داعش والمرأة المومياء



حيدر حسين سويري
2014 / 8 / 24

" داعش والمرأة المومياء "
**********************
بقلم الكاتب : حيدر حسين سويري

عندما خلق الله الطبيعة، جعلها ازواجاً، اثنين اثنين، حيث جاء في القرآن (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الرعد : 3])، يعني وجود الشئ وشريكه المكمل له، ووجدنا ذلك ظاهراً في العلوم الطبيعية، ففي الرياضيات مثلاً لبرهنة نظرية ما، نذهب لبرهنة نقيضها (المعكوس)، وهكذا في البايلوجيا والكيمياء والفيزياء وبقية العلوم الاخرى، فأنت ان وجدت شيئاً فما عليك الى البحث عن نصفه الاخر، لبعث الحياة فيه ...
من ذلك جعلت المرأة المكمل للرجل، والعكس صحيح ايضاً، فلم يستطع الرجل ولم تبعث فيه الحياة الى مع المرأة ومنها ...
كذلك عندما اشار الله، الى مسألة جعل الازواج في مكونات الطبيعة، بَيّن تفرده بالوحدانية ونفي الشريك، وذلك لسبب ظاهر وواضح (َما اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) سورة المؤمنون)، يتضح ان هذه الازواج من غير الممكن ان تستمر على وتيرة واحدة (لعلا بعضهم على بعض)، ومن ذلك حصل الصراع والتنافس والحركة، فكان سببا في تطور الانسان وظهور الحضارة .....
ولكن الله والانسان النقي، لم يرد من قول (لعلا بعضهم على بعض)، علو الاستعباد ولا التحكم بمصير الاخرين، والعيش تحت ظل قانون الغاب، انما اراد التطور الذاتي والخارجي .....
من هذا، عندما وجد الرجل بطبيعته الجسمانية القوية، وامكانياته الجسدية المختلفة، و(علا) على المرأة، فهذا لا يعني انه علا عليها لأن ذلك استحقاقا له، ونقصاً فيها ...
إن هذا المفهوم (احتقار المرأة) مفهوم خاطئ ولا نجده الا في المجتمعات المتخلفة . وخصوصاً بعد ان بدأت المرأة بأخذ دورها الحقيقي، وأنها نصف المجتمع ، ظهرت لنا " داعش " لتعيدنا الى الماضي السحيق، ولتجعل من المرأة (مومياء!)، أي جسداً بالياً بلا روح، وتتعامل معها على انها سلعة بيد الرجل، يقضي من خلالها حاجته !! ...
إن فعل داعش معنا ونسائنا اليوم، هو فعل فرعون مع بني اسرائيل ونسائهم قبل موسى (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ [البقرة : 49])، وأما الأن فعاد الحال ولكن بالعكس، حيث تفعل بنا بني اسرائيل ما فعله فرعون معها!، عن طريق داعش، فلعل الله يبعث فينا موسى أخر، كما بعث فيهم سابقاً، لينقذنا مما نحن فيه .....