بمناسبة ما يسمى بعيد الأمّ



سعدي عباس العبد
2014 / 3 / 21

كل عيد وانتِ ترفلين باسمال الفجيعة .. كلّ عيد وانتِ تؤسسين لقارّة من المقابر والتوابيت
والنواح ..كلّ عيد وروحك المبتلاة تحفر عميقا في مجرى من المآتم .. تحفر في ذكريات من رحلوا على متن مفخّخة , .. ذكريات اولادكِ المحمولين على توابيت من السخام والدخان .. اما زلتِ تصدّقين تلك الاكذوبة او العيد , لا فرق فكلاهما يفضي إلى نافذة مغلقة بحواجز مهوّلة من التوابيت والغياب والمراثي والدموع .. بمناسبة عيدكِ المزعوم , او في الحقيقة حدادكِ على من غادروا صوب الابدّية , على من طاروا باجنحة من رماد .. طاروا مرعوبين في فضاءات من سخام .. سخام مابين الخرابين .. حلّقو بمنأى عن عيدك المختلق قسرا . حلّقوا وحليبك النقي المفعم برائحتكِ الاليفة الودودة لما يزل ينضح من شفاههم .. لم يجف بعد ..تحت هذه السماء الواطئة . سماء العراق . او بلاد الارامل . لا أثر لما يسمى بعيد الأمّ ..ليس ثمة سوى مجرى طويل وطويل جدا من توابيت .. مواكب مريعة من توابيت الاولاد والابعال ..عيدكِ لم يؤسس له بعد , فما زالت المسافة مديدة وبعيدة .. المسافة التي تفصلك عن عيدكّ ..العيد الذي سوف يخلو من التوابيت المجانية والدخان والموت السريع في الشوارع ..عيدكِ يوم انّ تتحرري من السلطة الذكورية الغاشمة يوم انّ تنعتقي من اغلال وصايا التقاليد والقيم المكمّمة لصوت الحرية .. يوم انّ تكوني مواطنة من الدرجة الاوّلى متساوية مع الآخر .. يوم انّ تهتفي بملء حريتك , بصوتك الحر القادم من اقصى المساواة والعدالة ..يوم انّ تري إلى اولادك وبناتكِ يرفلون بالطمأنينة والسلام والأمان والحبّ .. حينها سنحتفي واياكِ بعيد الأم .. ما عدا ذلك , هو ضربا من الوهم والاكاذيب . الاكاذيب التي يبغون عبرها تجميل نهاراتكِ السود المتربّعة على عروش من الفواجع ..ولكن ذلك اليوم او الحلم سوف لن يجيء تحت ظل حكم الطغاة والكهنة المتأسلمين . الهولاء الذين سوف يكونوا على أهبة السادية لأجهاض حلم المرأة ..كما فعلوا قبل وقت قريب جدا بتأسيس او اصدار قانون يبيح زواج البنات الاطفال في سن التاسعة او نحو ذلك .. سوف أرجؤ الاحتفاء بعيد الأم حتى حلول ذلك اليوم الذي ارى فيه المرأة والأمّ متحررة تماما , ليس تماما بالضبط . من اغلال العبودية الذكورية ..ومن وصايا المتأسلمين والقيم التي تقسرهنّ وتقهرهنّ... / من المدهش حقا انّ يكون في العراق الجديد عيد ..انّ ذلك مدعاة للذهول والصدمة , فما بالك بعيد الأم.. تلك المرأة المستلبة على مرّ وتعاقب الازمنة ..لا شيء يدعونا للاحتفاء سوى محاكاة او تقليد يخلو من اي قيمة معنوية .. تقليد دُجنا على مزاولتهِ بلا روح ولا لون ولا حتى نكهة ..