الإخوان المسلمون ديمقراطيون و أصدقاء المرأة جداً جداً



باسل ديوب
2005 / 8 / 25

في إحدى أماسي الأحد قبل أن تناله الغضبة البعثية، عرضنا في النادي السينمائي الطلابي في جامعة حلب الفيلم الفرنسي ( وخلق الله المرأة )* . والفيلم الذي أحدث ضجة في فرنسا الخارجة للتو من الحرب العالمية الثانية لا يزال راهنياً جداً إذ يعرض في بلد مثل سورية ، و خلال قراءتي لمقالة الأستاذ خالد الأحمد (المـرأة في مشـروع الإخوان السياسي ) المنشورة في كلنا شركاء تذكرت تلك الأمسية والحوار الساخن الذي دار عقب الفيلم، وقبل أن أعلق على مقالته سأنقل لكم المشهد : تذهب المرأة التي أغوت سلفها (الذي لم يقصّر معها!) و هو حبيبها السابق الذي أعرض عن الزواج منها فتزوجت شقيقه فيما بعد، للرقص في البار رقصة زنجية حارة جداً مع أفارقة ، الأم والأخ ( الذي ضاجعها وحبيبها الغادر بها) يضغطان على الزوج العاشق لتطليقها فقد دنست شرف العائلة بترددها إلى البار ومراقصتها للرجال، لا يقتنع الشقيق الأصغر بهذا السبب حتى يرمي الشقيق الأكبر حجته الدامغة : طلقها يا أخي لقد ضاجعتني ولن تتوانى عن مضاجعة أي غريب !!!!
فيا للأخلاق الرفيعة ،تستثار حمية الزوج ويسرع باتجاه المرقص في هذه اللحظات كان جمهور النادي ( الذكوري بطبعه ) قد أوقف تنفسه ودقات قلبه مع الرقصة الرائعة لبريجيت باردو كان صمتاً مهيباً يليق بذروة ميلودرامية أو تراجيدية لا برقصة إفريقية صاخبة ، قبل أن يدخل الزوج ويصفع زوجته فتضج الصالة بتصفيق حاد أين منه التصفيق في المناسبات القومية والمؤتمرات الحزبية.
كان نموذجاً حقيقياً وصادقاً للتصفيق الحاد الذي كانوا يذكرونه في الإعلام السوري . أساساً أنا لم أسمع تصفيقاً حاداً في حياتي إلا في ذلك اليوم ، الموقف فجر فينا ضحكاً ( حاداً ) فبعد أن استمتعوا بالرقصة لدرجة نشفان الريق ، صفقوا بحرارة للصفعة الشرفية.
وكان ملفتاً أن الأكف الملتهبة كانت أكف الذكور فقط ولكم أن تتخيلوا المشهد الأهم : نصف يصفقون ، ونصف يشعرن بمرارة الصفعة و لا أخلاقيتها، وبتحول الأكف المصفقة إلى صفعات متواترة على خدودهن ذات اليمين وذات الشمال ،وأن تحسوا بمشاعر الإناث الحاضرات وقد عبرت إحداهن عن أنها فكرت في تلك اللحظة بصفع صديقها الذي ألح عليها لحضور الفيلم وصفق بحرارة شديدة معلقاً : لك الله حيّك !!
الحديث عن المرأة وحقوقها لا ينفصل إطلاقاً عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وكان حرياً بكاتبنا الذي يسوق للمشروع الحضاري لجماعة الإخوان المسلمين اللاحقين بركب الديمقراطية حديثاً أن يعلن مواقفهم الضمنية بل الحقيقية كسلفيين من حقوق المرأة كما نصت عليها شرعة حقوق الإنسان بما فيها حرية اختيار الزوج وهل سيقبلون بالزوج غير المسلم للمرأة المسلمة ؟؟
لا يعنيني الرد في هذا الموضع على مشروع الإخوان إنما سأشير إلى جملة أغاليط تقليدية بحق المرأة – الإنسان و إلى البنية المفاهيمية الذكورية التي تنتجها ،
حسناً كان استشهاد الاستاذ خالد (تطرق مشروع الإخوان السياسي للمرأة في الصفحة 48 : وخلاصة ما جاء عنها :
1ـ في لغتنا العربية نقول إنسان للرجل ، وإنسان للمرأة . [ وهذا إشارة إلى المساواة المطلقة في أصلها ومكانتها ووجودها ، مساواتها مع الرجل ] .
قال تعالى ] يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ، وخلق منها زوجها ... [ فالأصل واحد . يتماثلون في وحدة الجوهر ، ويتماثلون في استقلال الشخصية الإنسانية للمرأة كما هي للرجل ، ويتماثلون في حمل أمانة التكليف ، والتكليف الرباني تشريف للإنسان . )
لكن هل هم يبنون على هذه المقدمة الرائعة التي تساوي بالمطلق بين البشر بناء حقيقياَ أم أنها مقدمة إنشائية تغالط كل اجتهادات القدماء والمعاصرين من الفقهاء والمنظرين الدينيين ،
أو كما هو حال الديمقراطية في المشروع هبة إسلامية إلهية للعالم الجاهل مكنته من بناء الديمقراطية والدولة التعاقدية و اختراع صناديق الاقتراع ، و هل سينتخبون سيدة فاضلة في يوم من الأيام قريب ،مرشداً عاماً لجماعة الإخوان المسلمين في سورية !؟!؟!؟
لم نؤنث المرشد ، فاللغة ذكورية عبر ألف و خمسمائة عام لكن في التغيير اللغوي وكسر القواعد التمييزية مدخل مهم لنزع الهيمنة الذكورية التاريخية .
وهل هم مستعدون لمراجعة القوانين السورية ( ومراجعة فهمهم للشريعة ) على ضوء شرعة ومواثيق حقوق الإنسان ؟؟
فيقرون بحق المرأة المطلق كإنسان في اختيار زوجها كحق بسيط تجاوزته نحو المثلية الجنسية كثير من الديمقراطيات الغربية التي يحاكونها في آلية صندوق الاقتراع والأكثرية العددية ؟!؟!؟
ويقودون النضال المجتمعي في سورية قبل العلمانيين والمنظمات النسائية أو معها لتعديل قانون الأحوال الشخصية وتوحيد الأحوال الشخصية لجميع السوريين بكل مذاهبهم ودياناتهم ، ولا بأس أن يكون مرجعهم في ذلك الشريعة الإسلامية كمصدر أول ورئيس مع فتح باب الاجتهاد وإعمال فكرة التاريخانية في تعاملهم مع النصوص، وحتى القيام بهذا وهو حلم، أتمنى أن يسبقوا السلطة السورية التي لن ترفع حالة الطوارىء ويباشروا هم برفع حالة الطوارئ التي يطبقونها على المرأة بكل سرور وغبطة وراحة ضمير كالسلطة .
فالأستاذ خالد يصر على حق الفتاة في التعلم كحالة متقدمة وديمقراطية يمنون المرأة بها ، وعلى هذا يدعو إلى توفير باصات لنقل الفتيات إلى مدارسهن حتى لا يراهن الذين في قلوبهم مرض ويغوونهن !!! ويتكرر مصطلح الذين في قلوبهم مرض أكثر من مرة أليست هذه حالة طوارىء فاقعة، يجب حماية النساء ورسم مسارات تحركاتهن اليومية – الموافق عليها والمرخصة مسبقاً - حتى لا يراهن الذين في قلوبهم مرض وماذا لو حصل ورأوهن يعني هل سيحصل ما يسمونه الزنا البصري !!!
(وباصات تنقلهن إلى مدارسهن ، في مأمن من عيون الذين في قلوبهم مرض )

وإذا كانوا كحالة لا يزالون محتفظين بهذه الأنساق لماذا لا يفاخرون بها ويتركونا من قصة الديمقراطية وحقوق الإنسان و المشروع الحضاري.
المرأة جسد بالنسبة إلى حاملي هذا الفكر اللاإنساني ، لا لذاته بل كبضعة منهم ، عليهم واجب ( السك ) عليه خوفاً من -الذين في قلوبهم مرض - ولكن الذين في قلوبهم مرض قد يستثاروا من صوت المرأة فكيف ستحل مشكلة الزنا السمعي؟؟
ولنبحث منذ الآن إذن في إقامة مجتمعين منفصلين للنساء وللرجال .
عمل المرأة : يورد الأستاذ من ذاكرته التربوية قصة لكنه لا يوصلنا بها إلى موقف إنساني عادل
ما ذكره صحيح و هو جزء من الحقيقة التي سنكملها ونعيد عرضها بعد أن نوضح أن العمل المقصود في مصطلح (المرأة العاملة ) هو العمل المأجور الذي يضع المرأة في مركز اقتصادي حقيقي لا تبعي و يكفيها العوز للرجل أو الغير أيا كان، و نضيف على كلامه أن المرأة (عاملة ) في الحقيقة أسرياً ضعفي الرجل وأحياناً ثلاثة
فهي تنهض بعبء الإنجاب وديمومة النسل هل لنا أن نقيم هذا العمل مادياً قياساً بالبقرة ؟؟؟ لنرى أي إجحاف وعبودية ترزح تحتها المرأة وهي تقوم بوظيفة الإنجاب ثم العمل بثلاث ورديات لتربية الأطفال والخدمة المنزلية ونتمنى لو أن الرجال أمثال خالد الأحمد احتسبوا لها أجر خادمة سيريلانكية ( وهو اجر بخس في بلادنا ) يبقى في ذمة الزوج كتأمين يدفعه مع فوائده عندما يطلقها أو يحتسب لها كدين في ذمته عندما يتوفى عنها،
وإذا كانت المرأة عاملة خارج المنزل فستصبح وظائفها خمس إنجاب وتربية + 3 ورديات خدمة منزلية + خدمات جنسية متفرقة .( هذه الخدمات مجانية أو مبتغاة لرضا الله أو تجنباً للعنة الملائكة ) وما رأي الأستاذ خالد بما يروى عن الرسول محمد (ص) أنه قال : من دعا امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح .ّّّّّّّّّّّ!!!!!! أليس في هذا تكريس لذ كورية تجعل من المرأة مستودعاً للذة يغرف الرجل منه تحت طائلة المساءلة الملائكية بحق المرأة عند – التمنع - ومفهوماً شديد التخلف للجنس والجسد والتعبير عن احتياجاته .
وبعد كل هذا العمل المجاني يمكن أن تطلّق ( وبيقشطلها من المؤخر فقضاة الشرع عندنا كغيرهم من القضاة يرتشون أيضاً وذمتهم واسعة )
وإذا رأى القاضي أن طلاقها يلحق بها أذى بالغ أو فاقة فإنه يحكم لها بما لا يتجاوز نفقة ثلاث سنوات ، حسب القانون السوري الذي ينعته الإسلاميون السوريون رغم ذكوريته الشديدة بأقذع الصفات ويعدونه قانوناً مدنياً (شتيمة عندهم ) و غير شرعي فإذا كان هذا نموذج لمواد قانون أحوال شخصية ترفضونه فأي قانون سيولد على
أيديكم إن تمكنتم كما فعل أشقاؤكم في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ؟؟ عندما ألغوا قانون الأحوال الشخصية العراقي الذي صدر أثناء حكم عبد الكريم قاسم في قرار شقيقكم عبد العزيز الحكيم رقم 137 إبان دورته الشهرية في رئاسة مجلس الحكم في العراق المحتل .
ما جعل قياديات (كلهن قياديات لا يوجد كوادر ) منظمات المجتمع المدني النسائية في العراق المحرر ينحن و يلطمن الخدود ويشققن الجيوب في حضرة بول بريمر لإلغائه.
حسناً نتخيل ما الذي يمكن أن تقولوه : نحن كذا وأغلبية وهذه شريعتنا واتركوا تلك الفئات على كيفها ليس لدينا مانع أن يكون لكل جماعة دينية ومذهبية قوانينها الخاصة بما يتناسب مع أمورها الاجتماعية ...... تعددية يعني !!! وسنرى حدائق للنساء وأخرى للرجال – الذين في قلوبهم مرض – وحافلات للنساء وأخرى للرجال– الذين في قلوبهم مرض –
الكثيرون يخشون من تمكن الإخوان فتضيع الحريات الاجتماعية علاوة على عدم الفوز بالحريات السياسية ،
أؤكد على أن قضية المرأة هي قضية عدالة و حقوق إنسان حصراً ولا يمكن الحديث عن حقوق إنسان بكل مستوياتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية من دون الإقرار دون تلكؤ ومناورة بالمساواة المطلقة قانونياً و دفع النضال النسوي بقوة لهدم هذه الهوة السحيقة التي تفصل النساء عن الرجال والذي نجد رائزه الأمثل في الاقتصاد وقبل السياسة ، فالنساء عبر الكرة الأرضية لا يملكن أكثر من 1% من ثروات الإنسانية رغم أنهن يقدمن أهم شيء وهو استمرا ر النسل والحياة.
آلاف السنين من قهر النساء تموضعت تعبيراتها في أنساقنا الثقافية واللغوية والاجتماعية والسلوكية والدينية والقانونية وهدم هذه الهوة السحيقة التي تفصل نصف المجتمع عن نصفه الآخر يتطلب وقف التمييز ومساواة المراكز القانونية لكلا الجنسين تماماً ،
في العراق الديمقراطي الجديد وضعوا كوتا للنساء فأصبحنا نرى عيوناً
( كعيون المها بين الرصافة والجسر ) تعرّف مساحةً من القماش الأسود أنها تعني أنثى و الأنكى أنها حصراً أم أخت كنة ابنة قريبة خليلة عشيقة من قدم على الدبابة الأمريكية.
هؤلاء تحدثوا عن العراق الموحد والشرعية التعاقدية والدولة المدنية وصناديق الاقتراع ، والديمقراطية وتمكين المرأة و.. و.. و... ثم فلجوا العراق فلوجةً .