يوميات انثوية (2)



امال طعمه
2014 / 5 / 12

تبحث الأنثى عن الحب ..عن ذلك الفارس البطل من قصص الحب القديمة، راكبا على الحصان الأبيض..يأتيها من خلف الغيوم وينتشلها من ركود أيامها..ويعبر بها الى مكان أخر ..الى حالة أخرى ..يتراءى لها ذلك الوهم أحيانا حقيقة ..فترسل مشاعرها بالحب ..
ويظل الوهم وهما .. والواقع شيء أخر.
*******************************
في صبيحة يوم عرسها ..جلست أمام مرأتها ..تطلعت الى وجهها ..تغيرت تلك الفتاة لم تعد كما كانت في داخلها.. كما كانت قبل ثلاثة سنوات..لم تتغير ملامحها ولكن داخلها تغير ..نظرة عينيها لم تعد حالمة ..ولم تعد تنتظرالحب!! تذكرت ذلك الوجه الذي احتضنته في قلبها واختفى من حياتها..واختفت معه الكثير من المشاعر والأحاسيس..

الهاتف المتنقل المطلوب مغلق حاليا!...تلك الرسالة التي سمعتها حين كانت تتصل به بعدما وعدها بأن يطلبها من أهلها..وتحولت الرسالة بعد حين الى الهاتف المتنقل المطلوب مفصول..ثم سمعت من احدهم انه سافر الى احدى دول الخليج..ذهب ولم يعد!

***************************
اليوم هو عرسها..عليها أن تسرع ليس أمامها وقت كثير ..نادتها أختها : يجب أن نذهب الأن ..تأخرنا على موعدنا مع الكوافير!!
قبل ثلاث سنين كانت تحلم بالحب ..الأن هي فقط تريد أن تتزوج ! وتكمل المشوار المرسوم .
جاء العريس من أمريكا..يبحث عن بنت الحلال..الجميلة المتعلمة الخلوقة ..بنت بنوت.
عرفتها به احدى قريباتها ..جاء الى منزلها مع والدته وكان اللقاء وكان الإختيار..فكل من سألوه عنها أشاد بها وبأخلاقها.
كان الغناء وكانت الزغاريد والتقطت الصور.. وانتهت الحفلة الصاخبة.. وودعت هي حياة عرفتها نحو حياة أخرى!
ركبت السيارة المزينة مرة أخرى لكن لوحدها معه .. باتجاه عش الزوجية.

***************************
صب له كأسا من المشروب الذي يحب..واقترح عليها أن تشرب معه..فشربت معه.. وكان الطعم مرا ولكنه ليس أمَر مما عانته!
دفعها الى غرفة نومهما.
لقد تزوج مرتين قبل هذه المرة..مرة من أجل الجنسية.. ومرة من أجل الحب، في المرة الأولى كان الأمر مجرد لعبة فانتهت ..أما الزوجة الثانية فقد أحبها بصدق رغم أنها تكبره بالسن أيضا ..لكنها تركته فجأة.. من أجل رجل آخر..
عاد الى بلده بعد توسلات والدته بأن يعود..ويتزوج من بنات البلد..
فكانت رحلة البحث التقليدية عن العروس التي تملك كل المواصفات المطلوبة جميلة، نحيفة ،عمرها مناسب ..وعذراء!
هدأت خواطره ..وانفرجت أساريره بعدما شاهد بضعة نقط من دم أحمر على الشرشف(الغطاء) الأبيض..
عاود اليها من جديد.. وقد شرب ما بقي في كأسه.
*******************************
استيقظ قبلها على مايبدو..فهو ليس بجانبها..
كان يعد القهوة التي يحب تلك التي تعود عليها ..وتعود أن يشرب منها كل صباح ولو أن الوقت الأن صار ظهرا! كانت تلك احدى الأمور التي تعود فعلها في غربته وبقيت معه ..تلك الأمور التي تشعر الشخص وكأنه مازال هناك في بلاد أخرى وبيئة مختلفة! كأنه مازال هناك حيث يريد أن يكون!

تلك الألة آلة القهوة لم تعمل والتي اشتراها على عجل بعد أن تعطلت ألته القديمة فجأة..كبس زر التشغيل عدة مرات ..لم تعمل ..تفقد وصلة الكهرباء ..ليس فيها شيء..
كبس يائسا زر التشغيل مرة أخرى ..وهذه المرة اشتغلت!
صب لها فنجان من القهوة.. وهو يقول كان علي أن أشتري نوعية أخرى .. ليست صينية!
كل شيء صيني فاشل!

تبسمت من كلامه !
وتذكرت كلام تلك الطبيبة التي ذهبت اليها ونصائحها.. وكم كانت طوال الوقت وهي جالسة أمامها تستغفر ربها!

وقالت بسرها، وهي تسترجع في مخيلتها احداث ليلة البارحة... والشرشف الأبيض : لا، ليس كل شيء صيني فاشل!


*****************
كانت قد اكتسب تلك العادة في أيام المراهقة ،عادة كتابة يومياتها.
قررت أن أكتب مذكراتي ليس في يومي الشيء الكثير لأكتبه ليس هناك احداث عظيمة ومشوقة ،ولكني قررت أن أكتب عن ما يجول في خاطري عن أحاسيسي، عن مشاعري تجاه الأشياء التي تحدث ،عن الاحلام وضياعها ، عن الأمال.. وخيبات الأمل! هكذا كتبت في صفحتها الأولى .

تمر بنا الأيام ..في كل يوم يمضي نتذكر الماضي ونتذكر أحلامنا..أفكارنا عن غدنا وعن كيف سيكون بضعة أمنيات طفولية وبعض من الأحلام تندثر مع الزمن..الواقع الذي نعيش يخبرنا بأن بعض الأحلام ولو كانت بسيطة صارت مستحيلة والواقع يخبرنا بأن بعض الأشخاص الذين نحب قد يكونون السبب في تدميرنا أو على الأقل في ضياع كل أحلامنا الى الأبد..كان ذلك الشخص هو أمي !
كان ذلك ما كتبته في الصفحة الأخيرة.
**************
اليوم يوم زفاف أختي..التي تكبرني بعام واحد فقط أي أنها في السابعة عشرة من عمرها..قرر أبي تزويجها لأول عريس دق الباب ،لا بل قررت أمي وكان أبي يرضخ لأوامرها ..لم يكن من النوع الذي يفرض رأيه على عكس الرجال الأخرين من حولها،كان يساير أمي كثيرا ..

كانت أمها رجل البيت الحقيقي وإن لم يبدو الأمر كذلك للكثيرين.

وافقت أمي على ذهابي مع باقي أخواتي الى الكوافيرة التي في الحارة..وكانت تريدنا أن نستغني عن خدمات الكوافيرة ونقوم بتسريح الشعر بأنفسنا في المنزل ..بدلا من صرف ثروة عند الكوافيرة!ولا أدري ما الذي غير رأيها ، ولكني عرفت بعد حين، حينما جرتني لأسلم على احدى المدعوات والتي تبحث عن عروس لإبنها، فهي تريد أن نظهر بأفضل حال حتى تعجب بنا النساء المدعوات ويصبح هنالك مشروع عريس!

تفحصتني السيدة هذه باعتناء وبدا عليها عدم الارتياح وشعرت أمي ايضا بأني لم أعجبها مثلما شعرت، لأنها بعد العرس وبختني وقالت لي : لو تفردي هالوش شوي لما تسلمي على الناس!
وحينها فكرت لماذا لم أعجبها؟ على الرغم من أنني كنت دائما أسمعهم يقولون عني بأني أجمل أخواتي!

أهي نظرة الاشمئزاز التي شاهدتها في عيني، هل أحست برفضي واستنكاري لتصرفات أمي؟!
هذه المرة ابتسم لي الحظ مؤقتا وتأجل مشروع الضحية التالية بعد أختي!

يتبع