العراق الجديد: تجارة الرقيق الابيض في العهد الاسود



ياسر سعد
2005 / 8 / 20

نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» في عددها الصادر يوم الثامن عشر من آب تقريرا إخباريا عن التهريب في العراق يكشف عن الاساليب والطرق المستخدمة في التهريب من والى العراق مع ومن خلال دول الجوار. غير أن اكثر المعلومات إيلاما وإثارة لمشاعر الاسى والألم والتي كشفها التقرير تدور حول تهريب النساء والأعضاء البشرية والذي يعد آخر ما توصلت إليه عمليات التهريب حسب التقرير، وقد يستغرب البعض عند سماع معلومة عن عمليات تهريب للنساء أو ما يسمى باللحم الأبيض إلى بعض البلدان، لكن هذا الأمر يحصل حاليا على ارض الواقع ويدار من قبل شبكات غاية في التعقيد، ويصعب التقرب منها حسب تقرير الصحيفة، لكن بعض الأشخاص لديهم بعض المعلومات حصلوا عليها لتماسهم المباشر مع الفرق الغجرية وبيوت الهوى وغيرها، وكان (ر.ع) من بينهم، والذي أوضح في حديثه لـ«لشرق الأوسط» أن فرق الغجر وبعض العاملين في مجالات تجارة الجسد تراجع نشاطها بشكل كبير لمحاربتها من قبل بعض الجهات وانعدام الأمن واضمحلال أعمالهم بعد سقوط النظام حسب ذلك المصدر، مما دفعهم إلى ترك البلد للبحث عن فرص عمل بعيدا عن العراق، ووجدت هذه الفئة ضآلتها في دول عديدة من بينها الأردن وسورية وتركيا ومصر وبعض دول الخليج. وبعد خروج هذه الشريحة من العراق لم يكف المروجون لها، بل طالبوا بالمزيد وهنا بدأت أعمال أخرى بترغيب البنات وإيهامهن بالعمل في دول الخليج والحصول لهن على تأشيرة وعقد عمل أو عن طريق الزواج والسفر بهن إلى هناك ليتم الضغط عليهن في ديار الغربة وأجبارهن على الانصياع لغاياتهم، وهذا ما حدث مع الكثير من الفتيات العراقيات. وأضافت الصحيفة أن احد افراد الشرطة العراقية قد اكد لها هذه الظاهرة ايضا وقال انها قد حصلت بشكل كبير في الفترة الاخيرة، نتيجة للظروف التي يعيشها العراقيون في بلدهم، وان هذه المسألة لا تقتصر على بنات الغجر او بنات الليل، بل انها قد تعدت ذلك الى خريجات الجامعات، اللواتي يبدأن بالبحث عن فرصة عمل، وينتهي الامر بتهريبهن الى احدى الصالات في احدى الدول.
بين الحين والاخر تُنشر التقارير والدراسات الصادرة من مراكز بحثية مختلفة المشأرب والتوجهات, منها من يعمل تحت مظلة الامم المتحدة ومنها من يعمل مع منظمات غير حكومية, كما تظهر تقارير اعلامية تتحدث عن الاحوال والاهوال والتي وصلت أليها الامور في العراق الامريكي الجديد, من نقص حاد في متطلبات الحياة الضرورية لطبقة عريضة من العراقيين من غذاء ودواء وكهرباء وماء الى تسرب اعداد كبيرة من الاطفال العراقيين من المدارس والتي تشكو بدورها من هزالة الامكانات وضعف التجهيزات. وصولا الى تقارير تتحدث عن عائلات عراقية تبيع اولادها لتجار المتعة الحرام من شدة الجوع وقسوة الحرمان. وها هو التقرير الصحفي والذي تمت الاشارة اليه في مقدمة المقال يتحدث عن تهريب الاعضاء البشرية وازدهار تجارة الرقيق الابيض. لم يتحدث التقرير عن مصادر الاعضاء البشرية, هل يتم شراؤها من الفقراء كالكلية والقرنية مثلا ؟ ام يتم سلخها من الاحياء قبل قتلهم؟ كما اشارت تقارير اخبارية سابقة عن جثث مشوهة في الفلوجة تم نزع اعضاء منها - تم نشر بعض الصور في معرض يتحدث عن جرائم الحرب اعدته نقابة المحامين العراقية في بغداد- فهل يشترك بعض جنود الاحتلال في تجارة الاعضاء البشرية والتي تدر مبالغ طائلة في العراق الجديد والذي يبحث فيه عن الثراء السريع شركات امريكية ودولية كبرى ومرتزقة دوليين وسياسيون واحزاب جاءت مع الاحتلال وتطابقت مصالحها الذاتية مع مصالح الاحتلال على حساب معاناة العراقيين والآمهم. العراق الجديد مستباح وعلى كل الاصعدة , فالتعويضات العراقية والتي تنهب من اموال العراقيين تصنع اثرياء في انحاء متعددة من العالم وتصنع فقراء بائسين في العراق الجديد. وعلى الرغم من أن اسعار النفط قد وصلت الى ارقام قياسية والعراق ينتج منه كميات مجهولة في عالم المعلومة والاحصائيات والارقام الدقيقة, غير أن العراقي المطحون لا يشعر بمبيعات النفط ولا بأسعاره العالمية العالية تنعكس على الاحوال المعيشية او الخدمات الحياتية.
أن يصل الامر ببعض العراقيين ان يبيعوا اعضاء من اجسامهم او ان تبيع المرأة ابنائها لتجار الاجساد والاعراض من شدة الفقر وقسوة الضنك او ان تتم المتاجرة ببعض العراقيات عن طريق التغرير او الاجبار ثم لا نسمع من سياسي الاحتلال ولا من المراجع المهادنة لذلك الاحتلال صوتا ولا حتى همسا، يكون صدى لمعاناة الشعب المقهور وللتعديات على كرامته واعراضه وممتلكاته. بل تكون الهموم الرئيسية لتلك القوى السياسية ان تطالب وتناشد قوات الاحتلال ان لا تنسحب من العراق ولا تستجيب لضغوط الارهابيين, فإن تلك الاحزاب والشخصيات السياسية ليست من العراق في شئ اللهم الا ان تكون مخالبا للاخرين تهدف الى تمزيق العراق وتدميره بناءا وانسانا وعلما ومكانة. ان المراجع المبتعدة عن هموم الشعب والتي تصدر من الفتاوى ما يبهج لها قلوب بوش ورامسفيلد وتشيني لتصب وتتطابق مع مصالح الاحتلال ومخططاته قد تحولت الى مواجع على قلب الشعب المبتلى والمقهور. إن ما يحدث في العراق وما يعاني منه العراقيون هو مسؤولية العالم بأسره, العالم الذي يبكي ضحايا الارهاب الغربيين وبحرقة تُغير قوانين "العالم الحر" وتبدل مفاهيمه ثم لا يحرك ساكنا وهو يرى ارهاب الاحتلال وادواته يطحن العراقيين ويدمر حاضرهم ويهوي بمستقبلهم ويسلب ثرواتهم واقوات اطفالهم. الدول العربية والاسلامية خصوصا تلك التي تزعم انها تحكم بشرع الله ثم يُشترى فيها لاعب الكرة ويباع بملايين الدولارات او تلك التي تشتري وتجنس اللاعبين الاجانب وتدفع لهم المبالغ الطائلة فيما الكثير من اطفال العراق لا يجدون كسرة خبز فيأكلون او كأس ماء فيشربون, لتشترك بإثم ما يجري في العراق وهي إما غارقة في صمتها المريب او مرددة لصدى بيانات البنتاغون والداعية الى محاربة الارهاب القادم من العراق ...ربما بإفناء العراق وبالقضاء على أهله.