المرأة في السعودية مزقت رداء وقيد التخلف !



عبدالله مطلق القحطاني
2014 / 8 / 11

قبل عقود أربعة كانت أمي الحبيبة الحنونة رحمها الله تعمل وتقود السيارة بل وجدتي كانت تقود صهريج الماء الكبير لتروي عطش غنمها وكانت تسكن البدو أي الصحراء بجوار مدينة حائل قبل أن يستقروا بأرض ويصلحوها وقطعا زمن جدتي قبل وقت أمي بسنوات طوال!
أمي من بيئة بدوية لكنها من قبيلة شمر وطبعا مضاربهم الشمال حائل حتى حوران في سوريا الحبيبة مرورا بالأردن وتحديدا السلط تلك مضاربهم وتنقلاتهم حسب الماء والخضرة لرعي الأغنام والجمال!
أمي بعد إستقرارها مع عائلتها بالحضر عملت وكسرت عادات التخلف والرجعية وضربت بنظرة المجتمع الدونية للمرأة عرض الحائط وقبل عقود وكانت تسافر لدولة مجاورة لتجلب البضاعة اللازمة لمحلها التجاري الذي أسسته وكانت تعمل به بكل جد واجتهاد وكانت تقود السيارة لكن في بيئة منفتحة وهي بيئة الشمال حيث كان يقطن تلك المنطقة خليط من قبائل الشمال بالإضافة لجاليات عربية من العراق والأردن وسوريا ولم تكن العمالة الآسيوية موجودة أصلا بل العرب فقط حيث روح العروبة والقومية الواحدة سائدة مع تعدد الجنسيات ولم يظهر بعد مبدأ الولاء والبراء في الشمال والفكر المتشدد ليس له ذكر يذكر بل تسامح وتعايش وإنسجام وكانت النساء يعملن كوالدتي تماما ولم يكن عصر الحريم المتخلف والعباءة السوداء متفشية إلا بين من جاء من القصيم ليعمل ببترومين رفحاء أو يعمل بالقضاء والتدريس من هنا غزانا الفكر المتطرف وبدأت جذور وبذور التشدد وتعالي وتيرة النظرة الدونية للمرأة وساد مجتمعنا التخلف من جديد!
فتحوا فرعا لهيئة الأمر بالمعروف فبدأت معاناة المرأة العاملة مع بعض الأوغاد بهذا الجهاز الذي اشتهر عنه في تلك الفترة توظيفه التائبين وأرباب السوابق النادمين حسب زعمهم!
رجعت البيئة لعصر التخلف والتشدد وكثر التزمت وكثرت المعضلات المفتعلة أمام عمل المرأة ثم حدثت واقعة الحرم المكي الإرهابية والتي تذرعت بالدين وبعد القضاء على أربابها عصفت بالمجتمع موجة من التدين الرسمي المصطنع وبدأت مرحلة جديدة سوداء استمرت لثلاثة عقود حيث التشدد وكأن الجميع ينافق بعضه البعض وقمعت المرأة قمعا باسم الدين لم يسبق مثله حتى في بيئة ابن عبدالوهاب ولعل مرد ذلك حادثة الحرم إياها!
لكن وقبل سنوات بدأ الحال يتغير قليلا وبدأت المرأة تعود تدريجا وبخطوات بطيئة صحيح لكن بثقة للتحرر والعمل وكسر قيود وأغلال العادات والتقاليد المتخلفة لكن لن يتأتى حصولها على كافة حقوقها إلا بشرط واحد: ألا يحشرها بعض الساسة المتخلفين بلعبة المعركة المصطنعة بين إسلاميين وليبراليين!!
المرأة ليست سلعة تتخاطفها أيادي بعض الأوغاد لتحقيق مكاسب ومنافع!
المرأة أرفع مقاما وأعلى شأنا من مناكفات الساسة والأوغاد والإسلاميين .