المرأة السورية في عيدها.. معاناة تتفاقم ومساواة غائبة



علاء جوزيف أوسي
2014 / 3 / 13

فاقمت الأزمة التي تعصف بالمجتمع السوري من معاناة المرأة والطفل، فكانا من أكثر المتضررين بها، فقد زادت التحديات التي كانت تعانيها المرأة في الأساس، فقد عززت الصور النمطية للمرأة التي تحكمها أعراف وتقاليد تحط من شأنها وتبخس حقوقها، كما كرست التمييز بحقها، فتعرضت المرأة السورية للقتل والاغتصاب، والخطف والتعذيب، وفي ريف اللاذقية على سبيل المثال قاموا ببقر بطن إحدى النساء، وفي مناطق أخرى كان تعذيب النساء يتم من قبل نساء يعملن مع الحركات الوهابية التكفيرية، وجرى في بعض المناطق إرجاع المرأة قسراً إلى حياة الظل والتبعية، وصدرت فتاوى تضعها في مرتبة مهينة لكرامتها وإنسانيتها، وتحويلها إلى سلعة للاستخدام البشري بأبشع غرائزه، بدعوى صونها وصون شرفها وعفافها وحياتها انطلاقاً من معايير خاصة يسندونها إلى الدين والشريعة، وهي معايير مغلوطة تفسر حسب مقياس مطلقها. والأمثلة كثيرة والقائمة تطول لحالات كثيرة تعرضت لها المرأة السورية في المدن السورية من شمال البلاد إلى جنوبها، ولكن هذه التحديات التي كانت وما تزال تواجهها المرأة لم تطل الجسد الأنثوي فحسب، بل طالت الروح أيضاً، فقد أدخلت الحرب المرأة السورية في دوامات عديدة، من فقدان أبنائها وأشقائها أو زوجها، خطفاً أو تعذيباً أو قتلاً أو استشهاداً أو... ففقدت المرأة أبناءها وأسرتها وتدمير منزلها دفعها للتحول إلى لاجئة أو نازحة، وهو ما حمّلها أعباء جديدة وزاد من انتهاك كرامتها وأنوثتها، بل وضعتها ظروف اللجوء في بازار المساومات وابتزازها واستغلال ظروفها المريرة، والأرقام التي تعبر عن ذلك مخيفة وتنذر بكارثة اجتماعية في المستقبل القريب.

ومن ناحية أخرى أدت الأزمة إلى فقدان الكثير من النساء لأعمالهن، واضطررن للعمل بأعمال مؤذية، كنبش النفايات أو فرزها، أو العمل ضمن المنازل وغير ذلك، فعملت الأزمة على تغيير الأدوار وتغيير أنماط العمل التقليدية التي كانت سائدة، الأمر الذي أثر على جميع النساء، سواء أكانت ربة منزل أم عاملة في القطاعين العام أو الخاص، فالأزمة تؤثر تأثيراً كبيراً على تغيير الأدوار التقليدية التي كانت تلعبها المرأة في ظل المجتمع الذكوري، وعلى الرغم من ذلك إلا أنها لم تؤدِّ إلى تبادل الحقوق داخل الأسرة، فقد أدى تراجع (امتيازات) الرجل ضمن الأسرة إلى تعبير سلبي عن الذكورة، فزادت نسبة العنف ضد النساء والأطفال، مع لجوء بعض الرجال للتنفيس عن إحباطهم، فأفرطوا في استخدام سلطتهم داخل الأسرة.

إن المرأة السورية مازالت حتى الآن ليست صاحبة القرار فيما يتعلق بحياتها، فكيف فيما يخص الحياة العامة؟؟! وهي اليوم أحوج ما تكون إلى إلغاء العديد من القوانين البالية التي تكبل تقدمها وتعد تمييزاً بحقهاً ينتقص من حقوقها، مع السعي للتأثير في الوعي الشعبي بغية تغيير منظومة الأعراف والتقاليد التي كانت ومازالت أقوى من القوانين والتشريعات التي تمس المرأة، والنهوض بها من واقعها المتخلف والظالم.

في الختام لابد من التأكيد أن المرأة نبض المجتمع ورونقه المميز، فهي الأم والأخت والزوجة والحبيبة والصديقة؛ والعالم بلا امرأة.. كعين بلا بؤبؤها.. كحديقة بلا أزهار.. كالشمس بلا أشعة، ولا يسعنا في عيد المرأة سوى أن نقول: كل عام ونساء الأرض ورجالها بخير وحب وعطاء!