ولي الذكر كالانثى - الحلقة الثالثة والاخيرة



حافظ امين الشجيفي
2014 / 4 / 25

سنعود بكم في هذه الحلقة من المقال الى القرآن الكريم مجدداً لنأخذ منه آية أخرى من الآيات التي تكون فيها صورة "المشبه به "أضعف حالاً وأصغر مآلاً وأقل شأناً من صورة "المشبة " على خلاف ما جرت به قاعدة التشبيه في اللغة العربية التي تحدثنا عنها في الحلقة السابقة حيث يقول الله تعالى مخاطباً أمهات المؤمنين " يانساء النبي لستن كأحدٍ من النساء " وفي هذه الآية نفى الله سبحانه وتعالى وجوه الشبه بين نساء النبي من ناحية ، وبين عامة النساء دونهن من ناحية مقابلة ،ليمنح أُمهات المؤمنين مرتبة تشريفية أعلى وأسمى في المكانة والمنزلة الاجتماعية والدينية والاخلاقية التي تليق بهن "كنساءً للنبي" من المكانة العامة التي تنزل فيها بقية نساء المؤمنين على مر العصور، رغم إن نساء النبي في هذه الآية حللن على تلك القاعدة البلاغية ايضاً في موضع " المشبه" الذي يفترض أن يجعلهن في منزلة أدنى من منزلة بقية النسوة اللائي حللن في موضع المشية به منها ،،
وإذا كانت هذه الآية تتشابه الى حد التطابق مع الآية السابقة التي قال الله فيها على لسان أُم مريم بنت آل عمران " وليس الذكر كالأُنثى " دون أن يكون لآية من الآيتين فضل أو فارق يميزها عن الأخرى ، فإننا في هذه الحالة سنقول إن "الآية الأولى كالثانية" ، فهل هذا يعني ان الآية الثانية أفضل من الأولى لمجرد إنها أخذت موضع المشبه به على تلك القاعدة ، بينما هي تشبهها تماماً دون زيادة أو نقص على أرض الواقع من جميع الوجوه ،، أم أننا يجب أن نضع ألإثنتين معاً في الموضع ذاته من هذه القاعدة حتى يكون التشابه المعنوي واللغوي القائم بينهما متطابقاً تماماً مع التشابه الواقعي لهما ،، على أنه يستحيل ان تأخذ صورة المشبه والمشبه به مكاناً واحداً على تلك القاعدة في الوقت نفسه أو في اي وقت آخر ،،
والحقيقة ان الآيتين المذكورتين تتشابهمان تماماً من حيث المبنى اللغوي والإنشائي والتركيبي الذي تحملانه على نحوٍ تتماثل فيه قوالب التطبيق التفسيري لهذه القاعدة البلاغية عليهما دون أي فروق يمكن ان تظهر بينهما في المعنى الذي تدلان عليه من الناحية البلاغية ،،
إذن فإن التفسير البلاغي الذي ينطبق على أحدى هاتين الآيتين ينطبق بالضرورة على الآية الثانية في معناه ومبناه ،،
إلى هنا فإنني آمل أن أكون قد أُبليتُ بلاءً حسناً في إجتهادي للرد على ذلك السؤال الذي يطرحه علينا بعض الرجال لا من باب البحث عن إجابة شافية له كما يفترض ولكن من باب إعتقادهم بأنهم يمتلكون هذه الإجابة الشافية عنه سلفاً ليحاججوا أنفسهم قبل أن يحاججونا بها بل وليحاججوا الدين ايضاً بما لا يقبل المحاججة فيه من الأحكام القطعية التي لا تقبل النقاش والجدل والتأويل الأيدلوجي المفخخ ، وأتمنى أن يجد السائل فيما أوردناه في هذه الحلقة التي اتممننا بها موضوع الحلقة السابقة من المقال الجواب الكافي الذي يبحث عنه حول هذه المسألة بحيث يعفينا من كُلفة التطرق بالخوض فيما لا نرى ضرورة تدعونا للتطرق والخوض فيه من الشواهد الواقعية والأحكام الدينية التي تعرض لها القران الكريم ، كنصيب الأنثى من الإرث والديّة وعدول شهادتها والولاية والنبوة مقابل نصيب الذكر وقوامته عليها ،، وكثير من الامور التي تدل على ضعف الأُنثى أمام الذكر وتميزه عنها في عِدِّة من الجوانب ،،
ما نود التنبيه عليه في نهاية هذا المقال هو أن هناك شريحة متقلبة الفكر والمزاج من أبناء مجتمعنا الإسلامي ومن أبناء جلدتنا العربية تارة تراه مع الماركسية وثانية مع الوطنية وثالثة مع القومية ورابعة مع العلمانية ويحاولون من خلال المرأة والحرية التي يزعمونها لها بث أفكارهم وسمومهم الشهوانية والشيطانية بيننا والظهور بمظهر المصلحين والمنفتحين والمثقفين المخَلِّصين لها من ظلم وذكوريةالذكور ،،
حتى تمكنت هذه الشريحة بما تردده علينا وبما تدعونا اليه من الإشتراك - بقصد أو بغير قصد منها - مع تلك المنظمات المشبوهة ومراكز البحث العلمي والخدمات الاجتماعية والمؤسسات التي تتغطى براية القانون في نشر هذه المفاهيم التفسخية بيننا من خلال تحالفهم القوي مع المنظمات الدولية أو ما يسمى منظمات المجتمع المدني التي تجد فيهم خير سند لتمرير هذه المشاريع الهدامة ذات العلاقة بالمرأة والأسرة علينا وتبنيها.
والأُنثى في اوساطنا الاجتماعية مدعوة إلى التمسك بما يكفل لها حياة طيبة كريمة تحفظ عفتها وتصون مكانتها الاجتماعية وفقا لشرع الله وتعاليمه وإتباعاً لتقاليدنا وثقافتناواخلاقنا العربية الاصيلة وإذا أضاع العرب حقاً مشروعاً للأنثى أو للمرأة فعليها أن تطالب به بكلمة الله وشرعه ومن يريد ان يحفظ لها حقوقها فيمكنه أن يطبق الشريعة الإسلامية ويحميها ويلتزم بها وهي -أي الشريعة بمنهجها الكامل الشامل- كفيلة بأن تسعد المرأة والرجل معاً وتحفظ للمجتمع الأمن وللأسرة الإستقرار دون الحاجة إلى إستيراد أنظمة وأفكار خارجية غريبة ثبت فشلها في بيئتها قبل بيئتنا،
ومن يدعو إلى تحرير المرأة أو يطالب بحقوقها وتحقيق تكافؤها العدمي مع الرجل عن طريق هذه الشعارات على غرار القانون الوضعي فالينظر للمرأة الغربية هل نالت حقها فعلاً وهل نجح القانون في حمايتها من العنف والتحرش وممارسة الرذيلة والتفكك الاسري والانفلات الاخلاقي وهل يمكن لقوانين مكتوبة أن ترفع عنها ظلم المجتمع وجشعه المادي والجنسي الذي يسخر إنسانية المرأة ويجعلها سلعة للكسب والمتعة،،
وبالنسبة للثقافة العربية فلا يزال الدين الإسلامي يمثل مرجعية للناس ونظاما لترتيب علاقاتهم وبالذات في الجوانب الأسرية والأحوال الشخصية وفي مسائل الفكر والثقافة والعمل وهو ما يزعج الأمم المتحدة والغرب ،وهم لا يعملون ذلك حباً فيها وإنما لإدراكهم ان النساء هن حبائل الشيطان،، ومن خلالهن يستطيعون ان يستعبدونا بدعوى الحقوق والحريات التي سلبناها عليها ـ
مسكينة المرأة في المجتمع الغربي أوهموها بالمساواة من اجل التحرر فأرهقوها وزادوها شقاء ،تذهب للعمل وتعود للمنزل للقيام بواجبها تجاه الاسرة بطبيعتها الفطرية،، وإما التمرد باسم المساواة فتفقد العائلة توازنها وتكون المرأة هي الضحية الاولى...فإذا عدنا الى منطق الصواب فإننا نقول الرجل يكمل المرأة والمرأة تكمل الرجل(وليس الذكر كالأنثى)