سلامة موسي والمرأة المصرية «ج١»



مني يسري
2014 / 10 / 25

إنك تحيين علي الأغلب70او80 عاما فلماذا تحيينهم فى قبو لاتخرجين منه إلا الي القبر ؟! )))

هكذا نادي سلامة موسي المرأة المصرية فى مستهل القرن العشرين مستفزا فيها إنسانيتها التي أخمدها وسلبها منها المجتمع الذكوري الذي عاشت فيه المرأة المصرية آنذاك ...
يعد المفكر المصري سلامة موسي أكثر من إهتم بقضية المرأة متأثرا بذلك أشد التأثر فى الحركة التحررية النسائية فى القرن العشرين التي أعقبت الثورة الصناعية بشكل ملحوظ ، فقد إهتم بحق المرأة فى التعليم والإنتاج والعمل بشتي المجالات ، وكذلك استقلالها الأقتصادي ... ومما قاله سلامة موسي :- ((( علي المرأة أن تحيا حياتها لنفسها ثم لمجتمعها ثم لزوجها وأبنائها ؛ كما علي الرجل أن يحيا حياته لنفسه ثم لمجتمعه ، ثم لزوجته وأبناؤه ، فالرجل لايتخصص للزواج وكذلك المرأة يجب ألاتتخصص للزواج ذلك لأن حياتنا نحن الرجال والنساء أثمن وأغلي من هذا وأرحب من أن يحتويها هذا التخصص وحده وليس من حق أحد فى الدنيا أن يقول للمرأة عيشي فى البيت طيلة حياتك ، ثمانين أو تسعين عاما لاتختلطي بالمجتمع ولاتؤدي عملا مناسبا وإنما إقصري كل جهودك وقوتك ووقتك علي الطبخ والكنس وولادة الأطفال ، لأن المرأة العصرية أرحب آفاقا وأكثر اهتماما من أن يستغرق المنزل حياتها )))..
إن إيمان سلامة موسي بقضية المرأة هو إيمانه بقضايا المجتمع ، العدل ، المساواه والحياه الكريمة فى ظل مجتمع متناغم الأركان ...
فيعتبر أن قضية المرأة ومساواتها بالرجل تعني الرجل مثلما تعني المرأة حيث ؛ حين تكون الزوجة ، الأبنة ، الأخت ، والأم فى عداد المنصوفات سيحيا الرجال فى ظل مجتمع متناغم صحيح ، أما المجتمع الذي يقصي نصف أفراده إلى زوايا الإهمال إنما هو مجتمع مريض ، يعاني من التأخر فى شتي جوانب الحياه (اجتماعيا ، اقتصاديا ) حيث أن نصف قوته البشرية معطله ، إنما هي تحيا عبئا علي النصف الاخر !
فهو كمن يصفق بيد واحدة لاتقوي علي القرع أبدا !
لقد كان أول مادعا له الكف عن امتهان المرأة وحقها فى العمل والإنتاج ودعا لكون اعتبارها قوة عاملة يجب الإستفادة منها فقال :- (( إن كل إمرأة فاضلة يجب أن تعمل وأن تحس أنها تنتج للمجتمع أكثر مماتستهلك ؛ ولست أنسي من هذا أن إنتاج الأبناء هو أعظم أنواع الإنتاج وأشرفه علي الإطلاق ولكن المرأة لاتقضي عمرها كله أو معظمه فى هذا الإنتاج ، أو هي قد تكون عاقرا ، فلم نحرمها أنواع الإنتاج الأخري ؟!! ))..
إن مانادي به سلامة موسي من قيم كان المجتمع المصري فى أشد الإحتياج لها فى وقت عانت فيه المرأة المصرية من التهميش والقصر والخضوع لسطوة الرجل ورغباته !
إن قوة المرأة وعملها وإنتاجها المادي والفكري لهو السبيل الأول لتحيا حياة سعيدة لنفسها وبناء عليه تسطيع إسعاد زوجها وأطفالها !
لقد نعتت المرأة علي مر العصور ؛ وفى عدة ثقافات بالقصور العقلي والنقص البشري ، وكان هذا المبرر لبقائها قابعة بين الجدران منفصمة عن الواقع والحياه العامة ، ومن أين تأتي المرأة التي لاتتخطي تجولاتها بين غرف المنزل وطوابقه ، ولا تتخطي احتكاكاتها سوي بأواني الطهي ومثيلاتها من النساء المقهورات الغبيات ، اللاتي يقبعن بين أواني الطهي وأكوام الغسيل بالذكاء والحكمة !
إن التعليم والعمل والإنتاج المادي والفكري والإحتكاك بالحياة العامة وممارسة النشاطات الإجتماعية المختلفة وحده القادر علي صقل عقل المرأة وشحذ ذهنها ، وامدادها بالذكاء الفكري والإجتماعي الذي يليق بمكانتها الإنسانية ، ويخلصها من شذرات الجهل والرجعية والتخلف الذي فرض عليها فرضا ...!
والجدير بالذكر هنا ماجاء علي قلم العالم الجليل “ رفاعه الطهطاوي ” فى كتابه " المرشد الأمين للبنات والبنين " ..
{ ينبغي صرف الهمة فى تعليم البنات والصبيان معا ، لحسن معاشرة الأزواج فتتعلم البنت القراءة والكتابة والحساب ونحو ذلك فإن هذا ممايزيدهن أدبا وعقلا ويجعلهن بالمعارف أهلا ويصلحن به لمشاركة الرجال فى الرأي والكلام ؛ فيعظمن فى قلوبهم ويعظم مقامهن لزوال مافيهن من سخافة عقل والطيش ، مماينتج من معاشرة المرأة الجاهلة لامرأة مثلها } .
ومن هنا يجدر بنا القول إن كرامة المرأة ومحاسنها إنما تتحدد بما تحمل من علم وفكر وبماتقدمه من إنتاج مادي ، فكري للمجتمع ، وبما تحققه من استقلال اقتصادي ، ولتعلم كل النساء أن محاسنها الجسدية الزائلة لاتضاهي محاسنها المعنوية من الذكاء والعقل والقدرة علي العمل والإنتاج ، وهي لاتخش إذن أن يفوتها مايسمي «بقطار الزواج » ...
حيث أن لها أهدافا أسمي فى الحياة تسعي لتحقيقها ؛ وهي حين تختار زوجا سيكون لديها من الفطنة والذكاء مايؤهلها لأختيار الرجل الصحيح ؛ الذي ترتقي به ومعه بنفسها ويكون حينها شريكا لها فى الحياة لاسيدا عليها ولارئيسا فوقها !
والحق أن أمام النساء باع طويل من العراك من أجل انتزاع حقوقهن والظفر بها ، الحق بأن تحيا إنسان كامل الحقوق والواجبات ، لا جسد وآلة لإنتاج الخام البشري ...
ومن المؤسف بحق أن ينادي بتلك القيم سلامة موسي ممايزيد علي نصف قرن من الزمان ولاتزال لليوم فى القرن الواحد والعشرين مايزيد علي نصف نساء مصر يقبعن تحت فيروس الأمية الساحق لإنسانية البشر !
ومن هنا تزداد مسؤلية المرأة المثقفة نحو نظيرتها التي لم تظفر بحقوقها بعد فى مساعدتها لاكتشاف نفسها وللظفر بحقها الإنساني فى التعليم والعمل والإنتاج ، بما يليق بمكانتها الإنسانية ؛ كإمرأة مصرية فى القرن الحادي والعشرين ، من حقها أن تلحق بركب الإنسانية ...
ولايزال المجتمع مريضا ، عاجزعن تحقيق الحياة الكريمة لأبناؤه مادام يقصي عامدا نصف قوته البشرية ، بل ليعش هذا النصف عبئا وعالة علي النصف الآخر ولايقدمن للمجتمع سوي كائنات بشرية جديدة تزيد من عبء الدولة ، وتزيد من تخلف المجتمع بأكثر مماهو عليه ، لأنهم سيحملون ذات الثقافة العقيمة التي يحملها الآباء والأمهات..!
فلتثوري أيتها المرأة ولتعلمي أن لكي حقوقا عليكي انتزاعها من بين أنياب الذئاب ..
وللحديث بقية ...!