النساء في ظل الدكتاتورية الذكورية



عبدالله خليفة
2014 / 8 / 2


الديمقراطيات في الشرق العربي الإسلامي تُعلن على عجل، وهي نتاج ظروف سياسية طارئة غالباً، وليستْ نتاج تطورات حضارية طويلة، وتُرفع فيها الشعارات البراقة والوعودُ بتحولات مستحيلة!
النخب الذكورية المنتمية الى القوى الاجتماعية المحافظة هي التي ترتفع وتسود، وبين هذه النُخب وبين النساء عداوة طويلة عميقة!
هذه النخب المحافظة الدينية أقلية ضئيلة في المجتمع ومع هذا تقف ضد النساء نصف المجتمع؟ فكيف تكون هنا ديمقراطية؟!
إذا كنتَ سوفَ تقفُ ضد أمك وأختك وزوجتك فكيف سوف تحقق حقوقَ من لا تعرفهم؟!
الدول تقول للنساء هذه هي فرصتكن للتعبير عن أنفسكن والإدلاء بأصواتكن!
كلامٌ سياسي مجردٌ يُطلقُ في الفضاء الفارغ السياسي!
كيف يمكن ذلك أيها المشرّع الحكيم؟! النساء خلال قرون حبسن في البيوت، وكرسن للولادات الكثيرة، وبين كل حمل وحمل أمراضٌ وتعب مرهق وانفصال عن المجتمع وتغذية للمواليد وتربية لهم، واهتمام بأعباء البيت وخاصة الطبخ وإدارة شئون البيت، والزواج فيه طلاق وإنفصال ونفقة تافهة وعيال ومدارة شؤون الزوج ومدى إنتمائه الى بيته ولعياله، أو هو أناني صاحب لهو وخروج دائم، أم هو مضح مهتم؟!
أنظر كيف ضعف اقتصاد بلدنا بحبس النساء وعدم اشتغالهن في الصناعة والسياحة وهما الميدانان الرئيسيان للعيش؟
والنساء موجهات الى الانفصال عن السياسة والثقافة والإنتاج، مكرسات للداخل البيتي، يفضل أن يكن أميات، وليتفرغ أغلبية الرجال لشؤونهم الخارجية وكلما تخلفت الوحدة الاجتماعية ازداد ضعف النساء!
وبعد هذا تأتي وتقول إن هناك مساواةً بين النساء والرجال في الانتخابات والفرص متاحة للجميع!
وحتى في هذه الفرص المتاحة للجميع والمساواة المجردة الشكلية، تشكلتْ الجماعات السياسية على هيمنة ذكورية ولا يقوم الساسةُ الأعضاء بجلب نسائهم أو بناتهم لهذه التجمعات، ولا يقومون بتعريفهم على هذه الفاعليات، وإذا حدث أن جُلبن للفاعليات الاجتماعية انفصلت النساء عن الذكور، وعدن الى عدم الاختلاط وعدم معرفة ما يجري في المجتمع والصمت وتلقي الأوامر!
الرعب من الاختلاط ليس مسألة شيخ محافظ يفتي بمنعهِ وقتل من يدعو إليه، بل هي مسألةُ خوفٍ ذكوري عام، ودكتاتورية ذكورية لا تطور النساء في البيوت ولا تتحمل الأعباء المنزلية سواءً بسواء مع النساء، وتحرض الأولاد على أخواتهن، وتراقب ما يقرأن واتصالاتهن وتقطع ألسنتهن فكيف بعد ذلك يستطعن أن يشكلن أصواتا سياسية تتفجر بين الجمهور العام؟
والأخطر من كونهِ تخلفاً اجتماعياً هو تخلف سياسي بالدرجة الأولى، وهو تركٌ للأمم الأخرى تغزونا في عقرِ دارنا، وتلتهمُ الوظائفَ من رجالنا ونسائنا، وتخطفُ المصيرَ من أمتنِا، لتغدو هذه الأمم الآسيوية سيدةَ بلداننا، وملتهمة الأعمال وحتى مواقف السيارات منا، بعد أن التهمت الأممُ الغربية ثرواتَنا، وما عادت السيطرة علينا مجزية، ثمينة لها، فتتركنا لهذه الأممِ التابعةِ بدرجةٍ ثانية أو ثالثة، توجهنا وتتحكم في ما بقي من ثرواتنا!