العَورة لا تُنجِب إلا أعور



علي الخليفي
2014 / 6 / 7

العورة لا تُنجب إلا أعور .. أعور البصيرة وليس أعور البصر .. فالعوار الذي يعتري البصر يمكن علاجه وتصحيحه على يد طبيب عُيون ماهر .. وفي حال إستعصى عن العِلاج .. فالتعاش معه أمر ممكن .

أما ما لا يمكن علاجه على يد أمهر الأطباء .. وما بستعصي بل يستحيل النعايش معه .. فهو عوار البصيرة.

عوار البصر الذي يصيب عين الوجه ، يؤدي إلى قصور في رؤية الأشكال الخارجية للأشياء المُحيطة، ولكن عوار البصيرة يصيب عين العقل ، مما يجعل هذا العقل يرى الأشياء بصورة مشوشة ومُشوهة، ويُفقده قدرته على إدراك جوهرها.

يقول نيتشة ، "الإنسان الكامل هو إبن الحُب الكامل" ، والإنسان الأعور البصيرة ليس إنساناً كاملاً ، بل هو إنسان مُشوه ، لإنه نتاج لعلاقة مُشوهة بين طرفين ، تقوم على تعاليم تُجرم وتُحرم الحُب ، الإنسان الأعور البصيرة هو المُنتج الطبيعي لتلك العلاقة التي لا يوجد تكافؤ بين طرفيها ، بل أن الطرف الأهم فيها وهي المرأة ، لا يُسمح لها بأن تلعب أي دور في بناء هذه العلاقة ، فهي ليست سوى وعاء للطرف الآخر ، يقتني منه العدد الذي يطيب له من مثنى وثُلاث ورُباع.

كيف يمكن للبذرة أن تنمو أو تُثمر ، إذا ما زُرعت في رحمِ أرضٍ جرداء قاحلة مُتحجرة .

المرأة هي الأرض التي تزرع فيها تلك البذرة الإنسانية ، فكيف لتلك البذرة أن تنمو وتُنتج إنسان كامل ، وهي مزروعة في رحمٍ مقهور ، يُمارس عليه كل أنواع الإذلال والتسلط ، ما الذي يمكن أن تمتصه تلك البدرة ، وهي في أطوار تكوينها الأولى ، من ذلك الرحم المقهور الذي زُرعت فيه سوى القهر.

هذه العلاقة المُشوهة الخالية من الحُب ، لايمكن لها أبداً أن تنتج إنسان سويّ ، هي لا تنتج إلا كائن مُشوه ، يحاول تبرير تشوهاته الخُلُقِية ، عبر التمترس وراء تعاليم بدوية بالية ، ينسبها للسماء، والسماء والأرض منها براء.

لو تطلعنا فيما حولنا للمُجتمعات التي تحط من شأن المرأة وتُعاملها بدونية ، لوجدنا أنها أحط وأدنى مُجتمعات الأرض في جميع مناحي الحياة.

فالمرأة هي واهبة الحياة ، وسمو أو دنو هذه الحياة يرتبط إرتباطاً كاملاً بسمو أو دنو مكانة المرأة ، فإذا ما قُهرت المرأة وعُوملت بدونية ، فما هو شكل الحياة التي يمكن أن تَهبه لنا ، إنها تماماً هذه الحياة التي نرى المجتمعات التي تُهين المرأة تعيشها ، حياة مليئة بالجهل والتخلف والقسوة والعنف ، حياة يتزعمها ويقودها عُور البصائر نحو مصائر كارثية.

حياة ضنكا لايمكن لها أن تثمر شيئاً سوى الخراب والدمار والفشل.