كراهية المرأة! هل هي ثقافة تحرض عليها مجتمعاتنا؟



صابرين فالح
2014 / 4 / 20

منذ العصور القديمة ولغاية يومنا هذا، تعتبر المرأة في مجتمعاتنا العربية، كائن يختلف عن الرجل، أو بمعنى أصح يقل عنه شأناً، وذلك لمفاهيم ترسخت في مجتمعاتنا، جيلا بعد جيل، لتلحق بالمرأة الظلم والحيف، وتقلل من إنسانيتها ودورها في المجتمع، وقد ساهمت هذه المفاهيم، في خلق حالة من الكراهية للمرأة ولكل مايمت لعالمها بصلة .
فكراهية أنجاب الإناث، هي ثقافة عربية ساهمت في تفاقم النظرة السلبية للمجتمع وكراهيته للمرأة، ولم تتغير هذه النظرة كثيرا، منذ ما قبل الإسلام وحتى يومنا هذا، ولم يتغير الوضع كثيرا بعد الإسلام، حيث أُسُتغلت الأحاديث والآيات القرآنية التي ذكر فيها ضعف المرأة الجسماني والعاطفي، والتي كان الهدف منها الحماية والأهتمام بالمرأة، ليزيد من ظلم المجتمع لها ولتعد على اساسها؛ ضلع اعوج وناقصة عقل، لايحتكم الى رأيها ولا يعتد بأي عمل تقوم به .
وهكذا وبسبب هذه النظرة السلبية للمجتمع، خُلقت حالة من الاضطهاد والقهر تعيشها المرأة العربية في معظم بلدانها .. في دائرة جهنمية من عنف صاخب يبدأ لفظياً ضدها وفي اماكن متعددة وخلف جدران المنازل وقد ينتهي في لحظة غضب مجنونة الى عنف جسماني او نفسي ضد المرأة بما في ذلك التهديد بالقتل او القسر اوالحرمان التعسفي من الحرية في الحياة الخاصة والعامة او يؤدي هذا العنف بالتالي الى احداث عاهة مستديمة لها.
وحتى عندما تكون المرأة مضطهدة، او قد تعرضت لحالة من الأغتصاب، او التحرش، فأنها في معظم الأحيان تلجأ الى السكوت، خوفاً من نظرة المجتمع لها، وما قد يلحق بها من عار او قتل من قبل أهلها إذا تكلمت او طالبت بحقها، وبدل من أن تكون ضحية، يجب القصاص من جلاديها، تتحول الى مذنبة يجب القصاص منها ومعاقبتها.
اما حقوقها، التي نظريا قد نالت اغلبها، إلا أنها عمليا مازالت تعاني من التفرقة بينها وبين الرجل، في الشؤون السياسية، والأدارية، وحتى على مستوى قانون الأحوال الشخصية، فيكفى انها من فترة بسيطة فقط نالت حق التمثيل السياسي والبرلماني، مع بقاء هذا التمثيل في دائرته الشكلية فقط، من دون عمق وممارسة فعلية، ولحفظ ماء الوجه ولبيان ديمقراطيتنا المزيفة التي لاترقى بأي حال من الأحوال الى ماوصلت إليه معظم الدول المتقدمة .
وقد ساد في الفترة الأخيرة، ظاهرة خطيرة في معظم مجتمعاتنا العربية، وهي استغلال المرأة ماديا وجسديا، وإجبارها على العمل في اعمال محرمة، مثل البغاء، والتسول، وأعمال أخرى منافية للأخلاق لغرض التكسب من ورائها، واستغلال حاجتها وضعفها، وإرغامها على القبول بمثل هذه الأعمال، وهذا يدل على نظرة المجتمعات للمرأة، على أنها وسيلة بيد الرجل لتحقيق مآربه ورغباته، التي تدمر إنسانيتها وتجعلها أداة طيعة لاحول لها ولاقوة.
اما اذا ابتليت المرأة، بعدم الزواج او الطلاق او توفي زوجها، فأنها تصبح في نظر المجتمع وأهلها، عالة على ذويها، خصوصا اذا كانت بلا عمل تعتاش منه، وفي احسن الأحوال، فأنها تتحول إلى خادمة تقوم بأعمال البيت وخدمة اهلها، لتضمن حصولها على لقمة العيش، وهذا واقع لن يجابهه الرجل ابدا اذا مر بحالة من هذه الحالات. الم يكن هذا كله، سببه ثقافة الكراهية للمرأة، التي استفحلت في مجتمعاتنا؟
وهنا علينا ان نخاطب أصحاب العقول والضمائر حتى المتعلمين، لأن البعض منهم لايستثنون، ايضا من ثقافة كراهية المراة، التي ترسخت فيهم جيلا بعد جيل، المرأة نصف المجتمع، وهي تربي وتدير النصف الآخر؛ صلاح مجتمعاتنا في صلاح احوالها، وإعطائها حقوقها، ووضعها في مكانتها التي تليق بها، كأم وأخت وزوجة ومربية أجيال فاضلة، وهذه دلالة على التحضر والافكار النيرة، ونقول للمرأة: اعملي بكل جهد تمتلكينه لنيل حقوقك، وعدم الرضوخ لنظرة المجتمع، والانتفاض على كل مايصيبك من جور وظلم، لتأخذي مكانتك التي تستحقينها، والتي تليق بدورك كنصف فعال لبناء مجتمع سليم، قوامه المساواة بين طرفي الحياة المرأة والرجل .