تحية للنساء المعتصمات في ساحة الفردوس



فهد ناصر
2005 / 8 / 11

رغم الاوضاع السياسية والامنية الخطيرة التي يمر بها العراق الان وتزايد معدلات العنف والعمليات الارهابية وأنهيار مستوى الخدمات الاساسية العامة،رغم الصراعات السياسية الحادة ما بين القوى المختلفة من أجل رسم مستقيل العراق وتحديد شكل الدولة العراقية وطبيعة النظام السياسي فيها ،أذ تسعى هذه القوى لوضع بصماتها الحزبية او القومية والطائفية كعلامة فارقة ،رغم كل هذا الا ان مسالة حقوق وحريات المراة العراقية والمخاطر التي تتهددها بفعل السعي لفرض الشريعة الاسلامية والحد من الحقوق البسيطة التي تتمتع بها سواء من خلال تثبيت احكام الشريعة في الدستور القادم او في العراق الذي يراد له ان يعرف كدولة أسلامية، قد أصبحت قضية هامة ومصيرية على الصعيد السياسي والاجتماعي والاعلامي،لا تخص المرأة او المنظمات النسوية فقط،بل الكثير من القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني او المنظمات الجماهيرية المختلفة وكذلك لفئات وشرائح اجتماعية اخرى يعنيها ان تحصل المرأة العراقية على حقوقها وحرياتها المغيبة والمستلبة بفعل الدكتاتورية السابقة او بفعل الموروثات الاجتماعية والعشائرية البالية والمتناقضة مع متطلبات الانسان المعاصر.
الاستنتاج الاولي لكل الاحتجاجات وأشكال الرفض التي واجهت وتواجه مساعي فرض الشريعة الاسلامية،أن في العراق قوى بشرية كبيرة وهائلة جدا تجد ان الادعاء بتحرر المجتمع والديمقراطية وحقوق الانسان سيكون زائفا ومخادعا ما لم يكن مقرونا بتحرر المرأة وأقرار مساواتها التامة مع الرجل وفي كافة المجالات وفي نفس الوقت فأن الرفض والاستهجان الذي يواجهه دستور قروسطي يكرس الصراعات القومية والطائفية يشكل صفعة قوية لكل من يدعي بأن الشريعة الاسلامية ضمانة لحقوق وحريات المرأة وصرخة بوجه كل من يدعي بأسلامية المجتمع العراقي حد التسابق لتعريف الدولة العراقية كدولة أسلامية وان بناء الدولة المعاصرة في العراق،دولة الحريات والحقوق والقانون، كما يدعون، لايمكن ان يتم في ظل فرض الشريعة او اقامة دولة أسلامية.
تخوض نساء العراق الان مواجهة شرسة ومصيرية ضد الرجعية السياسية والدينية وضد القوى الطامحة الى تغييب المرأة العراقية وأستلاب حقوقها وتحجيم مكانتها ودورها في الفعالية والنشاط السياسي والاجتماعي وحشرها في المكانة الدونية التي يريدها دعاة فرض الشريعة او احترام القيم العشائرية والطائفية.
ثمة رسالة كبيرة وهامة جدا تلك التي توجهها النساء المعتصمات الان في ساحة الفردوس ببغداد موجهة لكل القوى السياسية ولكل دعاة التحرر والمساواة من اجل رفض كل القوانين التي تستلب أرادة المرأة وأنسانيتها ورفض كل المعايير والقيم العشائرية والقبلية التي تجعل من المرأة أنسان منحط وفاقد القيمة وعرضة لكل أشكال الانتهاكات والقتل بذرائع مختلفة.الاعتصام مطالبة صريحة وواضحة بالمساواة التامة،السياسية والحقوقية والاجتماعية والثقافية...الخ مع الرجل.النساء المعتصمات الان وبقدر ما يوجهن رسالة شديدة الوضوح لكل القوى المتصارعة من اجل مصالحها الحزبية او مصالح القوميات والطوائف التي تدعي تمثيلها،مفادها ان المرأة العراقية حاضرة لقلب توازنات القوى وحاضرة للتحول الى قوة سياسية وأجتماعية كبيرة وأكثر أنسانية ووضوحا من قوى تمارس المساومات والتلاعب بمصير ومستقبل ملايين البشر والتحايل والخداع كوسيلة لتحقيق غاياتها ومصالحها الحزبية.
هي دعوة لكل القوى المدافعة عن حقوق وحريات المراة في العراق،دعوة لكل القوى المطالبة بالمساواة ما بين المراة والرجل،دعوة لكل الفئات والشرائح الاجتماعية والطبقية للوقوف مع مطالب النساء المعتصمات في ساحة الفردوس وحماية المطالب التحررية والانسانية المرفوعة من قبلهن،حماية النساء المعتصمات من الهجمات والاعتداءات الوحشية لنساء ومنظمات الاحزاب الاسلامية الطائفية،النساء المتشحات بالسواد من قمة الرأس وحتى أخمص القدمين،ربما لاعلان المظلومية التي لايعرف احد متى ستنتهي او للتذكير بدور عصابات الامر بالمعروف والنهي عن المنكرغير انها هذه المرة مشكلة من النساء وليس الرجال.
تحية للنساء المعتصمات في ساحة الفردوس