عبرنا من هنا



دارين هانسن
2014 / 10 / 28

لا أشعر برغبة في شيء حتى لا رغبة لي بعبور تلك الغيمة التي تسقط فوق أكتافي وأنا أتسلق ذاك الجبل العنيد، لا رغبة لي إلا بتصويرها بعيدة كي أعطي وقت أكبر لحلمي كي يعيش
ليست السعادة هي تلك الضحكات التي تزين شفاهنا أمام العابرين ، بل إنها ذاك النبض القوي الذي يهز قلبك فتقفز من أعلى الجبل راكضا مهرولا مولولا بكلمات حتى قواميسك عاجزة عن فكها! لا رغبة لي في شيء
انزلاق بسيط هوة كبيرة ركضت فيها أتخيل أنني سأصل بعدها إلى القمة لكنها فقط انحطاط أخر وسقوط أعمق، حبات مطر صغيرة تهبط ببطء فوق جبيني وأصوات لا أفهمها تختبئ بين تلك الصخور الرمادية والانبساط البني أمامي، وقفت فجأة أنظر إلى ذاك العلو الذي سأعبره، لا نقطة ماء في القنينة، تبا! أصوات يافعة تصرخ وحيدة تهمس في الفراغ في الخلاء الذي أعبره، جثة تتمدد أمامي تضحك بطريقة هستيرية وتلتوي تمسك معدتها بيد واليد الأخرى تمسك بجثة طفل نائم، لا رغبة لي في سؤالها عما تريد، لا رغبة لي في صعود ذاك الفسح العالي
سحبت نفسا أخر من سيجارتي وأنا أنظر إلى تلك الغيمة بحقد كبير فقد غطت علي مناظر أتيت لرؤيتها تحركت قليلا فانزلقت رجلي قليلا، شيء ما مسك بها وصرخ بصوت لم أفهمه
حاولت أن أخلص رجلي ويدي تحاول الوصول إلى جذع الشجرة صرخ مرة أخرى ، أنا جثة الأن أنا جثة! ارتعبت قفزت فسقطت وسقطت تلك اليد عن رجلي وصوتها يهوي أنا جثة!
أعرف ذاك الصوت، قلت في نفسي خوفا من أن تسمعني تلك الجثة فتضحك فرحة، أعرف ذاك الصوت! المطر يزداد وكل ما أفكر فيه الأن هو طبق من الباستا مع الجبنة والفلفل الأسود والأوريغانو، رجلي الأخرى وجدت مكان تستقر فيه فحاولت أن أعرج بجسدي كي أصعد مرة أخرى! صوت طفل يضحك ارتفع فجأة فلم أعد أسمع صوت أجراس أغنام الراعي الأن أشعر بالوحدة والخوف، تبا لذاك الصوت! تبا لك صرخت بأعلى صوتي اخرس، ناداني باسمي قال لي هل تذكري أخر مرة رأيتك فيها منذ ثلاث سنوات الأن كبرت وصرت أستطيع أن أراك في كل مكان قهقه وقهقه وأنا أصرخ
على يميني كان يوجد مجرى نهر جاف ركضت وركضت وأنا أتعثر بالجثث ، أسقط أحيانا فتساعدني جثة ما على الوقوف أصرخ فتضحك والصخور الرمادية تملأ المكان. جميلة تلك الصخرة التي ترتفع عاليا وحيدة اختارت لنفسها أفضل موقع، لا لن أذهب أخاف أن ألاقيهم كلهم هناك، أه اللعنة عليهم سأذهب، حملت حقيبتي على ظهري رميت الأغراض التي لا تلزمني منها على يميني وشمالي، صوت أخر قال شكرا، ركضت وصلت إلى تلك الصخرة المطر يزداد صمت مخيف هنا، يا ربي أيتها الطبيعة الحقيرة ماذا أفعل، جلست أدخن، أغنية جميلة بدأت كلماتها تعلو وتعلو وشعور بالأمان صار يخيفني، ماذا حدث لي، لا شيء حولي سوى الصخور الرمادية والسفح والجبال البنية من يغني، أتكون تلك الشجرة الوحيدة هناك، لا ليس واحدا من يغني هم عشرات مئات لا لا لا عشرات الألاف، استسلمت للموت لا آبه للخوف سأسمع الأغنية وأتمتم معهم، أصوات أعرفها تقترب أكثر من سمعي نظرت خلفي، ألاف الجثث تحمل الورود البيضاء تقف! للحظة لم أشعر بشيء فاجأني عدد الأطفال بينهم، لم أخف الأطفال أضعف مني إذا لا داعي للخوف فحيث يكونوا يكون الأمان، عبروني بلحظة وأمواج من الجثث تتوافد، قفزت من أعلى الصخرة تعثرت سقطت فعاودت الوقوف نطرت خلفي رأيتهم يبتسمون ويلوحوا مودعين، لوحت لهم بيدي وأنا أركض في ذاك المجرى الخالي من الماء المليء بالصخور، بين الفينة والأخرى أنظر خلفي وهم يبتعدون يرمون بأوراق سوداء تتطاير فوقي وتملأ ذاك المجرى وأنا أركض أسقط فأعاود الوقوف نظرت إليهم للمرة الأخيرة اختفوا ليسوا خلفي، هممم تنفست بعمق ونظرت أمامي كي أمشي رأيتهم يشكلون سدا ويحملون أوراق وكلمات، لكي أعبر علي أن احمل ما استطعت منها والباقي سينثرونه فوق مسمعي وأنا أركص في ذاك الانحدار الجبلي
حرية موت أم جنس سفر دراسة لعبة باربي حمالة سيارات رافعة أثقال سندويشة واحدة فقط
رسائل شهادة نصر أركض فتصدمني تلك الكلمات تفقدني توازني أعدها على أصابعي كي أتذكرها فإذ بكلمة أخرى ترطم رأسي واحدة ترتطم بكتفي فأسقط وأهوى إلى الأسفل، والصوت الوحيد الذي بقي هو صوتي يلعن الجبل وصدى كلمة *لا* يتردد رغما عني
بين السقطة والأخرى صوت يرتبط مع الصورة في رأسي هو هاني سأخبر أمه بذلك، سعيد سأعطي كلماتك لحبيبتك، نوارة آه نوارة أصرخ باسمها إلى أن ارتكزت يدي على صخرة ثابتة فاستطعت أن أتشبث بها جثوت على ركبي ألتقط أنفاسي، كل تلك الجثث اختفت والأصوات ابتعدت نظرت خلفي الشارع الرئيسي ورائي بزحمة سياراته بيننا بعض الأمتار الكافية كي ألقي تحية الوداع، سحبت رجلي أجفف الدم الذي نزف بينما أولع سيجارة، أشعر بالأمان الأن، أغمضت عيني محاولة أن أفهم ما جرى شيء يدغدغ رجلي، آخ صرخت، هصص لست جثة بعد، لكن عليك أن تسرعي كي تساعديني بإقناعهم على صياغة عقد الزواج وإلا سأصبح جثة من نوع أخر وشهيدة حب محرم بين السنة والعلوية، وضعت حقيبتي على رجلي أخرجت هاتفي منها، سبع مكالمات فائتة وثلاثة رسائل!
إنها هي تتصل بي، في الرسالة الأولى تطلب مني أن أتصل وفي الرسالة الثانية تطلب مني أن أتصل! في الرسالة الثالثة كانت أختها تكتب من هاتفها تعالي إلى المشفى الفلاني، قد نجت هذه المرة من محاولة الموت ويلزمنا الأن محاولة إقناع رجال الطوائف بأنه هناك غنائم أكثر من المؤخرات الجميلة! أنهت الرسالة مع ابتسامة، ابتسمت أنا أيضا
مشيت بهدوء باتجاه الشارع العام، في الأمتار الأخيرة وجدت حجر منقوش عليها قلب، هذا قلبي إذا! الأن فهمت لماذا لا أرغب في شيء، أخذت قلم فلومستر من حقيبتي وكتبت فوق ذاك القلب (عبرنا نحن من هنا أيها الفارغ)
في المشفى ابتسمت لي، الحبوب لم تقتلها ومازالت ستحارب من أجل حبها السني طائفتها العلوية