ما هى أسباب إستضعاف المجتمع للمرأة؟ الجزء الثانى



ماريو أنور
2005 / 7 / 14

:_____النزعة إلى تأكيد الذات على حساب الاخر
و من أسباب استضعاف الرجل للمرأة أن المرء ينزع تلقائياً إلى تأكيد قوته على أساس استضعاف سواه. و كأنه لا يتأكد من اقتداره إلأ إذا كان إلى جانبه كائن أضعف بوسعه أن يستقوى عليه.
من هنا هذه النزعة الشائعة فى تاريخ البشر حتى الآن , إلى تأكيد الناس لقدرتهم , أفراداً و جماعات , بالتسلط على سواهم, سواء كان هؤلاء من عمر أخر ( تسلط الكبار على الصغار ) , أو من جنس آخر ( تسلط الرجال على النساء )
أو من طبقة من شعب آخر ( تسلط الأغنياء على الفقراء ) , أو من لون آخر ( تسلط البيض على السود ) . هؤلاء كلهم ليسوا ضعفاء بطبيعتهم , و لو صوروا هكذا و لو تصوروه بالنتيجة هم أنفسهم , إنما يستضعفون , أى يحكم عليهم بموقع الضعف لأخضاعهم لسيادة المتسلطين و لتبرير هذه السيادة .
فيقال مثلاً أن الولد لا فهم له , و أن المرأة ناقصة العقل و لا حول لها , و أن الفقراء خاملون , كسولون , عديموا الأخلاق , و أن الشعوب المستعمرة غير قادرة على قيادة ذاتها , إلى ما هنالك.
هذه الحاجة إلى إستضعاف الغير للاستقواء عليهم تعبر , فى آخر المطاف , و بعكس ما يعتقد أصحابها غالباً عن هشاشة الثقة بالنفس لدى الذين يلجأون إلى هذه الوسيلة لتأكيد ذواتهم.
من هنا تلك الظاهرة المعروفة و هى أن الرجال المستضعفين حيث و ضعهم الاجتماعى و الاقتصادى و السياسى المتدنى ينزعون أكثر من سواهم إلى إستضعاف النساء ( و الأولد ) ليجدوا بذلك تعويضاً عن القهر و التبخيس اللاحقين بهم .
قبول المرأة بدور المستضعفة
و لابد من الشارة إلى أن مما يرسخ الرجل فى إستضعافه للمرأة , دخول المرأة فى لعبته و قبولها بالدور الذى يرسمه لها . ذلك أن المرأة تجد بعض الفائدة لها فى الستجابة لتلك الصورة الدونية عنها التى يرسمها الرجل .
فهى , من جهة , تنال جراء ذلك حماية منه توفر عليها مشقة النضال و خطر المسؤلية . فهناك من يجاهد عنها و هناك من يجنبها مجازفة اتخاذ القرار و عبء تحمل المسئولية.
و من جهة أخرى , فإنها , بتظاهرها بالضعف تهدىء مخاوف الرجل و توهمه بتفوقه عليها و هكذا تجرده من سلاحه و تستطيع بالتالى أن تنال منه ما تشاء.
هكذا يجد الرجل فى سلوك المرأة مبررا لاعتقاده بأنها ضعيفة , و يخفى عليه أنها لا تبدو ضعيفة إلا لأنه شاء لها ذلك أو لأنه إضطرها إلى التظاهر بذلك.
و لكن هذا الحل ليس بالحل المشرف لأى من الطرفين . فالجل يبقى فو وهمه و استعلائه و يحرم بالتالى من نعمة اللقاء بإمرأة حقيقية , و من غنى التفاعل و المشاركة بين قطبين متساويين يأخذ كل منهما بقدر ما يعطى و يفعل بقدر ما يفعل , و يخسر الطاقات التى كان بإمكان المرأة أن تطلقها لصالحها و صالح رفيقها و صالح البيت و المجتمع لو أعطيت كل حجمها و أخذت على محمل الجد .
أما المرأة فتبقى فى تبعيتها و قصورها و استلابها , و لو جنت الفوائد من جراء ذلك.
:---أنسحاب المرأة
و من أشكال إستجابة المرأة للدور الدونى الذى رسمه لها الرجل و دعمها بالتالى إستضعافه لها , أنها كثيراً ما تنسحب من كبريات الأمور ( الفكر و الثقافة و العلم , إلتزام القضايا الوطنية و الجتماعية و السياسية , .....) التى يرغب الرجل بإبعادها عنها ليستأثر بها لنفسه , فتنصرف إلى الصغائر ( الزينة , و الازياء , الثرثرة .......) , مما يؤكد للرجل بأنها فعلاً ضعيفة و تافهة لا رغبة لها و لا قدرة على الاضطلاع بجليل الأمور .
و لا يخطر على باله أنه يحمل قسطاً كبيراً من المسؤلية , بما رسمه لها من دور مسبق و فقاً لهواه , فى إقصائها عن هذه الا هتمامات الكبرى و تحولها إلى الصغائر.