يوميات أنثوية (4)



امال طعمه
2014 / 6 / 9

أمي..أعتبرها شخصا ناجحا .. كان لها هدف عظيم وقد حققته .. أليس نجاحنا بتحقيق أهدافنا؟!
كانت أمي ترى نجاحها بتزويجنا وخلاصها من همنا ذلك كان الهم الأكبر ..هم البنات للممات ..السترة يارب هذا كانت احدى دعواتها ..السترة لبناتها..لم ألمها حقا فهذا هو ما نشأت عليه، تلك هي القصة!
لم تعرف نموذجا أخر، لم تفكر أن هناك حاجات أخرى، وأن الزمن يتغير ..بالنسبة لها هي قد نجحت! فلقد حققت أهدافها بتزويجنا ولو أنها ندمت على تزويج أختى الكبيرة لشاب فقير ..أخرق!
كانت أختى الكبرى التجربة الأقل نجاحا أو برأيي الأكثر فشلا .. يال حظها السيء !

***********************
قلبت صفحات دفترها القديم عدة مرات توقفت عند بعض الأحداث حتى أنها اضافت بعض الكلمات وجدتها معبرة عن حالتها انذاك قبل سنين وسنين.

اليوم تستقبل الفرحة في قلبها حقا..اليوم كان لها ما أرادت تحقيقه لنفسها قبل سنوات حين تخرجت من الثانوية العامة وقبلت بالجامعة بالتخصص الذي أرادت، ولكنها للأسف لم تذهب ولو ليوم واحد الى الحرم الجامعي، لم تعرف يوما كيف هو؟ سقطت من عينها دمعة..هل هي دمعة فرح لتخرج ابنتها اليوم أم دمعة حزن ما كان وما لم يكن! مسحت دمعتها بسرعة اليوم لن تحزن اليوم ستفرح! ولو كانت تعرف أن تزغرد لزغردت! طرقت ابنتها على الباب ..هاتفة :يللا يا ماما تأخرنا على موعد الروحة لحفل التخريج ..
كانت قد استعدت للذهاب من قبل، فقط اقفلت الدفتر.. دفتر يومياتها .. دفتر حياتها وأعادته الى الدرج حيث كان.


ستعود إليه لاحقا اليوم لتكتب من جديد ..هذه المرة عن شعور سعيد، عن فرحة هذا اليوم وعن فخرها بما أنجزت ..


كانت والدتي معنا بحفل التخريج، جلست بجانبي عن اليمين .. تطلعت اليها، غيرتها السنين لكنها ما زالت قوية، ورغم تعبها أرادت أن تأتي لحفل التخريج ..وكنت أظن أنها لا تهتم سوى بحفلات الزفاف ! لمحت علامات الرضا على وجهها، ولمحت بعضا من الفخر وبعضا من الفرح ..نعم كانت مبسوطة ..من أجل ابنتي ! سعدت بذلك.


كانت نظرة عينها حنونة ليست كتلك النظرة الحادة التي كانت ترمقني بها حين أنطق بشيء لا يعجبها أو يخالف رأيها في الماضي..ليست كتلك النظرة التي أتذكرها لغاية اليوم!.... حين صرخت بأعلى صوتي :ما بدي اتزوج ..شو ما بتفهموا عربي؟! وجاءت بعدها الصفعة !


فقد أعلن عن خطبتي على أحد الشبان من أهل الحارة يعمل كميكانيكي سيارات يعني (كسيب) كما قالت لي أمي حينها وأكملت: بيكفي يا هبله انو معه فلوس مش زي اختك اللي اتطبلت بواحد عايف حاله ومتعوس!
قلت في نفسي: من الذي طبلها... وسيطبلني بعدها؟

وبدلا من أن استعد فرحة لاستقبال أول يوم دوام في الجامعة ..كنت عند الكوافير أستعد لزفافي!

رجعت من رحلة الذكريات .. الى عالم الواقع.. الى عالم الفرح الذي سيحصل لي أو أنه قد حصل فقد أُعلن عن اسم ابنتي.. هاهي تستلم شهادتها ..شهادتي أنا ! تخرجت من كلية الهندسة كما أحبت هي وكما تمنيت أنا!
أخيرا قد نجحت في شي ما في جزء ما من حياتي ..في تحقيق بعض من أمنياتي ولو في كيان شخص أخر ..أحبه أكثر من نفسي! في النهاية أستطيع القول أني نجحت ولو بعد حين.


لم تنفع كل احتجاجاتي وصرخاتي بإبعاد شبح الزواج المخيف الذي لم أرده أبدا أنذاك ولم أفكر فيه يوما! على عكس صديقاتي من المدرسة ..اللواتي لم تخلو أحاديثهن يوما من ذكر الزواج وأشياء الزواج! وقد قالت لي احداهن وهي تبارك لي في يوم عرسي ضاحكة :ولك يا مخبيه بقشورك ..عرفت تنقي! أخدت أحلى شب في الحارة.. يا خسارة!


وكأنني اخترت أو كان لي هذا الخيار ..إنه قدري فقط! وتذكرت بعد الزمر والطبل ..وكل الزغاريد أنها ستدخل الليلة الى عالم أخر..الى حالة أخرى..إنها زوجة الأن ..كانت طوال الوقت تتباكى على ما ذهب من آمالها وأحلامها ..ولم تفكر في شأن الزواج نفسه ..في العرس على اللوج ..وعريسها بجانبها لاحت لها الفكرة،الليلة شخص لا تعرفه هو زوجها سيشاركها ..أسرار جسدها!
فزعت، وكأنها عرفت تلك الحقيقة فقط تلك اللحظة!


يتبع