سيدة التحرير



عمرو عبد الرحمن
2014 / 6 / 12

بقلم/ مريم عبد المسيح
انكشفت منذ لحظات خيوط الجريمة التي كادت تكون كاملة، والتي دارت تفاصيلها الدامية في ميدان التحرير، أثناء احتفالات شعب مصر برئيسه المنتخب، قائدا لثورته في الثلاثين من يونيو.

حيث كشف مصدر أمني مطلع، عن وجود خلفيات "إخوانية"، بالتحديد "حزب الحرية والعدالة"، للمتهمين بالتحرش بالسيدة المصرية التي كانت وابنتها تشاركان أفراح المصريين، فتحولت فرحتهما إلي مأساة لا تنسي.

الجريمة الإخوانية - الإرهابية - الجديدة، ليست الأولي، بل سبقتها جرائم أخري مماثلة، بنفس التفاصيل القذرة، وذلك أثناء الاحتجاجات الشعبية التي اشتعلت ضد الحكم الفاشي للجماعة الإرهابية، وبالتحديد في يناير 2013، حيث تعمدت عناصر منتمية للجماعة، ارتكاب جرائم تحرش، خاصة ببعض الناشطات المصريات وبالإعلاميات الأجنبيات، لكي يحاولوا تشويه صورة المحتجين أمام وسائل الإعلام العالمية، وإظهار معارضي حكم الإخوان بأنهم متحرشين، عديمي الأخلاق، في مؤامرة مكشوفة للجميع.

أما الجريمة الأخيرة، فقد كشفت أيضا أن عناصر الإخوان لا فرق بينهم وبين من يزعمون أنهم ثوار "نكسة" يناير، فكليهما وجهان لعملة رخيصة واحدة، لا قيمة لها ولا دور سوي زرع الفتن بين الشعب من جهة، وبين جيشه وشرطته من جهة أخري.

الجريمة كانت مقصودة إذن، لإفساد فرحة المصريين برئيسهم المحبوب، ولكي يكرسوا من جهة أخري لما روجوه من اتهامات بالاباحية لمؤيدي السيسي، وكأن الرقص التقليدي الذي هو جزء من نسيج فرحة المصريين في جميع المناسبات الإنسانية أصبح جريمة.

الجريمة تحمل في طياتها ايضا رسالة للغرب في الساعات الاولي من تولي السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، لمنصبه، في تكرار لتمثيلية الفتاة الشهيرة وعبائتها "ذات الكباسين" في عز الشتاء، لكي يلتقطها الاعلام الغربي الجاهز لتشويه صورة الرئيس المصري المنتمي بالأساس للمؤسسة العسكرية، ما يصب في خانة فتح شهية أعداء الوطن لكي يعيدوا ترديد شعارات "يسقط حكم العسكر" المقيتة.

كما تعد محاولة واضحة، لبث مشاعر القلق لدي المواطنين من عدم استتباب الأمن، ما يعني تفخيخ العلاقة مجددا بين الشعب ووزارة الداخلية التي بذلت علي مدي الشهور القليلة الماضية من الجهد، ما لم تبذله منذ عقود مضت، واستعادت روح الوطنية والفداء التي كانت عليها يوم أن تصدت للعدوان البريطاني يوم 25 يناير 1952، وهي الذكري التي حاول أعداء مصر تشويهها، باختيار ذات اليوم والمناسبة لإطلاق عيار الرصاصة الفاسدة الشهيرة باسم "ثورة يناير".

وهو ما يستدعي إشادة لابد منها، لاثنين من أسود الشرطة المصرية، الذان كادا يفقدا حياتهما، أثناء أداء واجبهما دفاعا عن السيدة ضحية الجريمة الإخوانية البشعة.

لا ننس أيضا أن من ضمن أدلة إدانة جماعة إخوان العار، أن أول من أذاع فيديو الجريمة علي صفحته الشخصية بموقع "فيسبوك" هو "مروان عرفة" - محرر شبكة رصد المتحدثة بلسان الإخوان - الذي وبدلا من التحرك لإنقاذ شرف امرأة، وقف يصور تفاصيل جسدها العاري ليتاجر بعرضها أمام أعين الملايين.

ويشار هنا إلي كم المشاهدات غير العادي، الذي ناله الفيديو عقب نشره بيد الديوث الإخواني، بلغ ما يقرب من نصف مليون مشاهدة في ساعات قلائل، وهو أمر متوقع، في ظل تدخل تم الإعداد له مسبقا، بدءا بالإيقاع بالفريسة، ثم تصويرها ثم بث الفيلم علي شبكات التواصل الاجتماعي، ثم الترويج له بالاصابع القذرة للجان الإخوانية الألكترونية والتي أشرف علي إنشاؤها الإرهابي خيرت الشاطر، وتتابعها حاليا زوجته وبقيت عائلته، بحرفية الشياطين.

كما تكشفت حقيقة أخري لا تقل "عهرا" حيث تبين أن "مروان" الذي قام برفع الفيديو علي موقع يوتيوب، هو شقيق الإرهابي "أحمد عرفة"، الذي تم اتهامه في جريمة حرق مقر حزب الوفد، أثناء حكم الجماعة، وهو ينتمي لحركة "حازمون" الإرهابية.

والآن وبعد أن تم التعرف علي حقيقة ما جري وتوصلنا إلي المسئول عنه، وقبل أن نغلق الملف، لا ينبغي أن ننسي أن سلوكيات التحرش قد أصبحت ضمن النسيج اللاأخلاقي لقطاعات كبيرة من الشباب والمراهقين، لدرجة أن أصبحت الأعياد والمناسبات السعيدة، مرتبطة بطقوس التحرش الجنسي.!!

الرسالة التحذيرية هنا ليست فقط موجهة للحكومة كي تتخذ مزيدا من الإجراءات الرادعة، علي غرار قرار المهندس إبراهيم محلب، بوقف عرض فيلم "حلاوة روح" الذي يهدر المزيد من قيمنا الاجتماعية، بل موجهة ايضا للأسرة المصرية كي تنتفض لفرض رعاية أشمل وأكثر وعيا علي الأبناء، وهي أيضا موجهة لمن يطلق عليهم "فنانين" بينما في حقيقة الأمر يقومون بدور "القوادة" عن طريق طباعة مشاهد الجنس العارية في أذهان الشباب والمراهقين، الذين أصبحوا المستهدف الرئيس من افلام "السبكي" و"خالد يوسف"، و"إيناس الدغيدي"، في حين تراجعت قطاعات كبيرة من المشاهدين التقليديين، من طبقات الأعمار المتوسطة والأكثر نضجا، عن متابعة ما يجري في دور العرض السينمائي من "دعارة" مقنعة تحت مسمي "الفن".

الجريمة تفجر العديد من لحظات الاستيقاظ بعد غيبوبة العيش بمفاهيم لا تفرق بين الحرية وبين الفوضي، وبين الديمقراطية وبين الانفلات السياسي والأخلاقي، وبين النقد الساخر وبين "المساخر" التي تستهدف الحط من شأن القيم العليا للمجتمع... "باسم يوسف" وبرنامجه - نموذجا، ومعه علي نفس السياق، المدعوة "سما المصري".