امهات لا صوت لهن



عبله عبدالرحمن
2014 / 9 / 13

عبله عبدالرحمن

يحيا بحزنه منتظرا يوم الخلاص الذي لا يأتي حتى بات يستيقظ يوميا على كابوس فظيع، يواصل الليل بالنهار في قلق مستمر وحزن لا ينتهي.
مقتول بوجعه وحزنه وحيرته وهو لا يملك السبيل ليرتاح من هذا الالم الذي يلازمه كظله.
لا يدري كيف يستعيد لنفسه مساحة صغيرة من الامان حتى يستطيع ممارسة حياته الطبيعية مع اولاده وزوجته.
غياب والدته يكاد يفقده صوابه حتى بات يدخل في دوامة الكآبة.
قال لي وهو يغالب دموعه وجعا وقد بلغ من العمر عتيا بأنه بات مستعمرا بفكرة وفاة والدته الطاعنة بالسن والتي حتما تحتاج الى رعايته اكثر من أي وقت مضى وهو بعيد عنها ولا يستطيع ان يعود لها ولا يستطيع ان يأتي بها اليه وقد اصبحت بينهما حدود دول.
يدرك جيدا ان حل عودة شقيقته مع والدته حين رفض طلب اللجوء لوالدته لم يكن حلا يرضى به الا من باب ان احلاهما مرّ حين ترك شقيقته ترافق والدته وتترك ابناءها في عهدته حتى يأتي نصر الله.
الانتماء الى فلسطين كوطن لم يكن الا قيد مسنون جربه اكثر حين فارق امه قسرا على فاصل امني، اذ يكتشف على غفلة منه ان والدته الفلسطينية لا يمكن لها ان ترافقه وهو السوري الى بلاد اللجوء حين غادر وطنه سوريا قسرا وخوفا من الة الحرب.
انا لم اتعاطى السياسة يوما لكنني امام ضعف هذا الرجل وحيرته وبكائه ووجعه الذي لا يستطيع ان يخفيه عن احد. شعرت بأنه يحتاج لمن يساند حقه بالحياة.
مجرد ايمان مني بالحب والحياة وحق الانسان بالوجود. ليس هناك ما هو اصعب من ان تنفصل ام عن اولادها فكيف لو كانت هذه الام قد بلغت من العمر عتيا وتحتاج الى رعاية ابناءها صحيا وماديا ومعنويا.
هي رغبة وفزعة من اجل المستضعفين امام الة القوة والوساطة والمحسوبية. كما هي رغبة بان يعم الدفئ بيت اللجوء.
هي دعوة نلم فيها شمل اسر تحتاج الى اركان قوية من غير وجع، واشفاقا على تلك الام التي تحتاج ابناءها اكثر مما يحتاجونها هم وهي الضعيفة، وما اكثرها تلك الحالات التي تحتاج من القائمين على تنفيذها النظر اليها بعين الرأفة. نكتب من باب المعجزة وإمكانية الحل انتصارا للإنسانية لا للانتماءات الدولية. على اساس ان الانتماء للأسرة حق لا يموت ولا يغتصب.