قانون إبادة الشيعة !



أحمد الشيخ أحمد ربيعة
2014 / 3 / 17

بتصريحاته الاخيرة ينزع السيد اليعقوبي عمامته، مطلقا اتهاماتا وشتائما ضد من عارضوا وتظاهروا بمناسبة يوم المراءة العالمي ضد مشروعي قانوني القضاء الجعفري والاحوال الشخصية الجعفري، بذلك يضع المعارضين للقانون في خانة الخطر المحدق بواقع ومستقبل الشيعة الجعفرية في العراق، رغم ان المتحفظين والمعترضين على القانون يشكلون جبهة عريضة لا يستهان بها. جبهة تمتد من مرجعيات شيعة لها قاعدتها الصلبة وقوى سياسية اسلامية متنوعة الى قوى مدنية. بذلك يترك اليعقوبي كياسة رجل الدين المفترضة وحلمه وتفحصه للامور ويطلق اتهامات مبنية على الظن، مغرضة، بعيد كل البعد عن نوايا واهداف وطروحات جبهة المعارضة لهذا القانون، هدفها الغاء المعارض وتشويه سمعته واستخدام سطوة الديني والمقدس لارهابه وتسقيطه، رغم ان بعض المتظاهرات خضن نضال مشرف ومقدس من اجل كرامة وسعادة العراقين حتى قبل ان يتعلم السيد اليعقوبي اصول الوضوء.
الزاوية التي يرتكز عليها فكر مشرعي القانون الجديد ومن يدعمهم في معارضة قانون الاحوال الشخصية 188 لسنة 1959 هو كونه قانون وضعي، متجاهلين ان هذه المعارضة ومن يعرف تاريخ الصراع عند صدور هذا القانون هي بالاساس معارضة ذات طابع سياسي اساسا، تكمن في معاداة ثورة تموز المجيدة والمسار الذي اختطه في التوجة لتعزيز بناء الدولة المدنية، خاصة ان القانون لا يتعارض مع تعاليم الدين الاسلامي وكونه جامع لم هو مشترك بين المذاهب الاسلامية. الفقرة التي اخذت مثلبة على القانون من بعض رجال الدين والاسلام السياسي هو مساواة المراءة بالرجل في جانب الارث. هذه الفقرة رفعا لاحقا من القانون، علما ان القانون الحقت به مواد عديدة في فترات لاحقة، وهي بحاجة للمراجعة والتدقيق بما يخدم مصالحة المراءة والمجتمع العراقي. الغريب انه لم نسمع لاحقا من المعترضين شيئا ما سواء كانوا رجال دين شيعة ام سنة ولا من احزاب الاسلام السياسي، لم نسمع صوت ما او اعتراضا ما ضد القانون بعد انقلاب الدموي في 8 شباط 1963. انتهت هذه المعارضة بعد ان نٌحرت ثورة تموز المجيدة. اذا كان جوهر المعارضة لقانون 188 لسنة 1959 يكمن في كونه قانونا وضعيا، فكيف يستطيع السيد اليعقوبي ومشروعوا القانون ان يثبتوا لنا، بان قانونهم الهي وغير وضعي؟ هل جاء به جبريل وهل نصوصة وردت في القرأن؟ وهل ان قانونهم يحمل توقيع المهدي المنتظر؟ وهل يمتلك السيد اليعقوبي ومشرعي القانون صفه فقهية تؤهله ان ينوب عن المهدي المنتظر؟ فالسيد اليعقوبي كما هو معروف مرجعية لحزب سياسي دون ان يحظى بتقليد شعبي واسع داخل اوساط الشيعة الجعفرية في العراق او خارجه. هذا الامر ليس تقليلا من شان السيد العقوبي بقدر لما هو توصيف لواقع الحال المعروف.
مشرعوا القانون المجهولوا الهوية والاهيلة، اعتمدوا اراء فقهاء وروايات وكتابات صدرت منذ مئات السنين وفيها المتاخر والمتقدم في اعمارها. حجم الخلافات على هذه المصادر في الفقه الشيعي الجعفري كما في المذاهب الاخرى كبير وكبير جدا يمتد الى مدى صحتها و دقتها ونسب رواتها ومصداقية وجودهم والملفق والمدسوس فيها واسباب وجودها والاضافات والتاويلات التي كانت تكرس مصالح معنية سواء كانت شخصية او سياسية وغيرها من الجوانب العديد والمتنوعة، ويمكن الجزم بانه لا توجد قضية واحد في الفقه الشيعي كما في المذاهب الاخرى متفق عليها من كبار فقهاء المذهب الواحد سواء المتقدمين او المتاخرين. والمهتم بالفقه يدرك حجم الخلاف حتى التعارض فيما بينه، اضافة لتعارض قسم منها مع منطق العقل والحياة وحتى تعارض البعض مع القران. هي في النهاية مجرد تاويلات وتفسيرات وتصورات شخصية وبشرية وليس فيها اي شئ مقدس وتتحمل الخطئ والصواب سواء كان الفقهاء اخباريون او اصوليون . اذا فان القانون الجعفري ومصادره هو ايضا بشري ووضعي ولا يختلف عن قانون 188 في هذا الجانب، ولن يستطيع اليعقوبي ولا المالكي ولا وزير عدله ولا احزابهم ان يثبتوا ان قانونهم غير وضعي وذو طابع الهي.
هذا القانون وكما كتبت سابقا عنه هو قانون لابادة الشيعة جماعيا في العراق وبشكل بطئ. هذا التصور، مصدره ليس الرغبة في التهويل السياسي او الاعلامي ضد القانون او الموقف المسبق من الاسلام السياسي. فاي متخصص وحتى بشكل اولي في مجال الصحة الجسدية والنفسية للانسان سيؤكد هذا الاستنتاج، ولاختبار مصداقية ما اطرحة، يمكن لاي انسان حريص ويحترم عقله ان يحصل وبدون جهد كبير على معلومات ومعارف عديدة تؤكد ما اطرحه هنا وهو ان تطبيق القانون سيودي وخلال العشر الى عشرين سنة القادمة لخلق جيل او اجيال مشوه جسديا ونفسيا ويمكن اعطاء توصيف عنها، بانها ستكون صغيرة الحجم، ضعفية البنية وضعيفةالمقاومة للامراض، كثيرة التشويهات الجسدية، تراجع نسبة نسبة الذكاء، تراجع نسبة الجمال، ارتفاع نسبة الوفيات وخاصة في الولادات الحديثة وكثرة الولادت المشوه، انخفاض حاد في متوسط العمر، ارتفاع نسبة الوفيات، انخفاض في نسبة الخصوبة في الذكور والاناث، ارتفاع معدل الولادات الغير طبيعة، كثرة الوفيات اثناء الولادة او ما بعدها للنساء الحوامل،ارتفاع نسبة الامراض المزمنة وغيرها من الامور. جيل مضطرب نفسيا وسيكون مستنقع للامراض والاعاقات النفسية. هو جيل معنف وهذا الجانب يشمل ايضا الجيل الحالى الذي سيتنج الجيل القادم. لقد كان زواج الاقارب والذي شهد إنتشار لا مثل له في تاريخ العراق في فترة الحصار الاقتصادي ايام النظام الساقط، كارثة حقيقة على اجيال العراق اللاحقة، ويشكل القانون الجديد منفاخ في نار كارثة جديدة سوف تلم بالعراقين، لكن هل يمتلك اللاطامة على هذا القانون شئ من الشجاعة والمصداقية بان يتركوا عقائدهم جنبا ويكلفوا أنفسهم قليلا للبحث في هذا الجانب. هل يمتلك هولاء قدرا من الشجاعة للتخلي عن نفاقهم وعدوانتهم ضد ابناء جلدتهم.
الحماس لاقرار مشروعي القانون لا يعدوا سوى كونه جزء من سياسية تخنيث المجتمع وقهره والامعان في اذلاله والتي تتصاعد يوما بعد اخر. هي سياسية معروفة اتبعتها كل الانظمة الشمولية ، كي تعبد الطريق امام صعود نظام ديكتاتوري وفاشي جديد، ولنا في تجربة النظام الساقط وحزبه مطلع سبعنيات القرن الماضي خير دليل في ذلك حيث اصدر حنذاك العديد من القوانين التي تشمل احكام الاعدام والاحكام الثقيلة لقضايا اللواط وشملت على ما اذكر حتى المطرجية ومشابه ذلك، هو طريق معروف في العديد من البلدان التي شهدت صعود الانظمة الشمولية. هو الاصرار على ان يكون المجتمع في قبضة رجل او رجال الدين وبالذات رجل الدين الذي له امتداد سياسي، يشكل ذراعه الضارب. فمشروع القضاء الجعفري مثلا سيخلق جهاز كامل من رجال الدين للقضاء الجعفري يتحكم في المجتمع مرتبط اساسا بالمرجع الديني.
من جانب اخر يشكل المشروعين تغطية لفشل مشروع الاسلام السياسي في بناء الدولة. الاسلام السياسي بوجه الشيعي او السني عاجز عن بناء دولة المواطنة وهو مشروع متقاطع مع الوطنية ومصالح العراقين. مشروع رجعى، متخلف، معادي للانسان ولكرامته،غارق في الفساد، يستمد قوته من العنف والارهاب والاستقواء بالقوى الخارجية، يعتمد التجهيل ومعاداة العلم والثقافة الوطنية، معادي لبناء الدولة الحديثة بل يسعى باي شكل لاضعاف الدولة والسعي لتهديمها، مشاريعه وافكاره قائمة على الا عقلانية وعلى الخرافة، لا يتمتع معظم حاملوه بحد ادنى من الثقافة المدنية والعلم الحديث بما فيهم اللذين عاشوا سنوات طويلة جدا في اوربا ويفتقدون الرؤية الواقعية للحياة، مصادر ثقافتهم محصورة في معظمها في كتب الحديث والتفاسير والمقتل والادعية، قائم في جوهره على اذلال الناس وشراء ذممهم، وهذه ظاهرة ليست عراقية فقط وانما هي سمات عامة تؤكدها ايضا تجارب حديثة كما في ليبا ومصر. والا لماذا لم نسمع من السيد اليعقوبي شيئا حين لم يقدم حزب الفضلية شئ سوى الخراب والفساد والسرقات والمشاريع الوهمية لابناء البصرة حين سيطرعلى حكومتها المحلية في انتخابات مجالس المحافظات الاولى، حتى عندما اغتيل محافظ البصرة السابق مصباح الوائلي والذي ارتبط اسمه بحزب الفضلية، بلع الكل لسانه امام التحالف مع من متهم بقتل الوائلي. انها سياسية الهروب للامام وطرح مشاريع ومشاريع قانونين خرافية لتغطية الفشل الذي صاحب السياسية السابقة والحالية لمشروع الاسلام السياسي ومنها الفضلية.
مشروع القانون هو ايضا جزء من الصراع الداخلي لاستكمال بناء الحصون الطائفية داخل المجتمع وذلك لعزل الشيعة في حصن خاص بهم، ليس جغرافيا فقط وانما اكتساب هذا العزل طابع قانوني ونفسي واجتماعي. أحد اللاطامة على القانون والذي يعيش في احد البلدان الاوربية، اختصر الطريق لتطبق هذا القانون هو تقسيم العراق على اسس طائفية.
يشكل مشروعي القانون جزء من الصراع داخل الاوساط الدينية ومحاولة سحب البساط من مرجعيات معينة ولصالح مرجعيات اخرى تبدي استعدادها ان تكون جزء من السياسية، والضغط على بعض المرجعيات للتخلي عن استقاليتها سواء في المرحلة الراهنة او القادمة وهو صراع من الصعب التحكم فيه كما اعتقد خارج اطار العنف وهو صراع محفوف بمخاطر عديدة، والا بما يفسر ما ان ابدى السيد السيستاني عدم تأيدة لمشروع القانون حتى تغير الموقف من التقديس لاسم السيد السيستاني في الفترات السابقة الى الاساءة وحتى الشتمة عبر العديد من المقالات وباسماء معروفة. من جهة يقلب الاسلاميون الشارع لحد الاعمال الارهابية حين ُرسم بورترت او كارتير لخامنئ ويذهب ضحة هذا الارهاب مبدع عراقي في سكتة قلبية ومن جهة اخرى تتصاعد الاساءة والشتائم للسيد السيستاني يرافقها صمت عارم.
ان سياسية اشعال الحرائق اينما امكن من اجل تامين وصول المالكي وحزبه وحلفائه الموثقون الى قمة السلطة مجددا، او بقائه كورقة ضاغطة وخانقه على بدليه حتى لو كان من معسكره المذهبي لا تبتعد عن اقرار مشروع القانون وتمريره في مجلس الوزراء. هي سياسية السيف الذي يجري حده على الدوام والذي يجب ان يبقى مسلطا على رقاب الاخرين من اجل تمرير سياسته. وهي سياسة تجد طريقها في صراعات المالكي وحزبه في مجالس المحافظات التي خارج قيادة الدعوة، وعلى العراقين ان يستعدوا دائما لتسديد فواتير الدم لطبقة سياسية غارقة في مستنقع الطائفية والفساد واللاوطنية والسير في طريق إنهاء العراق وتصفيته شعبا وارضا. فمتى يحترم العراقي عقله وإرادته الحرة وينزع جبة الاذلال التي فصلت له بمقياس دينية وطائفية وقومية؟.