والتاء تاء التانيث لا محل لها من الاعراب



مي متاني
2014 / 4 / 26

في المرحلة الابتدائية وعندما بدانا نتعلم مادة اللغة العربية، تعلمنا الابجدية ثم الكلمات وتكوين الجمل الى مرحلة تقسيم حصص اللغة العربية الى ادب وانشاء وقواعد وبلاغة. اتذكر عندما وقف الاستاذ في الابتدائية وكتب لنا هذه الجمل على اللوح لاول مرة:

كتبت البنت الدرس

وبدا بالاعراب:
كتبت:كتب:فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التانيث لا محل لها من الاعراب.
البنت: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على اخره.
الدرس: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على اخره.

قال لنا الاستاذ بصوت مرتفع تذكروا ان تاء التانيث ودائما عندما تكون التاء للتانيث دائما تكون لا محل لها من الاعراب. في تلك المرحلة حفظتها كقاعدة وفي كل الامتحانات والوظائف كنت دائما اكتب والتاء تاء التانيث لا محل لها من الاعراب وهكذا كنت احصل على علامة كاملة.

اعود الان الى مشهد اخر لي في المرحلة الثانوية، دخل استاذ اللغة العربية الى الصف وبدا بكتابة جملة لم تكن جملة بمستوى الجملة السابقة بل كانت جملة بمستوى امتحانات "البجروت" وبالعربية تعني نضج او بلوغ وهي الامتحانات النهائية للمرحلة الثانوية في كل المدارس العربية التابعة لفلسطيني الداخل.

كانت في الجملة كلمة "قالت" كان من المفترض ان يكون اعراب هذه الكلمة مفهوما ضمنا وبالطبع ان نمر عليه مر الكرام ولا يتوقع احد ان يتم الاستفسار عن هذه الكلمة. اعرب الاستاذ كلمة قالت اما انا فقد قمت بتعكير صفو مزاجه قائلة:
اتسمح لي بسؤال؟
قال: بالطبع!
قلت: انا لم افهم اعراب تاء التانيث
قال: والمقصود؟
قلت: هل يراد باعراب تاء التانيث التلميح الى عدم الاعتراف بها بشكل او باخر؟ فانا اشعر وكان السلطة الذكورية طغت على الاعراب ايضا!!
وكانهم تعمدوا ذالك عندما وضعوا اسس القواعد؟
نظر الي الاستاذ باندهاش واجابني: تاء التانيث لا يوجد لها اعراب في القواعد، يعني مش رح تصعب علينا كثير في البجروت يا مي!
الصف مقاطعا: يا ريت كل شيء مثل تاء التانيث ملوش محل من الاعراب لكان وفر علينا وقت!
وسادت الحصة اجواء من الضحك اما انا فلم اشعر برغبة في الضحك، فقد شعرت بضيق يكتنفني، فان الاستاذ لم يكمل حديثه وعدنا الى موضوع الحصة كالمعتاد.
فقد تم تجاهلي ومرتين: في الاعراب وفي الواقع ايضا اما بالنسبة لسبب التجاهل فابقيه قيد السؤال والاستفهام بين ان كان متعمدا او غير ذالك...
كنت دائما احب حصص الاعراب والقواعد وكنت ادرك اهميتها خاصة لاتقان التحدث باللغة العربية الفصحى بشكل سليم ولبق، واني كنت دائما وما زلت لشديدة الحرص على كل ما يتعلق باللغة العربية، لاني اؤمن ان الحفاظ على اللغة هو شرط اساسي وضروري للحفاظ على الهوية والذي بدوره يعني تشبثنا وتمسكنا بالقضية كفلسطينيين في الداخل.

لكن في ذالك اليوم تكونت بيني وبين الاعراب فجوة، ذالك اليوم الذي بدات ادرك فيه ان هنالك الكثير من الامور التي نقوم بها بشكل عفوي بلا وعي وتحتاج الى وقت كي تنتقل الى الوعي وعندما تنتقل فعلى الارجح طريقة تعاملنا معها ستتغير...
نعم! انا اقر بفجوة بيني وبين الاعراب حجمها يتاثر بمكانة "تائي"!!
فيا ايها الناس!! كيف من الممكن لي ان احافظ على علاقتي بالاعراب وقد قام بالانتقاص من قيمتي؟
فانا تاء التانيث افخر!! انا الحركة والقدرة على الكلام والتعبير...
انا الحضارة والنشاط والعمل..
انا هي الحرية!
انا هي الحياة!
اما تكراري هذا الاعراب سيجعلني اقر واعترف بانه لا عتب على ان اكون "اللاشيئ" او "اللاموجود"!!
ولاني لن اعترف باني "اللاموجود" ولكي اثبت باني "الموجود" اسمحوا لي بان اناشد علماء اللغة واقول : انصفوا تاء التانيث!