يوميات أنثوية ..(رحلة تحرش)



امال طعمه
2014 / 9 / 8

يوم جديد..ورحلة جديدة الى الجامعة ..الرحلة اليومية
الإنتظار بموقف الباصات..وتحمل تلك النظرات من كل شخص يمر..من كل كائن يسمى رجل..حتى الأولاد، أولاد المدارس ..هؤلاء المراهقين..أصبحوا يطيلون النظر ويبحلقون.
ترى هل الكونترول اليوم هو نفسه ؟ ..تبع امبارح اللي قرفني عيشتي بنظراته الوسخة..
ثم فكرت: يعني غيره احسن؟!
تهافت الجميع لركوب الباص..الرجال سبقوا الفتيات...وكان يجب علي أن (أدافش) رغم وجود كل هؤلاء الرجال حولي لأركب بالباص حتى لا اتأخر على موعد المحاضرة الصباحية..ويطرني الدكتور ..ماهو نكد!
لماذا هي المحاضرات الصباحية؟ أليس من المفروض تأخيرها قليلا حتى يتسنى للجميع الحضور بالوقت المناسب ؟ألا يعرفون أن هناك أزمة في الصباح؟!
العامل.. الموظف.. الفاضي أشغال.. والطالب، كلهم وكلهن! ...يجتمعون صباحا لركوب ذلك الباص الصغير..
سمعت إحدى السيدات ..وهي تقول الله يقطعكن ..كيف بداحشن مع الشباب؟؟
اه لو كانت تعرف؟ كم كرهتهم أصلا؟
جاء مقعدي بجانب رجل أربعيني أصلع ..كرشه منفوخ أمامه مترين!..
ويظن نفسه ربما دون جوان زمانه..
لم أكن قادرة على الجلوس براحتي بذلك المقعد فهذا الرجل يحتل مقعده وجزء من مقعدي كان علي أن( اشد ع حالي )وأتجنب ملامسته طوال الطريق..ويبدو كان يتعمد أن يزيح بنفسه تجاهي لعله يلمس شيئا مني.. كان متزوجا فهو يضع خاتما فضيا في يده الشمال،ألا تكفيه زوجته ..ليحاول تلمس فتاة تكاد تكون من عمر بناته؟
لن أقول شيئا له ..لن افتعل مشكلة كل يوم بالباص ..يكفي ما حصل البارحة مع ذلك الكونترول الوسخ..

انتهت الرحلة الصباحية..
نظرت الى ساعتي..اه لقد تأخرت..
شو بدو يسمعنا اليوم الدكتور؟ هكذا قالت زميلتي في المحاضرة عند الباب فهي أيضا جاءت متأخرة!هي وأخرين .

دخلنا ..نظر الأستاذ الى ساعته..وأومأ لنا بالدخول..
- اللي بـتأخر بعد هيك ما يورجيني وشه!
لم أدر عماذا كان يتكلم بعدها..فقد غفوت وعيني مفتوحتين!.
قررنا أنا وصديقاتي الذهاب الى أحد المحال القريبة لاحتساء قهوة وبعض الحلويات..كان لدينا وقت فراغ أكثر هذا اليوم ..فالدكتور اعتذر عن المحاضرة..لذا لدينا وقت فائض عن الحاجة! وما أكثر ذلك الوقت لدينا!
مشينا أنا وصديقاتي..وتبعنا بعض الشباب بعد أن تعدينا سور الجامعة..لم نكترث لهم..لكنهم حاولوا التحرش بنا..كلمة من هون وهناك..نظرات..وأحدهم حاول أن يلتصق بي تقريبا..
احدى صديقاتي ..صرخت عليهم..وهددتهم بالشرطة
رد أحدهم ..يعني انتو هسا بدكن تقنعني انكن مش مصاحبات بالجامعة..ولا انتن بس قاعدات بتتكبروا علينا؟!..
مشينا في طريقنا ولم نعرهم اهتمام...
غضبت صديقتي وقالت:
- الواحدة مش عارفة تمشي بالشارع..وكأنها شي غريب من كون أخر..
لتجبها احداهن وتقول:شو بتتوقعي من شباب يمكن ما خلصوا توجيهي(ثانوية عامة)..هاي ثقافتهم..ابصر من أني قرية جايين؟!
وكان الحوار بيننا..
- يعني اللي متعلمين أحسن ..ماحنا شايفينهم..كيف بنظراتهم بفصلوا الواحدة تفصيل!
- بتفرق بين المتعود على هادا الجو وبين واحد جاي ابصر من وين...
وانتهى حديثنا عنهم ..عند دخولنا المقهى.

يوم جديد أخر..ورحلة صباحية أخرى..مع تلك الأشياء الروتينية من النظرات والبحلقات..واللمسات أحيانا
خطر ببالي حديثنا بالأمس أنا وصديقاتي..هل هنالك فرق بين الرجال؟!

تأخير مرة أخرى..ولليوم الثاني على التوالي..
احترت هل أطرق باب المحاضرة..أم لا أحضرها وخلص؟
استجمعت قواي وطرقت الباب ودخلت..
تطلع الي الدكتور بغضب..احنا مش حكينا مافيش تأخير..
حاولت التبرير ..وأخبرته عن أزمة المواصلات..
لكنه قاطعني ..وأذن لي بالجلوس!
عند انتهاء المحاضرة لم يخرج الأستاذ مباشرة ..انتظر على غير عادته..كنت أجلس في الخلف..ومر أمامي العديد من الطلبة حتى جاء دوري بالخروج ولكنه استوقفني ..الأستاذ ليخبرني بأن علي أذهب الى مكتبه.
وخرج وأنا في حيرة من أمري..وقفت لبرهة من الزمن مذهولة!.
ذهبت الى حمام الفتيات..ودخنت سيجارة..ممنوع البنت أن تدخن أمام الشباب ..كانت الدخان يملأ المكان
تطلعت الى نفسي بالمرآة..عدلت خصلات شعري..ووضعت بعضا من مطري الشفايف..
كانت زميلتي خلفي ..تعدل حجابها..
- اف خنقتنا الريحة..يعني انتن اللي بدخنن ليش مادخنن قدام الناس؟
واستغربت نفسي أن اجبتها : يعني انتي اللي بتفردي شعرك هون ..ليش ماتفرديه بره؟
- هسا هاي زي هاي؟
- كله بالهوا سوى
- اه يا عمي والله صايرلك اللسان ..وشكلوا صبغة شعرك الشقرا عملت مفعولها مع الدكتور المصدي؟
اولا هاد لون شعر طبيعي..ثانيا سكري ثمك..
- شكلك زعلت بمزح معك.


دخلت الى مكتب الأستاذ ..لم يعجبه أني أتيت وقد كان لديه ضيفا ..أومأ الي بالإنتظار خارجا
- خمس دقايق بس.
غادر الضيف ومر من جانبي وقد افترسني بنظراته..ياه هل أنا أتخيل الناس وحوشا أم هم كذلك فعلا؟!.
دخلت مرة أخرى الى المكتب اومأ الي بالجلوس ..جلست وأنا محتارة ما الذي يريده مني ؟
بدأ بالحديث عن المادة وعن علاماتي فيها..
تفاجئت أنه يحفظ اسمي..رغم أني لست من الطالبات النشيطات في المحاضرة!
ويادوب حصلت علامة النجاح بالفيرست!
ثم بدأ يسألني عن سبب التأخير المتكرر؟؟
فشرحت له أسبابي...
مبين عليك بنت منفتحة ..ومش معقدة!
ابتسمت ولم أفهم معنى لكلامه إلا عندما أصبحت نظراته أكثر حدة واكثر افتراسا!
وبعدها اقترح أن أخرج معه بعد الجامعة..ملمحا الى المزايا التي سيعطيني إياها..فالإمتحان الثاني على الأبواب.. وأنا كما هو قال ..يبعت الله!

أعطاني رقم هاتفه..كنت سأثور في وجهه..وكنت سأمزق الكرت الذي أعطاني اياه..ولكني تراجعت .. إن فعلت ذلك ربما سأرسب بمادته...ومعدلي في الحضيض ويجب علي رفعه..فهل أذهب معه اذن!
لم أقل له شيئا ..تظاهرت بالسذاجة ..بدوت أني مصدومة ..لذا لم يلح علي بالسؤال!
كيف أثبت أنه حاول ابتزازي!! ستضيع علي المادة هباء...

كان الأستاذ يخطو أول خطوة في طريق الخمسينات، متزوج وله أبناء تقارب أعمارهم من عمرها.
ولكن الخطوط البيضاء التي تظهر في رأسه أحيانا ويحاول أن يداريها بالصبغة السوداء وتلك التجاعيد حول عينيه وعلى جبينه لم تحل بينه وبين رغبته بمصادقة فتاة صغيرة..
كان في داخله يقول..أراهم من حولي كلهم يفعلون ذلك، لماذا لا أكون مثلهم أنا أيضا!
بيئة وسخة..

عندما دخلت غرفة نومها ..ذلك المساء، أقفلت الباب وبدأت بالبكاء ونامت وهي لا تعرف ماذا ستفعل؟
كانت تظن نفسها قوية ولكنها استنتجت أخيرا كم هي ضعيفة وكم ضعفاء هم من حولها أيضا..
في الباص ..شرد تفكيرها ولم تسمع حتى الكونترول إياه وهو يطالبها بالأجرة ..فكرت بالدكتور ..وتذكرت شبان الأمس ..الجاهلين على رأي صاحبتها..ما الفرق بينهم وبين هذا الدكتور..إن كانوا حقا جاهلين أو كان هو حقا قد تعلم!

ذهبت بطريقها الى المحاضرة..لم تكن متأخرة..استيقظت باكرا هذا الصباح..ولحقت أول باص..
دخلت الى المحاضرة..جلست بالمقعد الأمامي..أتى الأستاذ ..ابتسم شبه ابتسامة حين رأها، لكنه وجهه تجهم بعدها..فقد عرف قرارها!