سندريللا وتكريس العبودية النسوية



عدوية السوالمة
2014 / 8 / 5

سندريللا و تكريس العبودية النسوية
د. عدوية السوالمة
في بحثنا عن الاسباب العميقة المبطنة لاعاقة انتقال المرأة لمواقع حياتية متقدمة بطريقة ثورية نجد أنه من الاهمية بمكان مراجعة المحتوى الفكري المشكل لصورة المرأة . ومحاولة غرس رؤى جديدة لهذه الصورة , تبدأ مع بدايات التنشئة الاجتماعية للاناث الاطفال . بحيث تمهد لانطلاقة نابعة من انهيار فكرة انا امرأة ¸ وتبدأ بفكرة أعمق تسائلها في مدى قدرتها على البناء ومدى سعة امكاناتها , وقدراتها بعيدا عن التصورات العجيبة المرسومة كمفاهيم ذات متوقعة لها وعن الطقوس الغرائبية في استنساخ دور الجدات الاوائل تغذيه بفرح حكايات الفتاة المسكينة المضطهدة ,المظلومة , المنتظرة لفارسها على حصانه الابيض .هو المخلص من بؤسها الرافع الظلم عن سندريلته المسكينة , أو سيد القلعة مانح المكافآت للزوجة أو الابنة المطيعة المتفانية -مع ملاحظة ان كاتبيها ذكور وبالتالي هي احلامهم الارتغابية - .
اذا كانت الشخصية مؤطرة بتفاعلها بالعامل الثقافي –اضافة طبعا للعامل الوراثي – هذا الامر يشيع فينا تفاؤلا بامكانية رسم ملامح جديدة تصيغها المرأة ذاتها بعد فهم اشكاليات الصورة المعيقة لممارسة دور حقيقي .دور لاتنتظر فيه أن يكون هبة وظلا لرجل كمانح للادوار المهنية والحياتية , سيد القلعة والفارس ذو الحصان الابيض .صورة تؤمن بأهمية تقدير واحترام الذات . فاذا كان هذا المفهوم مرتبط بدرجة بلوغ الفرد للمعايير والاهداف الشخصية , وتصنيف انجازه بأنه منخفض او مرتفع من الاهل والاقران فهذا يوحي بأهمية مراجعة المعايير والمحكات المجتمعية الموضوعة لتقييم اداء النساء واستبداله بمعايير ترفع من توقعاتنا من المرأة بدل مكافأة سلبيتها وتبرير انجازها المنخفض بكونها امرأة , وملء رأسها بقصص سندريللا واخواتها , واستبدالها بقصص تحرض على حل المشكلات والاعتماد على الذات , والثقة بالنفس , والكف عن النظر الى الرجل على انه صيد لتحقيق رغباتها وانتظاراتها من الحياة . مسلحة برؤية مفادها لاضرورة للمحاولة, وبحتمية الفشل المسبق وبصعوبة الاهداف , بانتظار المنقذ على علاته او باللجوء لطرق تحط من كرامتها الانسانية ,ورؤيته بمنظار آخرجديد يوازي قدراتها بقدراته رؤية لها علاقة بكونه شريك حياة وشريك بناء حضارة وليس مشروعا لتحقيق الاحلام .
أعتقد هنا أنه لابد من الانتباه إلى أهمية الصياغات الفكرية الجديدة المقدمة للاطفال الذكور والاناث , لتؤلف ثوريتها كبديل عن الصياغات القديمة . وتحليل محتواها لضمان الانسجام مع التبدلات الثقافية بعيدا عن كل ما يمكن ان يؤدي الى التجزيء الفكري من خلال صياغات ترفد النموذج الايجابي المطروح في العصر المعلوماتي , وتحسم الصراع القيمي الناجم عن التبدلات الحادة التي لم تستطع ثقافتنا مواكبتها , وطرح صياغات توليفية آمنة غير مهددة لشخصية الانسان العربي التابعة في مبناها أصلا . صياغات تدرس نفسيا وتقدم على انها مطمئنة يمكن الوثوق في تبنيها لكونها متوافق عليها اجتماعيا . متوافق عليها لأنه لاطروحات جاهزة تتناسب مع نمطية تفكيرنا طروحات يجب ان تكون وضعت في مرحلة التنبؤ بمسارات التغيير .على كل حال ,لابد من التأكيد على أهمية دراسة شكل الصورة النسائية المتبناة كصياغة فكرية ثورية ليدعمها أدب الاطفال لتبقى مرجع ذاكروي جاهز يتناولها الراشد ببساطة ككل الخبرات الطفولية ذات الطابع المطمئن بعيدا عن صراع المسائلة حول مدى قبولها اجتماعيا .