مدارات إنسانية



ميلاد سليمان
2014 / 9 / 18

في نقاشٍ جمعني مع صديق يحمل بعض الأفكار التي يراها حداثية ستؤدي لتثوير الواقع، دار الحديث بيننا أولا، حول مفهوم الحب ومدى علاقته بالجنس، فأخبرته عن إمكانية وأهمية الجمع بين كلاهما مع نفس شخص المحبوب، بدلا من أن ينقسم الشعور والتوّجُه بين عشيقين، كل منهما يُشبع جانب معين للأنا، فيكون هناك حبيب يُشبع الشعور والوجدان، وحبيب آخر يُشبع الغريزة الجنسية والحاجات الجسدية، فيتم تنازع الفرد وتمزيقه بين كلاهما. فكان لصديقي رأي مختلف عما صرحت به، فيقول "مش شرط تعمل سكس مع الإنسان اللي بتحبه... لأن السكس احتياج جسدي بحت.. بمعنى... أنت دلوقتي محتاج تأكل... هل لو اشتريت من مطعم معين... صاحب المطعم التاني هيزعل... الفكرة هنا.. إنك شبعت... سواء من المطعم دا أو دا.. صح... وافرض بتحب واحدة مش سامحة لك تعمل سكس معاها... طبعًا هتحترم رغبتها وهتفضل بتحبها.... ولكن هتدور على واحدة تانية تسمح لك تعمل كدا.. ولا إيه!؟"، استغربت من المثال وقلت له "الجنس حاجة أساسية .... ولكنها تحتاج قدر من التواصل مع الشخص الآخر.. ما بين المُرسل والمتلقي...فهذه العملية يكون كلاهما مُرسل ومتلقي... سواء ذكر أو انثى... وليست عملية آلية لتفريغ سوائل... وجرب أن تسأل من هم في علاقة مبنية على التواصل... ومن هم في علاقة قائمة على تفريغ الشحنات... لنرى مدى الإستجابة والراحة التي تكتنف كل منهم قبل وأثناء وبعد الإنتهاء من العلاقة... أما عن موضوع إن حبيبتك لديها تحفظات أو تمنعات.. فلها مطلق الحرية.. فطالما أنت من بادر بالفصل القصري بين الجنس والحب.. وجعل لكل منه مدخله.. لماذا تنتظر منها إثبات العكس... وتدمج بين الإثنين؟!".

سكت صديقي قليلًا، ليفكر في الخروج من هذه الأزمة الإنسانية التي تواجه واقعنا نحن الشباب، فقال "المشكلة في الحب... إنه دائمًا نوع من الإمتلاك.... فالخيانة والغيرة مصطلحات لا معنى لها إلا في سياق ثقافة معينة... فلو حبيبتك متصالحة مع نفسها وعرفت إنك مارست الجنس مع غيرها.. المفروض تفرح لك.. لأنها شايفاك مبسوط وسعيد... وهي لو عملت نفس الشيء.. انت كمان إفرح لها.. وسواء قالت لك أو مقالتش إنها عملت سكس مع غيرك... أنت مالكش حكم عليها أو على جسمها.. الأصل في الحب العلاقات المفتوحة... ومدى التواصل بين الطرفين وكل واحد فيهم ممكن يسيب الثاني في أي وقت طالما مش لاقي سعادته معاه"، استغربت من إتساع الموضوع وكيفية تناوله، ولكن حاولت التماس نقاط للوصول لرأي واضح، فقلت "الحب توجه وتواصل بين طرفين... بالتالي علاقته قائمة على التفاهم الكامل بينهما... سواء اتفقا أن تكون العلاقة مفتوحة أو مغلقة أو جماعية.... ولكن في رأيي الشخصي... مسألة العلاقات المفتوحة سينقصها مقدار الثقة والأمان الذي يفترضه وينتظره كل طرف في الآخر... فما معنى الارتباط والإنسجام الشخصي.. وكل طرف منهما ينام كل يوم في حضن شخص آخر... كذلك السعادة تمر بلحظات صعود وهبوط.. وهناك نوع من التحمل مطلب إنساني بين العشاق... لتجاوز الأزمات.. وليس في أول مشكلة.. اترك حبيبتي لأبحث عمّن تسعدني"..

وهنا شكرني صديقي على هذا النقاش... ووعدني بلقاء آخر لطرح الموضوع من زاوية مختلفة.