المراة السعودية انسان ام مخلوق اخر



زكي لطيف
2005 / 8 / 21

ساهمت النظم المختلفة والقيم الممسوخة والذهنية السائدة في بلورة واقع المرأة في مجتمعاتنا الإسلامية والمقصود هنا المرأة في الجزيرة العربية في ظل النظام السعودي بالمقام الأولى، هذه المرأة التي يدعي السلفيون أنها بارتدائها هذه العباءة السوداء القاتمة التي تحولها إلى أشبه بشبح يمشي في الطرقات والأزقة حيث لا يظهر منها حتى عينيها في اغلب الأحيان بأنها من أنبل العادات وأفضل التقاليد التي يؤيدها الدين متمثلا في سيرة زوجات النبي (ص) والصحابة ونساء آل البيت والسلف الصالح ! أرى فتيات لم تبلغن العاشرة من العمر وهن يطربلن بالكامل ويحرمن من رؤية الحياة بالعينين الأتي خلقهن الله لهن كل ذلك بعنوان غرس العفة والطهارة في نفوسهن البريئة ! إن واقع المرأة في المجتمع السعودي واقع محطم بكافة المقاييس والمعايير ، إنها مظهر صارخ لانتهاك حقوق الإنسان ، انتهاك مريع لكافة القيم الإنسانية والحضارية ، عندما تتجول في الأسواق والمنتزهات وترتاد الأماكن العامة وتمشي في الطرقات ينتابك دون شك (إلا إذا كان في ضميرك خلل ما) بان نظام عبودية فريد من نوعه يمارس هنا ، نصف المجتمع مغيب تماما عن الحياة بدعوى العفة!! ترى نساء يتسولن في الشوارع، نساء يبحثن في براميل القمامة عن علب مشروبات غازية فارغة بغرض بيعها بثمن بخس للمصانع، بينما تمنع المرأة في المقابل من شغل الوظائف في كافة مناهل النشاط الاقتصادي والتجاري بدعوى التقاليد والعادات الاجتماعية! أكثر من نصف النساء يعشن البطالة ، بعضهن يتسولن ويمارسن الدعارة والمجتمع المحافظ لا يحرك ساكناً إلا إذا امتهنت إحداهن عملا شريفا ، حينها فقط تقوم قيامة أصحاب الغيرة والحمية لينادوا بإرجاع هذه المرأة من حيث أتت وأنها بعلمها هذا سوف تنشر الرذيلة في المجتمع كما حدث في إحدى المدن السعودية عندما أغلق مطعما لتشغيله فتاتين كموظفتي استقبال أواخر العام الميلادي 2004.
لا بد أن هناك خلل ما في هذا المجتمع الذي يدعي دوما الخصوصية والتميز ، فكون أن المرأة فيه تعيش على هامش الهامش وتجبر بالقوة على ارتداء العباءة التي لا تعتبر فقط حجابا للجسد بل حجابا للعقل والروح والضمير والوجدان فان هذا يعني أن هناك قمعا لا يتصوره عقل يمارسه نصف المجتمع إلا وهو الرجل على النصف الآخر ألا وهي المرأة، وان هناك خلل خطير في النظام العام، فالمرأة وليها الرجل، والرجل وصيه علماء الدين من جهة والنظام القائم من جهة أخرى وكلا النظامين يتمسكان بالنظم والقيم السائدة كمرجعية لتنظيم شئون المجتمع سواء عبر الفتاوى أو من خلال الاجرائات المتبعة في الدوائر الخدمية وهنا تكمن المأساة التي تعيشها المرأة والتي حولتها إلى مخلوق آخر ليس بإنسان، فأي إنسان هذا الذي يسير خائفا من كل شي ؟ ما هذا الإنسان الذي يغطي جسده بالكامل؟ ما هذا الإنسان الذي يعيش مهمشاً مقموعا ليس له دور يذكر في الحياة سوى سوى كونه عبدا ذليلا مطيعا لسيده الرجل، يلبي حاجاته الحيوانية ويعتني بأطفاله الذين سيتحولون في المستقبل إلى نسخة طبق الأصل من أفكاره وانطباعاته البائسة ؟ ما هذا الإنسان الذي يستهلك كل شي وبالمقابل لا يمنح الحياة أي شي ؟
هل هذا هو الدين حقا؟ هل هذا هو الدين الذي جاء من اجل كرامة الإنسان ذكرا وأنثى؟ هل الدين يفرض على المرأة أن تعيش حياة كئيبة رتيبة كهذه؟ هل هذا هو الإسلام الذي جاء به محمد (ص) هل هذا ما تريده فاطمة بنت محمد وزينب بنت علي وسكينة بن الحسين وغيرهن من ماجدات التاريخ في الشرق والغرب؟ أسئلة كثيرة سيجيب عنها المتعنتون أسراء نظام العبودية المقيت ، أتباع السلفية المقيتة بان وضع المرأة في مجتمعنا هو ما يريده الله وان المجتمعات الأخرى تعيش الضلال ! أجوبة تدغدغ العواطف وتلهب مشاعر السذج والبسطاء من الناس، أسراء الواقع المرير الذي يمسك بزمامه الأقوياء من أرباب النفط في العائلة السعودية المالكة ! إنهم لا يريدون التغيير الحقيقي لان التغيير سيفضي إلى الحرية والحرية تعني المسائلة والمحاسبة والرقابة، تعني الاستقلال وبروز قوى يمثلها الرجال والنساء الأشداء الذين عاهدوا الحياة أن يملئوها نور وإشراق ومجدا، أنهم يريدون أن يستمر نظام العبودية حتى يظلون مسيطرين على مقدرات العباد والبلاد، من جهة أخرى ذلك الرجل المتدين ، ذلك ألذكوري الباسل ، تجسدت في أعماقه كافة مركبات البداوة والعبودية فغذت حياة العبودية مسيطرة على كافة مفاصل كيانه المتذبذب، لا يستطيع أن يتصور نفسه للحظة فاقد السيطرة على تلك المرأة سواء كانت زوجة أو أخت أو بنت، كيف لهذه المرأة أن تخرج عن سلطته المطلقة وإرادته المفتولة؟ انه لا يتصور ذلك ابذأ ، تم انه يشكو ما يصيبه من نظام آل سعود، من ظلم واهنة واستئثار بالموارد ، يندب حظه العاثر في الوظيفة والمال والحياة المرفهة ويصب لعناته على أمراء العائلة المالكة، أنهم أيها المتدين مثلك تماما لا يتصورون ابذأ أن هذا الشعب الذي يحكمونه بقبضة من حديد سيفقد منهم زمامه وسيستقل عن إرادتهم ولو قيد أنملة ، فلماذا تستنكر عليهم وتنسى ذاتك التي تنهل من نفس ألكاس، كاس الطغيان والعنجهية ، ينقل عن النبي الكريم (ص) انه قال (كيفما تكونوا يولوا عليكم ) إنها إذا معادلة واحدة ونظام واحد يسيطر على حياة هذا المجتمع البائس ، إنها العبودية بكافة ما تحمله من معنى وحقيقة سوداء في زمن القهر والاستعباد.