل، ولا زال معظم قادة الاحزاب، والحكومات، والدول من الرجال.
3 ان التجربة العالمية اثبتت، ان فصل الدين عن الدولة يفسح المجال لسن قوانين مدنية متحررة من النص الديني، والقيود اللاهوتية، ومنسجمة مع حقوق الانسان. كما اثبت التجربة العالمية، ان تعليم الاناث يحررهن من الكثير من الاوهام، والقيود، ويفسح المجال لهن للتطور، والتقدم، والعمل خارج البيت، وتبوء المناصب، واكتشااف العالم. لذا نجد الظلاميين يحاربون تعليم المراة، او يحددون تعليمها بالقراءة والكتابة، او اعتبار التعليم ترف زائد، او حرام، وتزويجها مبكرا لانهم يعرفون جيدا، ان توسع مدارك المراة سيجعلها تطالب بحقوقها، وتفهم وضعها، وامكانياتها، وقدراتها الخلاقة. وكل هذ يشكل خطرا عليهم، وعلى سلطتهم الذكورية، وينسف اساس ادعاءاتهم، وتخرصاتهم عن امكانيات المرأة، وقدراتها.
4 ان السياسيين المعادين للمراة، وحقوقها، وخاصة الاحزاب الدينية يرون فيها خطرا كبيرا على سلطتهم، ومكانتهم، وموقعم. فحرمانها من التصويت، او الترشيح، او العمل في كل المجالات، مثلا، يعريهم، ويكشف نفاقهم، ويفضح نظرتهم الدونية للمراة. يلجئون الى النصوص الدينية لحرمان المراة من دورها في العائلة، والميراث، وحضانة الاطفال، والتعليم، وغيرها للتحديد من قدرتها، وحريتها، التي كلما اتسعت تقلصت سلطتهم عليها ثم هيمنتهم على المجتمع ككل.
5 ان ما يسمى بجرائم الشرف يرتكبها من لا شرف لهم من الرجال. وهو امر مرتبط بفكرة امتلاك الرجل لجسد المراة، وحق التصرف به. يشوهها، يضربها، يحرقها، يدفنها حية، يقتلها، يزوجها لمن لا تريد، يغتصبها متى شاء، لانه بعتبرها جزءا من اثاث البيت، اشتراها عندما دفع مهرها. بل ان بعض الثقافات تجبر المراة على دفع المهر للرجل لانه "سيحميها، ويطعمها، ويحافظ على شرفها"، وحتى النساء، للاسف، يستخدمن كلمة "ستر عليها" وتزوجها. لازال الكثير من المعتوهين يظنون، ان شرف المراة يكمن في عذريتها. وان هذه العذرية تشكل شرف الرجل، او العائلة، او العشيرة. واذا لم تخافظ المراة عليه، حتى لو اغتصبت، او تعرضت لحادث، فجزائها القتل. وبما ان كل من يحكمون العالمين العربي، والاسلامي هم من هؤلاء المعتوهين فستبقى المراة قربانا دائما مثل العصور الغابرة يتباهى الرجال بتقديم حياة ابنته، زوجته، اخته، امه، قريبته ودمها لهذا الادعاء الفارغ "غسل العار".
6 علينا ان لاننسى ان كل مايسمى عادات، وتقاليد، وقيم بالية، وموروث متخلف هو تناج فكر ذكوري بحث، لم تساهم المراة في وضعه، وهو "الميراث" الوحيد المضمون لها، وما عليها الا ان تقبل به. النصوص الدينينة ذكورية، ومفسريها من الرجال ايضا، فلا مجال لصوت، وفكر، ورأي المرأة. فالمرأة لازالت في مجتمعاتنا "تطلب يدها" من ابوها، او اخيها الاكبر، او "ولي امرها". حتى لو كانت الام ارملة، او مطلقة، وهي التي ربت، وانفقت على بناتها فعند "الخطوبة" تستدعي احد الرجال من اقاربها، لتخطب الفتاة منه! حتى ما يسمى "الضيافة الجنسية" عند بعص الثقافات يقوم بها الرجل، وما على المراة، الا ان، تقبل بهذه التقاليد، العادات، الاعراف الدين..الخ دون احتجاج او ممانعة! الرجل يمنح، او يبيع المرأة الى الرجل الاخر، بالضبط كما يفعل مع حيواناته.
7 انها ببساطة لا سياسية، ولا دينية، ولاقانونية. انها عقاب من المجتمع الذكوري للمراة، التي تتجرأ، وتختار شخصا اخر من غير بلدها، او مجتمعها، او دينها، او قوميتها، وحتى مذهبها، ولردع الاخريات من فعل ذلك. والا كيف نفسر ان الرجال المتزوجين من اجنبية، وما اكثرهم، لا يواجهون هذه المشكلة. انه شكل لممارسة السلطة على المرأة، وحصرها دائما تحت سلطة، وقوانين، وقيم، واعراف، وتقاليد الرجل. باعتبارها تابعة له. انه جزء من النفاق الذي يمارسه الرجل المتخلف عندما يقبل ان يتزوج من اجنبية ليمنحه هذه الزواج فرصة اللجوء، اوالعيش في بلد متحضر يساوي بين رجاله، ونسائه. نفس الرجل يرسل زوجته "يجازف بها" لتسحبه بعد ذلك الى احدى بلدان اللجوء. يتحول الى تابع، وعندما يصل ينكر فضلها، ويسحب سيف رجولته، وعنفه، ودينه، وتقاليده من جديد ليمارس سلطته، وقمعه الذكوري.
8 في كل الصراعات، والنزاعات، والحروب العالمية، والاقليمية، والمحلية، حتى الخلافات الحدودية، والصراعات الداخلية، فان المراة تتحمل القسط الاكثبر من العذاب، والمعاناة، والتشرد، والقصف، وفقدان الابناء، والاقارب، والتعرض للاغتصاب، والاختطاف، والعمل القسري، والعبودية الجنسية. لا ننسى هنا، ان وراء كل هذه الحروب، والنزاعات، رغبات الرجال في السيطرة، والتوسع، والحروب، واظهار القوة، وعدم الاستماع الى نداءات السلام، او التسويات لتجنب الحروب. في نفس الوقت اثبتت المراة انها اذا استعملت قوتها الجسدية، والمعنوية بامكانها ايقاف حروب، واسقاط ديكتاتوريات، كما حصل في ليبيريا، وغيرها. لكن عند عقد الاتفاقيات، ومعاهدات السلام سرعان ما تنسى مساهمات، ومعانات، وتضحيات المراة، ودورها، وتجحف حقوقها في كل مكان.
9 ليس فقط "حقوق" المراة، التي ضعفت، او ضاعت، بل ان كل وجود المراة مهدد بالضياع، واعادتها الى عهد الجواري، والاماء، والعبودية. فالعودة الى قوانين المتعة، وتعدد الزوجات، وزواج القاصرات، وحرمان المراة من الميراث، وحضانة الاطفال، والطلاق التعسفي، وحجز المراة في المطابخ، ومنعها من العمل، والتعلم، والخروج الى العالم، ومنع السفر، والعودة الى "ولي الامر" حتى لو كان رجلا مجنونا. تقنين الدعارة، واباحة الاغتصاب، و....و.... اذا لم تواجه هذه القوانين، والحكومات، وقوانين الاحوال الشخصية، ومشاريعها بمقاومة حادة، وقوية، ومستمرة، والعمل على اسقاط الانظمة الاسلامية، وليس فقط القوانين، ومشاريعها. فالهدف من وراء هذه القوانين المذلة لكرامة المراة، واجحاف حقوقها الانسانية هو تكميم الافواه باسم الدين، والطائفة. ويقصد من ورائها تمزيق نسيج المجتمعات، وتفتيت الوحدة الوطنية لاضعاف مقاومة هذه القوانين المتخلفة من خلال التخفي وراء الدين والطائفة، ومحاول منع التضامن مع المراة، وبين النساء بعد تقسيم المجتمع الى سنة، وشيعة، مسلمين، وغير مسلمين، مؤمنين، وملحدين، وهكذا، ليممروا قوانينهم الاستعبادية.
10 القوانين "الدولية" المنصفة لحقوق المراة، وعدم التمييز ضدها، ورفض، ومنع، ومحاربة، ومعاقبة العنف ضدها ليست معطلة، او مشلولة في العالمين العربي، والاسلامي فقط، بل في كثير من دول العالم، ولا تطبق، اوتتبع هذه القوانين كاملة في كثير من الدول الموقعة عليها، او التي ادخلتها في قوانينها. حتى في كثير من دول اوربا اعتمدت مثلا حقوق الطفل كجزء من قوانيها. اما لائحة حقوق المراة فاكتفت اكثر الدول بالتوقيع عليها، ولم تحولها الى قوانين داخلية. الطريق الوحيد لفرض حقوق المراة كاملة، والمساواة الكاملة في كل الحقوق هو النضال الدائم، والمطالبة المستمرة بتطبيق القوانين الدولية، وتبنيها كقوانين وطنية.
لازالت قضية المراة لا تحظى بالاولية في مؤتمرات، ومهمات، وخطط الدول والمنظمات الدولية، وتتراجع دائما امام مشاكل الجفاف، والتسلح، والسلاح النووي، والاحتباس المناخي، والازمات الاقنصادية والمالية، والحروب المحلية، وغيرها. رغم ان المراة اول ضحايا كل هذه الازمات، والمشاكل الدولية، وحتى الكوارث الطبيعية. لازال الكثير من قادة العالم(رجال) يعتبرون قضية حقوق المراة، ومساواتها الكاملة "ترفا" يمكنه الانتظار. النفاق الدولي مستمر في قضية المراة. اعتقلت النساء الكرواتيات في كل مكان حاولن فيه عرض قضيه المراة في اوكرانيا. لكن العالم كله وقف مع اوكرانيا لان امريكا، والاتحاد الاوربي لم يعجبها ان اوكرانيا لم ترغب التقرب اكثر من الاتحاد الاوربي. وهكذا سلطت الاضواء على تدخل روسيا، وليس على انقاذ، وانصاف المراة الاوكرانية، او الروسية.
رزاق عبود
2014-03-10
ملاحظة مهمه: اعتقد انه كان من الضروي تحويل كل سؤال الى محور خاص على مدار السنة ليتناوله المختصون بدل العموميات التي تتسرب عادة في الاجابة على الاسئلة. اتمنى على الحوار المتمدن ومركز المرأة تبني هذا المقترح وعدم الاكتفاء باذار شهرا للتعريف بقضية المراة ونضالاتها وما تتعرض له من ظلم وعسف في كل انحاء العالم، ولا باس من التشديد على اوضاع المراة في منطفتنا مع الشكر الجزيل!