تحرير المرأة وتحرير المجانين



اسعد الامارة
2005 / 8 / 17

الحرية هي الا يكون لديك شئ آخر تفقده،ونحن حينما نتحدث عن المرأة خصوصا،نتحدث عن الجانب المظلوم عبرتاريخ البشرية، فهي لم ترى الحرية وهي التي خسرت دائماً،فهي بفضل ضعفها وكثرة عددها هي في الحاضر والامد الطويل،الاقوى والابقى،وان جنس النساء مهما طال صبرهم فأن مآلهم الى الانتفاض والثورة ضد هذا الوضع الظالم الذي يعانون منه لابد ان ينتهي لعدة اسباب اهمها:

- المرأة شريك حقيقي في المجتمع
- شريك اصيل في العلاقة الثنائية
- شريك في المسرات والافراح والاحزان
- الوحيد في تحمل الالم
- الشريك الضعيف مقابل الشريك القوي
- تحمل الجانب الاكبر من المعاناة والالم

اذن لا مجال لأن يبقى الحال عما هو عليه،فالمرأة يجب ان تكون اول من يثور وآخر من يكف عن الثورة، اذ ليس لديها الكثير مما تخسره اليوم ونحن في القرن الواحد والعشرين تعُلمنا المسلمات العلمية ان الحق في ابداء الرأي في قضية تحرير المرأة ليس حقاً طبيعياً يختص به الرجل فحسب،وانما هو يكتسب شرعيته من تفوقها على الرجل الذي يصر على عدم توازن الشراكة فهو مجنون،والشريك في العلاقة الثنائية الاقوى الذي يتسيد المواقف جميعها باصدار القرارات واخضاع الشريك الآخر،هو الآخر مجنون لانه شريك في المسرات والافراح دون غيرها لا يتحمل المعاناة ولا الالم،وهذا المنطق يتناقض مع السلوك السوي،السلوك القائم على اساس ميزان الصحة النفسية ومعاييرها،وهو بنفس الوقت اغفال ما تقتضيه الامانة الانسانية في هذا الموقف تحديداً،اي موقف حقوق المرأة وتحريرها من العبودية.
يعترف معشر الرجال ويقرْ بعضهم ان حق المرأة هو حق شرعي ديني وهو حق حضاري ظفر به الرجال دون النساء بعد ابطال الاعتراف بها غافلين هذه الحقيقة الجوهرية،حقيقة ان المرأة هي الام والزوجة والبنت والاخت وهي الشريك الذي بدونه لن تستقيم الحياة ولن تستمر وبسلوكهم هذا هو اقصاء لبعض احتياجات النفس عن منطقة العاطفة،فتغدو الحياة دونها حياة ممتنعة عن الادراك الانساني،تخيل عزيزي القارئ الكريم وانت ايتها القارئة الفاضلة كيف ستكون حياة المرأة وهي في قبضة الكبت مع الرجل؟ والى متى ستدوم؟
نحن معشر السيكولوجيين نعرف تماماً ان معرفة الانسان بنفسه يقودها منطق العقل،ويقتضينا ان ندرك ان هذا المنطق العادي لا يقوم الا بقبول الليل الذي سيعقبه النهار،وقبول المرض لكي نعرف الصحة،وقبول الحق لكي نبعد الباطل ونعرف الخير لكي نرفض الشر،وهو بنفس الوقت الاعتراف بالانثى كما هو قبول الذكر.
ما يستثير الجميع من العقلاء حقاً ويتطلب من الجميع وصف الحقائق لكل البشر انه لماذا يكون الانسان غير محايد في قضية المرأة وحقوقها وحرياتها؟وان الكثير من الرجال يتنصل من موقفه كأنسان ازاء قضية المرأة وحقوقها جميعاً،واذا استطاع ان يعزل نفسه او ينأى بها عن الكون وما يجري فيه من انتهاك وأوله حقوق المرأة،يتجنب تحمل مسؤوليته عن كل ما يحدث وان كان يتهرب من تلك المسؤولية بتخفيه تارة تحت غطاء معارضة حقوق المرأة مع الشرعية الاسلامية،او مع قيم المجتمع السائدة او المعايير والاعراف الاجتماعية تارة اخرى،واذا ما واجهته المرأة بسلاحها الاعظم الذي منحتها انظمة السماء والارض شرعيتها في الوجود مع الحقوق الاضافية لها كونها الاجدر والابقى والافضل من جميع المخلوقات ابتداءاً من:الجنة تحت اقدام الامهات،مروراً..ب رفقاً بالقوارير،ثم المرأة وعاء مكسور وما الى ذلك من اقوال حينما يطلع عليها الرجل، يجد نفسه الخادم لها دون غيره،فهو لايريد ان يتحول الى خادم لانه لايريد مواجهة حقيقة مسؤوليته ودوره،وهو نفس الشعور الذي يصيب مجنون العقل(مريض العقل)بنى لنفسه قلاع من التكوين الخاطئ في النفس،وظل يسمع صدى هذا البناء فيقاتل في الدفاع عن النفس من اجل هذا البناء،والدفاع عن النفس يعني من الناحية السيكولوجية في مثل هذه الحالة،الاحتفاظ بالبناء الراهن مهما كان فيه من عوج ومهما كلف ذلك من الشقاء للنفس(له وللاخر-المرأة،الزوجة، الام ، البنت ام الاخت)والامر سيان،حتى لنجد بعض الافراد وقد تحصنوا في نوع من القلاع التي لا نفاذ اليها ضد قضية مساواة المرأة بالرجل،وهو لايرضاه العاقل السوي اطلاقاً،لانها يجب ان تأخذ ما يعادل فوق النصف من الحقوق بما لا يزيد واكثر،لان والواجبات الملقاة عليها اكبر مما يستطيع ان يتحمله الرجل ولكن هذه المقاومة التي يبديها الرجال،شبيه بمقاومة مرضى العقول في ابقاء الحالة على ما هي عليها،وهو نذير بالخراب والدمار وهو فتك بالطرف الآخر وبالنفس في آن معاً،لذا لابد لنا ان نتبين السبب الذي يدعو معشر الرجال –المجانين-مرضى العقل-التي تبعث فيهم الشعور بالامان وتزويدهم بالطمأنينة،لايلبث احدهم ان يبكيها في مرحلة تالية وخصوصاً عند وفاة الام او الزوجة او البنت وهي طفلة صغيرة ولكنه اشد بأسا عليهاً وازدراءاً لها وهي زوجة تطالب بشئ من الحق الالهي الذي منحه لها الله،وحجبه عنه المؤمن العابد المتواضع لله،فكيف اذن تستقيم الحياة بمثل هذا التناقض ومهما يكن من امر علينا ان نُعرفْ السواء النفسي عند الانسان بأنه اكتساب عادات وجدانية جديدة تحل محل الانانية البدائية،حينها يصبح الكائن البشري قادراً على ان يهتم بغيره ويخضع رغباته لمطالب الآخر الذي يعد بالاساس شريكه في الحاجات المهمة ومنها الجنس والتقبل وانجاب الابناء والمشاركة في تربيتهم ومنحهم العطف،هذا السلوك رهن بتفهم الرجل السوي-العاقل لحقوق شريكه،وهو الشرط الاول لنجاح الرجل لكي يكون هو نفسه قد تمثل قوانين الحياة في الدنيا وفي الآخرة،اي بمعنى ادق بلغة علم النفس ،بلغ نضجاً سيكولوجياً كافياً والا كان مثل سلوك مريض العقل(المجنون)الذي يحتاج هو الاخر الى حرية وتحرير.