حقوق المرأة من قبل المهد الى ما بعداللحد 3 ـ العيب ـ



خالص عزمي
2005 / 7 / 15

ان ما عرضناه من نما ذج كصيغة مبسطة من صيغ التمايز ما بين الانثى والذكرمنذ ما قبل الولادة او فيما بعدها من مراحل الطفولة المبكرة انما هي غيض من
فيض ذلك التعنت المصر على عدم العدالة لافي اسلوب التربية الاسرية الاولية ولا فيما بعدها من مراحل التطور العائلي والاجتماعي الذي يدعو الى مراعاة النمو
الجسمي ( البايولجي) او النفسي ( السايكولجي) او الاثنين معا في مرحلة من ادق المراحل في حياة الشباب وما بعده من تراكم تدريجي في المعرفة نحو فهم
تلقائي للطبيعة الانسانية في خضم التجارب اليومية الحياتية. ان كثيرا من الابناء في شرقنا الغارق في بعض من عاداته الهرمة؛ يعانون بشكل حقيقي وجاد من
اسلوب مختل يعاني من انفصام الشخصية يؤدي في اغلب الاحوال الى المبالغة غير المتوازنة ولا العادلة في توزيع العقاب والثواب او في الزجر والتقبل
او في الردع والترحاب ؛ كل ذلك في محيط اسري واحد وفي ساعة واحدة ا احيانا ؛ يبرز فيه انفصام التوازن في معالجة تصرف واحد قام به كل من( الولد) و
البنت) . ويستطيع اي من القراء ان يستعيد في ذهنه صورا من تلك المواقف .. وهنا ساروي واقعة حدثت في الستينات من القرن الماضي:في بغداد سوق للاقمشة
المنوعة يعرف بسوق البزازين . استأذنت فاطمة من امها بالذاهاب لشراء قطعة قماش مع صويحباته ؛ ولم يكن يبعد السوق سوى بضعة امتار عن دارها الواقعة في
محلة جديد حسن باشا ؛ و في السوق ذاته .. كان شقيقها الذي يصغرها بخمس سنوات يتجول مع اصقائه فشاهد فاطمة وقد اشترت قطعة القماش فتتبعها وهي
عائدة مع صديقاتها . فما كان منه الا ان اخبر والده بذلك ( الحدث الجسيم) . ومن دون ان يسأل الوالد ابنه غن سبب وجوده في السوق وليس في المدرسة كما يفترض
ان يكون ؛ ومن دون ان يتحقق من والدتها فيما اذا كانت قد اسأذنت ام لا .. راح يزبد ويرعد ويندب الشرف والاخلاق ... ثم اخذ بتلابيب فاطمة بنت العشرين ربيعا
وانهال عليها ضربا ادماها وكسرا لها ساقها كسرا سحق فيه العظم ولم يستطع ( المجبر الفني الشهير جلال شاكر ) ان يعيد العظم المهشم الى موقعه وبقي لقب
العرجاء ) يلاحقها طيلة حياتها .. هكذا تصور لك هذه الحادثة بشاعة التمايز : قبول لتصرف الولد في هروبه وتجوله في السوق وعقاب صارم للبنت عن تصرف ا
طبيعي لاغبار عليه عوقها كل حياتها
ان مثل هذا النوع من تشتت الشخصية من جراء ذلك الخزين الهائل من التقاليد والعادات المتدنية والذي يربض على الاكتاف ويمنعها من تنفس نسيم الحرية ؛ هو
ذاته الذي يحنط حركة المرأة ويجمد حقوقها في اي نوع من المساواة وحتى البسيط منها.؛ في حين لم تعد تلك الحقوق قابعة في زنزانات مقفلة الابواب فقد انفتحت
سماوات الانترنيت والفضائيات فامتلأت البيوت بل وحتى غرف البنات الخاصة بانواع مذهلة من الافلام والمسلسلات والمسرحيات والحوارات
والندوات الاذاعية والتلفزيونية المرئية والمسموعة اضافة الى المقروءة ؛ فأمتلت عقول الصغيرات والكبيرات بمعلومات ثرة وواسعة عن معنى المساواة ومعنى
التحرر العف في شرقنا الذي يؤمن بمبدا لاافراط ولا تفريط ؛
لقد لعب ( العيب ) العشوائي واللامنضبط او اللامستند على اية قاعدة سوى التوارث المنحدر الذي لايعرف له مصدرا حقيقيا ؛ دورا مذلا للتكافؤ والتوازي والمساواة
على مختلف الاصعدة مما اعاق ابداع المرأة المعاصرة في مختلف مجالات الحياة السياسية والفنية والرياضية ... وهذه امثلة
فمن العيب ان تتولى المرأة قيادة البلاد فيكون الرجال تحت امرتها المدنية والعسكرية ؛ ومن العيب ان تكون المرأة رياضية تنطلق في الملاعب وهي عارية
الساقين ( كما تتطلب سهولة الركض او قفز الموانع او قفز الزانة مثلا) ومن العيب ان تكون لدينا راقصات بالية ؛ او سابحات فنيات او موسيقيات صادحات
بل ربما من العيب ان يكون لدينا ( كناسات وزبالات ) شوارع او مصلحات للسيارات او سائقات لوري او حلاقات رجال ....او او
لقد ادى هذا العيب وذاك الى حجز ومنع آلاف النساء من التحرك في عوالم واسعة الاعمال في مختلف الاوساط بكل كفاءة ومقدرة كحال اغلب النساء في دنيا الحضارة
والسؤال المطروح كم من المبدعات القابعات في البيوت المظلمةقد خسرت مجتمعاتنا بسبب هذا العيب غير الواقعي وغير الشرعي ؛ والسؤال الثاني كم من الاباء
ينيفتخر بابنه اذا تفوق وبرز في مختلف المجالات السابقة والتي يتوجب ان لا تلجأ اليها المرأة اطلاقا حتى لو هلكت جوعا.؟
جآاتني احدى قريباتي وعرضت علي مجموعة من قصائدة مدّرستها في الثانوية وحيث من ( العيب) ان تتصل بي تلك المدرسة فقد طلبت منها ايصالها لي لكي
اقرأها وابدي وجهة نظري في تعابرها ومعانيها واوزانها الشعرية ؛ قرأت تلك القصائد وبهرت بفنها الشاعري الخلاب ونصوع لغتها التي تسبح في خيال
محلق ... كانت القصائد غزلية شديدة العذوبة صادقة الاحاسيس ؛ ابديت اعجابي واكدت على ضرورة طبعها باقرب فرصة . في اليوم التالي علمت بانها من
عائلة لاتسمح لها مطلقا بكتابة الشعر فما بلك بنشره ( اليس ذلك عيبا) مخجلا يدمر سمعة العائلة و يجلب لهاالعار والشنار؛ ,,,لوكان ولدا شاعرا لوضع
فوق رؤوس افراد العائلة والعشيرة لتتباهى بغزله الذي يذيب قلوب العذارى ... ولكن ان تكون بنتا شاعرة غزل فهذه هي الخطيئة التي لاتغتــفر,
لقد خسرنا شاعرة كان مقدرا لها ان تأخذ موقعا متميزا وبارزا في دنيا الشعرو لكن ...... لعن العيب الذي في واقعه الحقبقي والمنطقي هو.....لاعيب.