لا..للمساواة بين المــرأة والرجـــل



مصطفى محمد غريب
2005 / 8 / 19

هل من المعقول ان ترفع هذا الشعار امرأة؟
بمناسبة تثبيت حقوق المرأة في الدستور الجديد وعدم التجاوز عليها مثلما كان قرار 137 السيء الصيت والسمعة فقد تضامنت العديد من الاحزاب الوطنية الديمقراطية ومئات الالاف من الرجال مع منح المرأة حقوقها في العراق، وأقول من الرجال لأن النساء اولاً وآخراً يجب ان يدافعن عن انفسهن وحقوقهن المشروعة ويقع على عاتق المنظمات النسوية مسؤولية نشر الوعي السياسي والمطلبي الحقوقي بين النساء كما يجب ان تبذل النساء جهوداً مكثفة من اجل وحدة مطالبهن وكل ما باستطاعتهن لكي ينص الدستور العراقي الجديد على حقوق واضحة لهن دون رش الغبار على بنوده وفقراته التي تخص النساء والذي من الممكن ان يتفنن البعض في ازالتها او التظليل عليها، وأعني بذلك ان لا يفسح المجال لتفسرات واجتهادات تستغل ليتم الالتفاف على تلك الحقوق . ان قيمة التضامن الكبير هو ذلك التضامن الذي أتى ويأتي من الجنس الآخر، من الجنس الذكوري الذي استغل المرأة وداس على حقوقها بذرائع عديدة وحسب المصلحة الذكورية، وعندما يتمخض الوعي الجديد بالتراجع عن الحق الذكوري المطلق ويعترف بسلبيتة ومواقفه السابقة فيمضي في طريق ان تمنح المرأة العراقية حقوقها المشروعة فذلك يعني التطور النوعي في وعي الرجال ومن جهة ثانية تشير ان المعادلة المنحازة للحق الذكوري التي استمرت حقب طويلة في التاريخ بدأت تتلاشى وتضمحل واصبح الوعي الجديد يقر بمساواة المرأة بالرجل فتداعت تلك النظرات والتفسيرات الخاطئة بضعف المرأة التي يجب ان تكون للبيت وهي عورة يستعار منها الرجل.
ومنذ ان سقط النظام الشمولي اصبحت قضية المرأة وحقوقها مطروحة على طاولة الدولة وقوانينها القادمة كأي قضية وطنية اخرى وهي لا تقل اهمية عنها لأن المرأة نصف المجتمع وهو عِرف متداول وان بالكلام لكنه يعني انها ستكمل الواجبات التي تقع على عاتقها اتجاه القضايا المصيرية التي تمر بها البلاد وقضية اخرى هي اعظم من جميع القضايا انتاج الجيل الجديد وتربيته والحفاظ عليه، ولقد تعاطف الكثيرون مع مطالبها العادلة واعتبروها من المهمام الاساسية التي يجب ان ينجزها الدستور والدولة بمؤسساتها المختلفة، لكن الملاحظ هنا ان فريقاً من الذين كانوا يصرخون من اجل المستضعفين في العهد السابق وبضمنهم المرأة بدءوا يتراجعون عن مواقفهم لا بل عن وعودهم السابقة واخذوا يضعون العصي في دورة التقدم لاصلاح الضرر الذي اصاب كل النساء العراقيات وبحجة الدين الاسلامي والالتزام بالعرف الذي يقول لا مساواة بين المرأة والرجل لأنه يشكل خطراً على المفهوم الاسلامي الذي يفلسفونه حسب المصالح بأنها " ناقصة عقل ودين " وهي تكاد ان تكون منهجاً ثابتاً في جميع المفاهيم الحزبية الدينية السياسية الاسلامية في العراق وغيره وهذا يعني ان تكون المرأة بلا حقوق ولا مساواة الا حسب التصرف والفهم الذكوري المتخصص في اغتصاب النساء وحقوقهن المغتصبة اساسا بيافطات الحق الذكوري المتعالي والافضل صحيا وحياتياً.
لقد اعلنت اكثرية النساء العراقيات عن مواقفهن الجريئة تجاه مسودة الدستور لا بل غضبهن لما جاء في هذه المسودة المعاقة التي تنتهج الطريق القديم نفسه، بمفاهيمه وحججه واهدافه لطمس حقوق المرأة ايضاً باسم الدين، وتصاعدت احتاجات النساء ونظمت العديد من الفعاليات تساندها القوى الوطنية والديمقراطية الخيرة من ابناء شعبنا ووصلت هذه الاحتجاجات الى قيام الاعتصام النسوي من قبل المنظمان النسائية ، شبكة نساء العراق، رابطة المرأة العراقية، منظمة نهضة المرأة العراقية، واتحاد نساء الرافدين في ساحة الفردوس بدعم من منظمات المجتمع المدني والنقابات والاتحادات المهنية وفي مقدمتها الطلابية والشبيبية وجمهرة المثقفين الواعين في داخل الوطن وخارجه، وكان الاعتصام مبادرة عن اعلان احتجاجي واضح موجه الى لجنة كتابة الدستور والى كل من رئيس الجمهورية والحكومة العراقية والمجلس الوطني وجميع الكتل السياسية التي تشارك في اجتماعت تذليل العقابات وتقريب وجهات النظر في انجاز الدستور لاقراه وعرضه على الشعب للاستفتاء عليه، ولقد رفع الاعتصام النسوي شعارات وطنية غير معقدة لا تسيء الى احد ولا تثريب عليها من اية جهة الا اللهم الذين في قلوبهم المرض المستعصي المضاد لحقوق المرأة، وهذه الشعارات مقرة قانونياً وانسانياً على المستوى الوطني والعالمي وفي مقدمتها " دستور مدني يجسد القانون والحق والمساواة " ثم " المساواة امام القانون لجميع المواطنين بدون تمييز بين الذكور والنساء" والتمييز هنا يعني في العمل والحقوق المدنية والسياسية وليس الجسدية كي لا يفسره بعض المعادين لهن حسب الاهواء المريضة، وشعار آخر " الالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية التي تضمن حقوق الانسان ومنها حقوق المرأة والطفل "
هذه الشعارات المطلبية الحقوقية والانسانية لا يمكن ان ترفض من عاقل يريد ان يبني العراق ويخلصه من آفات التخلف والفقر والجوع والامراض وفي مقدمتها الارهاب الذي يساوي في قتله بين الجميع، فهل هناك من لا يقبل بهذه المطاليب وينكر حقوق النساء المشروعة؟ نقول نعم يوجد من يقف حجر عثرة امامهن وفي المقدمة، التشدد الاسلامي بجميع مذاهبه والاحزاب الدينية السياسية الاسلامية واكثرية قادتها من الرجال الذين يحلمون باربعة نساء فما فوق وحسب الشهية وقد نقول هذا طبيعي في المفهوم القديم الذي ساد وما يزال عند العديد من الرجال لكن العجيب في الأمر فقد دفع هذه المرة وبشكل جديد العقل الذكوري ان تخرج ثلة من النساء اللواتي لا يستطيع اي متفرس بالجنس ان يميزهن او يفرق بينهن الا السواد المطلق ويندفعن ضد حقوقهن ليطرحن شعار الرجال القديم " لا للمساواة بين المرأة والرجل.. الاسلام خير نصير للمرأة " ويدل هذا الدفع الموجه على ان تلك القوى، المتشددةالاسلامية التي كانت وراء عملية التشويش ما زالت تؤمن باستعمال جميع الاساليب بما فيها القوة لتنفيذ اهدافها وسياستها وهي لا تختلف عن تلك القوى التي عاثت بالحقوق ، كل الحقوق خراباً ودماراً حتى وصل الدمار والخراب لكل العراق واكثرية العراقيين..
فهل من المعقول ان تقف المرأة ضد حقوقها وتريد ان تبقى امعة لا حول ولا قوة لها في تغيير الواقع المتخلف الى شيء حضاري يخدمها ويخدم المجتمع؟ وهل من العقلانية ان تقول المرأة لا اريد هذه الحقوق التي تجعل مني انساناً متساوياً مع الرجل ولا اريد المساواة وليبقى الرجل هو الذي يقرر حتى كيف أموت، فأموت بدون اي وجهة حق ؟
لا نعتقد ذلك وان حدث فذلك يدل على خطورة النهج الذي يجتهد في ايجاد المعوقات لتشويه وعي المرأة وابقائها في ظلام العصور القديمة المتخلفة وجعلها آلة للمتعة وللانتاج البشري والخدمات الذكورية لا صوت لها .
نقول هذا ماحدث من قبل ثلة النساء التي حاولت التشويش على حقوقهن قبل غيرهن وبدفع من خلف الحجاب.. ولكن في الوقت نفسه نقول لن تعود عجلة الزمان القديم لتلبس ثوباً جديدا تحته تتخبأ تلك العقلية القديمة التي ترتعبُ من حقوق المرأة وحقها الطبيعي في المساواة، حقها ان تكون انساناً مستقلاً يحترمه المجتمع الذكوري ويعترف بحقه المشروع.