قانون البكيني!



مرثا بشارة
2014 / 7 / 8

يسير الرجل العربي مختالا بنفسه مرتديا ما يحلو له من ثياب عصري (غربي)، وتراه يجر خلفه كائن انثوي مُغطي بكل ما أُتيح من اغطية ليكون في منأي عن التعامل الآدمي مع الاخرين، في حين تجد الرجل ذاته يهبُّ وقوفا و يضرب تعظيم سلام عندما تعبر امامه امرأة جميلة المنظر انيقة المظهر، وحين تسأله لماذا يسلك هكذا؟!
يجيبك بأنه يصون المرأة خاصته –زوجته او اخته- من عيون الاخرين واذيتهم، لكن الحقيقة في رأي المتواضع ابعد من ذلك، اذ أري الرجل العربي يسعي بكل طاقته لحجب كل امرأة و فتاة من خاصته حتي يخدر ضميره عندما يستحل النظر والتحرش بالنساء والفتيات الاخريات،
عندما علت الاصوات تندد بتفشي ظاهرة التحرش والاعتداءات الجنسية، وتطالب بأقصي عقوبة ممكنة لمرتكبي هذة الجرائم الغير آدامية، علت في المقابل اصوات الرجال والشباب
تطالب المرأة والفتاة بالاحتشام حتي لا يثرن غرائزهم الجنسية ويوقعن بهم في براثن الشيطان الرجيم.
لكن المفارقة، ان غالبية المُتحَرش بهن من المحجبات بل والكثيرات من المنقبات!!
و هنا يلحُّ السؤال: لماذا لا يستأسد هؤلاء المتحرشون سوي علي بنات جلدتهم، في حين يصيرون كالنعام امام بنات الغرب(الكافر) حتي و ان كن يرتدين البكيني؟!
الاجابة ببساطة تتمثل في امرين، الاول هو ان هؤلاء المتحرشون، ترتعد فرائصهم خوفا من مقصلة قانون الغرب (الكافر) الذي يحمي و يضمن كرامة ابنائه حتي ولو في اقاصي الارض،
اما الامر الثاني يتمثل في تلك الثقافة العربية التي افقدت المرأة انسانيتها وجعلت منها شيئا مُسخرا لتلبية احتياجات الرجل كافة، فهي آلة تنظيف وغسيل وكي ودمية للتسلية واللهو والمتعة ومزرعة لتفريخ الاطفال ...
ليس مطلوبا من مالك هذا الشيء، عفوا! الرجل سوي ان يُطعمها ويحجبها عن الاخرين حتي يتمتع بكافة حقوق الملكية، هكذا يري المجتمع العربي في أغلبه المرأة، انها حقا ردة حضارية!
بالفعل هي كذلك، ولا ندرك حقيقة الامر الا اذا تأملنا كيف كانت تُعامل المرأة في الحضارات الشرقية القديمة، كيف كان يُنظر لها نظرة تقدير واجلال مكنتّها من تبوأ اعلي المناصب لتكون قاضية وملكة، بل وقدست الانثي لتصير ضمن اقدس المعبودات، هذا المكون الثقافي جعل المجتمع القديم (المتحضر) يتقبل وجود المرأة جنبا الي جنب مع الرجل في كل مجالات الحياة و حفظ لها حقها في الترفيه وممارسة الالعاب المختلفة، وحفظ لها حقها حتي في التزيّن، فعلي سبيل المثال، كانت المراة في الحضارة المصرية القديمة مثالا للأناقة والرشاقة والجمال، كل هذة الامور ليست من التفاهة ان نتحدث عنها، انما هي مظاهر بسيطة للحياة اليومية تعكس مدلولا عميقا مفاده حصول المرأة في الحضارات القديمة علي كامل حقوقها في العيش كأنسان دون التعدي علي حريتها الشخصية ودون انتهاك حرمة جسدها، معلومة اخيرة تؤكدها المصادر الاثرية و التاريخية لمن لا يعلم: الانثي قديما كانت لا تُختّن، فهل لكي تنال المرأة العربية اليوم مثل هذة المكانة علينا ان نقتدي بتلك الحضارات القديمة و نعود لعبادة الانثي؟!